المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تفسير قوله تعالى: (وجاءه قومه يهرعون إليه) - تفسير القرآن الكريم - المقدم - جـ ٨٥

[محمد إسماعيل المقدم]

فهرس الكتاب

- ‌ هود [50 - 83]

- ‌تفسير قوله تعالى: (وإلى عاد أخاهم هوداً قال يا قوم اعبدوا الله)

- ‌تفسير قوله تعالى: (يا قوم لا أسألكم عليه أجراً)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه)

- ‌تفسير قوله تعالى: (قالوا يا هود ما جئتنا ببينة)

- ‌تفسير قوله تعالى: (إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء)

- ‌تفسير قوله تعالى: (إني توكلت على الله ربي وربكم)

- ‌تفسير قوله تعالى: (فإن تولوا فقد أبلغتكم ما أرسلت به إليكم)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ولما جاء أمرنا نجينا هوداً والذين آمنوا)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وتلك عاد جحدوا بآيات ربهم وعصوا رسله)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وأتبعوا في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وإلى ثمود أخاهم صالحاً)

- ‌تفسير قوله تعالى: (قالوا يا صالح قد كنت فينا مرجواً قبل هذا)

- ‌تفسير قوله تعالى: (قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ويا قوم هذه ناقة الله لكم آية)

- ‌تفسير قوله تعالى: (فعقروها فقال تمتعوا في داركم ثلاثة أيام)

- ‌تفسير قوله تعالى: (فلما جاء أمرنا نجينا صالحاً والذين آمنوا)

- ‌تفسير قوله تعالى: (كأن لم يغنوا فيها ألا إن ثمود كفروا ربهم ألا بعداً لثمود)

- ‌الكلام على التنقيب عن الآثار القديمة وأهدافه

- ‌تفسير قوله تعالى: (ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى)

- ‌تفسير قوله تعالى: (فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وامرأته قائمة فضحكت فبشرناها بإسحاق)

- ‌تفسير قوله تعالى: (قالت يا ويلتى أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخاً)

- ‌تفسير قوله تعالى: (قالوا أتعجبين من أمر الله)

- ‌تفسير قوله تعالى: (فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى يجادلنا في قوم لوط)

- ‌تفسير قوله تعالى: (إن إبراهيم لحليم أواه منيب)

- ‌تفسير قوله تعالى: (يا إبراهيم أعرض عن هذا)

- ‌ما يستفاد من قوله تعالى: (ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى عذاب غير مردود)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ولما جاءت رسلنا لوطاً سيء بهم)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وجاءه قومه يهرعون إليه)

- ‌تفسير قوله تعالى: (قالوا لقد علمت ما لنا في بناتك من حق)

- ‌تفسير قوله تعالى: (قال لو أن لي بكم قوةً أو آوي إلى ركن شديد)

- ‌تفسير قوله تعالى: (قالوا يا لوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك)

- ‌تفسير قوله تعالى: (فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها)

- ‌تفسير قوله تعالى: (مسومة عند ربك وما هي من الظالمين ببعيد)

الفصل: ‌تفسير قوله تعالى: (وجاءه قومه يهرعون إليه)

‌تفسير قوله تعالى: (وجاءه قومه يهرعون إليه)

{وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ} [هود:78].

كيف لا يشتد عليه والشيء الذي كان يخافه قد حصل؟! وذلك كما في قوله تعالى: ((وجاءه قومه يُهرعون إليه)) أي: يسرعون كأنما يدفعون دفعاً، وقرئ مبنياً للفاعل:(يَهرعون إليه)((ومن قبل)) أي: من قبل مجيئهم.

((كانوا يعملون السيئات)) أي: الفواحش، ويكثرون منها، فهم قد مرنوا عليها، وقل عندهم استقباحها، فلذلك جاءوا مسرعين مجاهرين لا يكفهم حياء، فالجملة (ومن قبل كانوا يعملون السيئات) معترضة لتأكيد ما قبلها.

وقيل: إنها بيان لوجه ضيق صدره، أي: لما عرف لوط عادتهم في عمل الفواحش قبل ذلك.

ثم قال لهم لوط: ((هَؤُلاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ)): أراد أن يقي أضيافه ببناته، وذلك غاية الكرم.

أي: فتزوجوا هؤلاء البنات.

أو ((هؤلاء بناتي)) باعتبار أن النبي يكون أباً لأتباعه فيقصد النساء عموماً.

أو كان ذلك مبالغة في تواضعه لهم وإظهاراً لشدة امتعاضه مما أوردوا عليه، طمعاً في أن يستحيوا منه، ويرقوا له إذا سمعوا ذلك، فيتركوا ضيوفه.

والظاهر أنه عليه السلام كان واثقاً بأن قومه لا يؤثرونهن بوجه ما، يعني: مهما أطرى وأطنب وشوق ورغب، فكان إظهاره وقاية ضيفانه وفداءهم بهن، مع وثوقه المذكور وجزمه مبالغة في الاعتناء بحمايتهم، فهو بذل كل ما يستطيع من أجل حماية ضيفانه، مع أنه كان آيساً من أن يستجيبوا لنصيحته، لكنه قال ذلك قياماً بالواجب في مثل هذا الخطب الفادح الفاضح الذي يدوم عاره وشناره، من الدفاع عنهم بأقصى ما يمكن، لكي لا ينسب إلى قصور، وليعلم أن لا غاية وراء هذا لمن لا ركن له من عشيرة أو قبيلة، فهو ما ترك سبيلاً يحمي به ضيفانه إلا سلكه، ومنها: أنه حرضهم على الزواج ببناته وقاية لضيفانه.

وقوله: ((هن أطهر لكم)) هذا من التشويق على مرأىً من ضيفانه ومسمع، وفيه ما فيه من زيادة الكرم والإكرام ورعاية الذمام.

وبالجملة فهو ترغيب بمحال الوقوع باطناً، وإعذار لنزلائه ظاهراً، والله تعالى أعلم.

أي: إذا نطق بهذا الكلام أمام نزلائه وضيفانه يكون قد أعذر نفسه أمامهم، وأنه لم يقصر في حمايتهم.

وفي هذا إرشاد إلى التطهر بالطرق المسنونة وهي النكاح، وإشارة إلى تناهي وقاحة أولئك بما استأهلوا به أخذهم الآتي.

((فاتقوا الله)) أي: أن تعصوه بما هو أشد من الزنا خبثاً؛ لأن هناك داعية فطرية وطبيعية تدفع إلى الزنا، أما فعل فاحشة قوم لوط فهو أمر تنفر منه الفطرة، فهو أشد خبثاً من الزنا.

((ولا تخزون في ضيفي)) أي: ولا تهينوني وتفضحوني في شأنهم؛ فإنه إذا أهين ضيف الرجل أو جاره، فإن الخزي يصيب الرجل نفسه لأنه لم يحم ضيفانه، وذلك من عراقة الكرم وأصالة المروءة.

(تخزون) مجزوم بحذف النون، وياء المتكلم محذوفة واكتفى عنها بالكسرة، وقرئ بإثباتها:((ولا تخزوني في ضيفي)).

((أليس منكم رجل رشيد)) أي: فيرعوي عن القبيح ويهتدي إلى الصواب.

ص: 30