المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تفسير قوله تعالى: (قال رب بما أنعمت علي) - تفسير المنتصر الكتاني - جـ ١٤٥

[محمدالمنتصر الكتاني]

الفصل: ‌تفسير قوله تعالى: (قال رب بما أنعمت علي)

‌تفسير قوله تعالى: (قال رب بما أنعمت علي)

ثم وعد موسى ربه وعداً حقاً فقال: {قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ} [القصص:17].

أي: رب بسبب إنعامك عليّ من الحكمة والعلم والفهم والدين فلن أكون بعد اليوم ظهيراً ومعيناً ومساعداً للظالمين والمجرمين، ودخل في هذا الوعد فرعون وقومه والكفرة من بني إسرائيل، وكأن هذا الإسرائيلي الذي تعصّب له موسى وقتل القبطي من أجله لم يكن مؤمناً، فقد ناصر مجرماً كما ناصر فرعون ببقائه معه في قصره بعد العقل والفهم والإدراك وهو لا يستحق ذلك؛ فموسى مؤمن أوتي العلم والحكمة وفرعون يدّعي الإلوهية، ولذلك كم من ذنب تنشأ عنه حسنة وهذا من ذاك.

ومعنى ذلك أن مساعدة المجرم حاكماً كان أو تاجراً ظلم وإجرام وهكذا؛ وهو سبب في العقوبة كما قال ربنا: {وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [الأنعام:129] فالظلمة يسلّطهم الله على بعض، قال تعالى:{أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا} [مريم:83] ثم يُقذف بالكل إلى قعر جهنم، فمن أعان ظالماً سُلّط عليه، قال تعالى:{وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة:2] فكل هذا قد حرّمه الله ورسوله، وحرّمته شريعة الإسلام.

قال تعالى: {فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ} [القصص:18].

بعد هذا الموقف ترك موسى دار فرعون ولم يعد إليها، لأنه قد قتل نفساً قبطية بغير نفس فخاف من المتابعة وإن كان لم يراه أحد، ولكن خاف من الإسرائيلي أن يبلّغ عنه فهو قد كان كافراً وقد يحمله الكفر والرعب والهلع من طُغيان فرعون أن يبلّغ عن طغيان موسى.

ص: 10