الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
معنى قوله تعالى: (فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب)
هذه آية القتال التي بسببها سميت السورة سورة القتال، وقد علمنا الله فيها كيف نقاتل الكفار والأعداء، فقال تعالى:((فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ)) أي: فإذا قابلتموهم في الحرب زحفاً هم أمامكم وأنتم تجاههم فاضربوا الرقاب.
فقوله: ((فَضَرْبَ الرِّقَابِ)) نصب على أنه مفعول مطلق لفعل مقدر، والتقدير: اضربوا منهم الرقاب ضرباً، أو منصوب بالإغراء، أي: يغري الله المجاهدين المؤمنين بأن يضربوا من الأعداء رقابهم؛ لأن ضرب الرقاب أقرب إلى الموت وإلى الفناء وإلى التأديب وإلى معاملة الأعداء حسب شركهم وكفرهم بما هم له أهل، فإذا التقى الجيشان المسلم والكافر فليبادر الجيش المسلم الأعداء بضرب رقابهم وفصلها عن أماكنها؛ لأن ذلك أردع لأمثالهم وأنسب في عقوبتهم فهو يوافق ما كانوا عليه من شرك وكفر بالله.
قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ} [محمد:4].
أي: فلا ترفعوا السيف عنهم حتى تثخنوهم وتكثروا القتل فيهم وتبالغوا بالقتل حتى يموت منهم من يموت بأن تقتل كبارهم وتفنى زعماؤهم وتبقى غوغاؤهم ممن لا رأي لهم في حرب ولا إدارة ولا قتال.
والإثخان: المبالغة في القتل، والإكثار منه، أي: بالغوا في قتالهم وضرب رقابهم حتى يكثر منكم قتلهم وتبلغوا منهم قتل القادة والزعماء.
والوثاق: الرباط الذي يربط به الأسير في الحرب، أي: حتى إذا هزمتموهم وقتلتم كبراءهم واستأصلتم شأفتهم عند ذلك انتقلوا من الحرب إلى الأسر، فقد أصبح الجيش تحت قهركم وغلبتكم، أي: حتى إذا أسرتموهم وأصبحوا تحت أسركم وسلطانكم واستيلائكم ((فَشُدُّوا الْوَثَاقَ)) أي: اربطوهم ربطاً شديداً بالحبال والسلاسل وسوقهم بعد ذلك أسرى، وإياكم أن تأسروهم قبل أن تقتلوا كبارهم وضباطهم وزعماءهم؛ لأنه يوشك أن تنتهي المعركة ولا تنتهي الحرب، فينتقلون إذ ذاك من معركة إلى أخرى، ويوشك أن تنقلب الحرب عليكم بعد أن كانت لكم، فلا ترفعوا السيف عنهم حتى تكثروا من القتل فيهم، ثم بعد ذلك أسروهم وشدوا وثاقهم ورباطهم بالحبال والسلاسل بعد الحرب والأسر.