المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تفسير قوله تعالى: - تفسير القرآن الكريم - المقدم - جـ ٨٨

[محمد إسماعيل المقدم]

فهرس الكتاب

- ‌ يوسف [51 - 82]

- ‌تفسير قوله تعالى: (قال ما خطبكن إذ راودتن يوسف عن نفسه)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء)

- ‌قوة عفة يوسف عليه السلام وحفظ الله له

- ‌تفسير قوله تعالى:

- ‌تفسير قوله تعالى: (قال اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وكذلك مكنا ليوسف في الأرض وكانوا يتقون)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ولأجر الآخرة خير للذين آمنوا)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وجاء إخوة يوسف فدخلوا عليه)

- ‌تفسير قوله تعالى: (فإن لم تأتوني به فلا كيل لكم عندي ولا تقربون)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وقال لفتيانه اجعلوا بضاعتهم في رحالهم)

- ‌تفسير قوله تعالى: (فلما رجعوا إلى أبيهم قالوا يا أبانا منع منا الكيل)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ولما فتحوا متاعهم وجدوا بضاعتهم ردت إليهم)

- ‌تفسير قوله تعالى: (قال لن أرسله معكم حتى تؤتون موثقاً من الله)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وقال يا بني لا تدخلوا من باب واحد)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ولما دخلوا من حيث أمرهم أبوهم)

- ‌المسلمون أولى بالأنبياء

- ‌الحرب بين المسلمين واليهود

- ‌حياة الخضر

- ‌اليهود يشتمون الأنبياء

- ‌الحرب بين المسلمين ويهود إسرائيل

- ‌تفسير قوله تعالى: (ولما دخلوا على يوسف آوى إليه أخاه لسارقون)

- ‌تفسير قوله تعالى: (قالوا وأقبلوا عليهم ماذا تفقدون وأنابه زعيم)

- ‌تفسير قوله تعالى: (قالوا تالله لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض وما كنا سارقين)

- ‌تفسير قوله تعالى: (قالوا فما جزاؤه إن كنتم كاذبين)

- ‌تفسير قوله تعالى: (فبدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه)

- ‌تفسير قوله تعالى: (قالوا إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل)

- ‌تفسير قوله تعالى: (قالوا يا أيها العزيز إن له أباً شيخاً كبيراً)

- ‌تفسير قوله تعالى: (قال معاذ الله أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده)

- ‌تفسير قوله تعالى: (فلما استيئسوا منه خلصوا نجياً)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ارجعوا إلى أبيكم فقولوا يا أبانا إن ابنك سرق)

الفصل: ‌تفسير قوله تعالى:

‌تفسير قوله تعالى:

.

(وقال الملك ائتوني به أستخلصه لنفسي)

أشار تعالى إلى ما امتن به على يوسف من رفع قدره بصبره، وإعلاء منزلته برحمته فقال عز وجل:{وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ} [يوسف:54].

هذه الحادثة مع الملك لا مع العزيز، وكان العزيز وزير الملك، والملك كان أعلى من العزيز.

((وقال الملك ائتوني به أستخلصه لنفسي)) أي: أخصها به دون العزيز، جرياً على عادة الملوك من الاستئثار بالنفيس العزيز، قال ذلك لما تحقق براءته مما نسب إليه، فعلم كرم نفسه وسعة علمه فقال:((ائتوني به أستخلصه لنفسي)) أي: أجعله من خاصتي دون العزيز.

((فلما كلمه)) أي: فلما أتوا به وخاطبه الملك وعرفه وشاهد فضله وحكمته وبراءته.

وجوز أن يكون الفاعل في قوله: ((فلما كلمه)) يوسف عليه السلام.

((قال إنك اليوم لدينا مكين)) أي: ذو مكانة عالية ومنزلة، ((أمين)) أي: مؤتمن على كل شيء.

روي أن يوسف عليه السلام لما حضر الملك وعبر له رؤياه ابتهج بحديثه هو وخاصته، وقال الملك لهم: هل نجد مثله رجلاً مهبطاً للإمداد الرباني؟ فقال ليوسف: بعد أن عرفك الله هذا فلا يكون حكيم مثلك، وأنت على بيتي، وإلى كلمتك تنقاد رعيتي، ولا أكون أعظم منك إلا بعرشي، وقد أقمتك على جميع أرض مصر، ونزع خاتمه من يده ووضعه في أصبعه، وألبسه ثياب بز، وجعل طوقاً في عنقه، وأركبه مركبته، وأمر أن يطاف به في شوارع مصر وينادى أمامه بالخضوع له، وقال له: لا يمضي أمر ولا ينفذ شأن في مصر إلا برأيك ومشورتك، وسماه: مخلص العالم، وزوجه بنت أحد العظماء لديه، وكان يوسف وقتئذ ابن ثلاثين سنة، والله تعالى أعلم.

قال بعضهم: إن من أمعن النظر في قصة يوسف عليه السلام علم يقيناً أن التقي الأمين لا يضيع الله سعيه، بل يحسن عاقبته ويعلي منزلته في الدنيا والآخرة، وأن المعتصم بالصبر لا يخشى خلفان الدهر وتجاربه، ولا يخاف صروفه ونوائبه، فإن الله يعضده وينجح مسعاه، ويخلد ذكره العاطر على ممر الأدهار، فإن يوسف عليه السلام لما لم يخش للنوائب وعيداً، ولا للتجارب تهديداً، ولم يخف للسجن ظلماً وشراً، ولا للتنكيل به ألماً وضراً، بل ألقى توكله على الرب، وصبر إزاء تلك البلية ثابت القلب، نال بطهارته وتقواه تاج الفخر، ولسان الصدق طول أيام الدهر.

يعني: يكفي أن قصة يوسف عليه السلام تتلى إلى أن تقوم الساعة، فهي عبرة لكل معتبر، ومثل أعلى للبشرية في هذا الموقف بالذات، فلا شك من هذا كله أنه {مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [يوسف:90] وأن فضيلته لم يعف جميل ذكراها مرور الأيام، ولم يعبث بنضارتها كرور الأعوام، بل ادخرت لنا مثالاً نقتفي أثره عند طروء التجارب، وملاذاً نعوذ به في المحن والمصائب، ومقتدىً نتدرب به على التثبت في مواقف العثار، وننهج منهاجه في التقوى وطيب الإزار، فننال في الدنيا سمة المجد، ونفوز في الآخرة بدار الخلد.

ص: 6