الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
_________
الصفحة 6
ــ
ـ[أعلى الصفحة]ـ
خطاب رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين
الأستاذ عبد الحميد بن باديس الذي ألقاه في الاجتماع العام
ـ[عمود:1]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد فمرحبا بأبناء الجزائر وأفلاذ كبدها، مرحبا بورثة مجدها التالد وحماة مجدها الآتي الذي تتخبط به أحشاء الأيام.
مرحبا بكم أيها الإخوان الوافدون من أنحاء الوطن على جزائر مزغنا وآثار بلكين وعاصمتنا الجمهورية العظيمة - مرحبا بالوفود جاءت تخدم العلم وتؤيد العلماء وتمثل الروح العلمية السارية في الأمة الباعثة لها على اكتساب المعارف الإنسانية من جميع نواحيها والحاثة لها على تلبية دعوة العلم والانضواء تحت لوائه. مرحبا بوفود جمعية العلماء المسلمين الجزائريين من أعضائها العاملين والمؤيدين بلسان الأمة الجزائرية الممثلة فيكم وبلسان جمعية العلماء المسلمين الجزائريين الممثلة في مجلسها الإداري وبلسان مجلس الإدارة الذي أنطق باسمه أقدم لكم الشكر الوافر على إجابتكم دعوة
الجمعية وحضوركم هذا الاجتماع الذي ملأ العيون والقلوب وأقام البرهان القاطع والدليل المشاهد على أن الجمعية جمعية الأمة وأنها تمثلها أصدق تمثيل.
ـ[عمود2]ـ
وأقدم مثل ذلك الشكر للإخوان الكثيرين الذين تخلفوا واعتذروا بالبرقيات والكتب وهم الذين سمعتم أسماءهم من الأخ الكاتب العام آنفا.
أيها الإخوان،
سأعرض عليكم في هذا الخطاب حالة الجمعية في السنة الماضية وأعمالها والحالة الحاضرة وموقفها فيها وما تنويه من الأعمال في المستقبل بإعانة الله.
فأما السنة الماضية فقد كانت منشطرة إلى شطرين فأما شطرها الأول فقد أوفدت الجمعية من رجالها للوعظ والإرشاد وفودا لبلدان القطر في العمالات الثلاث وقامت تلك الوفود بمهمتها خير قيام، وكانت تتلقى من رجال الحكومة كما تتلقى من الأمة بكل إكرام وأما الشطر الثاني منها وهو الذي يبتدئ بصدور قرار منع العلماء من الوعظ والإرشاد بالمساجد - فقد كان شطر بلاء وعناء على الجمعية ورجال مجلس إدارتها فمن تنمر وجره إلى إلصاق تهم، إلى خلق عراقيل إلى استثمار ذمم. ومن وعد وترغيب إلى وعيد وترهيب كل هذا والجمعية ورجال مجلس إدارتها ثابتون ثبوت الجبال ثقة من أنفسهم بأنهم دعاة حق وقصاد خير وعمال
ـ[عمود3]ـ
لصالح هذا الوطن بأمته وحكومته وجميع ساكنيه فانسلخت هذه السنة وأعمال الجمعية هي هذه؛ ما قام به وفودها من وعظ وإرشاد - وما قام به رجالها من تعليم في عدة بلدان - وما نشره كتابها في جريدة الجمعية - جريدة السنة النبوية المحمدية التي لقيت - بحمد الله من المسلمين غاية الإقبال - هذا كله قام به رجال الجمعية ولا غرابة أن يقوموا به فهم من أهل العلم وما أهل العلم إلا الذين ينشرون العلم بدروسهم ومحاضراتهم وخطبهم ومنشوراتهم.
* * *
ولكن الذي قام به رجال الجمعية وضربوا به المثل الرفيع للناس هو تضامنهم في الشدة كتضامنهم في الرخاء وثباتهم على يقينهم رغم كل زعزعة وإعصار وتضحيتهم بالمصلحة الخاصة في سبيل الصالح العام وثقتهم التامة بالله ثم بأنفسهم ثم بالمبادئ الجمهورية الفرنسوية التي كتبت بدماء أبناء فرنسا الأحرار فهذا الدرس العملي مرجو من فضل الله أن يكون أثره في الأمة وكل من يتقدم لقيادتها في ناحية من نواحي الحياة أبلغ الأثر وأقواه وأبقاه.
_
…
_..._
…
_
ـ[أسفل الصفحة]ـ
ـ[عمود:1]ـ
من إدارة الجريدة
تنبيهات
إلى السادة الباعة والمشتركين
إن أمين مال جمعية العلماء المسلمين الجزائريين الشيخ مبارك بن محمد الميلي قد قدم لمجلس إدارة الجمعية المنعقد إثر الاجتماع العمومي الماضي
…
أعذارا تسوغ إعفاءه من حسابات مالية جريدة الجمعية فقبل المجلس أعذاره وأسند جميع ما يتعلق بمالية الجريدة إلى الرئيس فجميع الخطابات المالية وغيرها والمحاسبات توجه إليه بهذا العنوان:
Ben Badis Abdelhamid
13، Rue A. Lambert، 13
CONSTANTINE
ـ[عمود2]ـ
ليس للجريدة نائب متجول في أي ناحية. وستعلن الإدارة عمن تعتمدهم في جهاتهم.
ينبغي أن توجه قيم الاشتراك ومحصولات البيع على طريق الشيك بوسطال هكذا:
ALGER C / C 15457
Ben Badis Abdelhamid
13، Reu A. Lambert، 13
CONSTANTINE
مرغوب من باعة جريدة ((السنة)) أن يوجهوا المتحصل لديهم من الثمن على طريق الشيك بوسطال ويرسلوا كل النسخ الفاضلة عن البيع من جريدة ((السنة)) لأنها عطلت وحسابها انتهى في العدد الثالث عشر.
ـ[عمود3]ـ
كلمتنا هذه موجهة لكل مروج للسنة في تونس والجزائر والمغرب الأقصى فنرجو من كل واحد منهم أن يعتبرها ويعمل بمضمونها وله الفضل والشكر.
نرغب من كل مشترك تأخرت عنه الجريدة أن يعلمنا، ونرجو من الذين يحولون عناوينهم أن يشعرونا بعنوانهم الجديد.
ــ
((الشريعة)) جريدة العلماء والاشتراك فيها تأييد لهم.
_________
الصفحة 7
ــ
ـ[عمود:1]ـ
أيها الإخوان، إن جمعيتكم جامعة للناس فيما تفرقوا فيه من دين الله وهادية لهم فيما ضلوا فيه من سبيله وقد عرف الناس حقيقتها ولكن نجا أقوام وهلك آخرون، وإذا كان في استطاعة الجمعية أن تعظ وترشد فليس في استطاعتها أن تخلق التوفيق في نفوس كتب لها الضلال وما التوفيق إلا من الله وإن جمعيتكم هذه من الأمة وإلى الأمة وكل ما لها أو عليها فهو للأمة وعليها. وإنما قام بحمل أمانتها إخوانكم أعضاء مجلس الإدارة فقاموا بواجب أشهد بثقله وأشهد بأنهم قاموا به خير قيام وأنهم لا يرجون من الأمة إلا أن تعرف ما يدعون إليه عن بصيرة فتتبعه عن بصيرة وإنما يدعونها إلى واضح لا إلى مشتبه، وإلى حق لا إلى باطل وإلى هدى لا إلى ضلال وإنما يدعونها إلى الأعلام الهادية من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم وهدي السلف الصالح من أمته رضي الله تعالى عنهم - يدعونها إلى هذا من أمور دينها ويدعونها إلى مجاراة السابقين في الحياة وأخذ حظها موفورا من أسباب الحياة لتكون حية بدينها وحية في دنياها ولتكون سعيدة فيهما.
إن جمعيتكم تفخر بأنها قامت بإحياء فريضتي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في وقت قل القائمون فيه بهاتين الفريضتين، وإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هما مرجع الفضائل الإسلامية ومنبعها، وقامت بإحياء هدي سلفنا الصالح في وقت طمت فيه البدع والأهواء على ذلك الهدي حتى خيف عليه الاندثار. وإن أول من رفع صوته بكلمة الحق في هذا الوطن وبلزوم الرجوع من بنيات الطريق إلى نهج الإسلام الواضح وبوجوب التماس الهداية من كتاب الله وما صح من سنة رسوله صلى الله عليه وسلم وما أثر عن سلف هذه الأمة رضي الله عنهم هم رجال هذه الجمعية قبل أن تكون الجمعية جمعية - فلهم الفضل يوم كانوا فرادى مستضعفين ولهم الفضل يوم مدوا أيديهم إلى بعضهم فأصبحوا أقوياء متعاونين وللأمة الفضل يوم سمعت نداء الحق فاستجابت ولها الفضل حين تشابهت السبل فما شكت وما استرابت ولها البشر من الله
ـ[عمود2]ـ
حين غاب المخلفون عن مشهد الحق فما غابت.
إن جمعيتكم جمعية علمية دينية تدعو إلى العلم النافع وتنشره وتعين عليه وتدعو إلى الدين الخالص وتبينه وتعمل لتثبيته وتقوية وازعه في نفوس هذه الأمة فوظيفتها هي وظيفة المعلم المرشد الناصح في تعليمه وإرشاده - الذي لا يبتغي من وراء عمله أجرا ولا محمدة وقد أراد إخوانكم رجال مجلس إدارة الجمعية - وهم حاملو فكرة الإصلاح الديني والعاملون لها والمنفقون لأوقاتهم في سبيلها أرادوا أن يكونوا أمثلة للأجيال المقبلة، في التضحية في الثبات على الحق في الجهر به وكما كانوا أمثلة فقد ضربوا الأمثال بأعمالهم وها هي دروسهم في جهات القطر ينبع منها التفسير الصحيح لكتاب الله والتأويل الحقيقي لكلام نبيه والشرح الكاشف لهدي السلف الصالح من أمته، وهذه محاضراتهم في جهات القطر تتدفق منها البلاغة العربية وتتجلى فيها أسرار الله في خلقه وتنكشف فيها حقائق هذا الكون ويعرض فيها داء هذه الأمة ودواؤها وها هم أولاء يحملون الأمانة الإسلامية فيحسنون حملها ويؤدونها فيحسنون تأديتها ويحملون الأمانة العلمية فكل شيء عندهم بدليله، وكل شيء يطلب من سبيله.
وهذه منشوراتهم في الصحف وعليها مسحة من نفوسهم: تبيين محكم، ورد مفحم، وحجاج مقنع.
هذه وسائلهم الثلاث التي سلكوها وسمحت بها الظروف إلى ساعتكم هذه، والتي نرجو لها بفضل الله وبهمتكم - أيها الإخوان - أن تزداد كل يوم رقيا وتقدما.
أيها الإخوان - إننا نعمل في النهار الضاحي والليل المقمر لمبدأ لا يقل عنهما وضوحا واستنارة بوسائل لا تقل وضوحا واستنارة كذلك فلا نعجب لمن يعارض ويكائد ويماري ولكننا نعجب لأنفسنا ولكم إذا أقمنا لتلك المعارضات والمكائد وزنا أو شغلنا بها حيزا من نفوسنا أو أضعنا فيها حصة من أوقاتنا وإن أدنى ما يغنمه المبطل أن يضيع الوقت على المحق - وإنني
ـ[عمود3]ـ
أوصيكم ونفسي في هذا المقام بأن يكون في حقكم شاغل لكم عن باطل المبطلين فإذا قام حقكم واستوى قضيتم على المبطلين وباطلهم وإننا نشهد الله والمنصفين من الأمة على أننا ماضون في بيان الحق وأن مبدأنا الإصلاحي التهذيبي قد ملك علينا حواسنا وأوقاتنا، فإذا بدر منا في بعض الأوقات كلام على باطل المبطلين فليس ذلك عن قصد له وحفل به ولكن لأنه صادمنا وتوقف إثبات حقنا على نفيه.
وما حيلة من يسلك سبيلا فتعترضه الصخور حتى لا يجد عنها محيدا - إن الضرورة تقضي عليه أن يجهد في نزعها وإماطتها ثم لا يكون جهده في ذلك إلا كتماديه في السير.
أيها الإخوان إن جمعيتكم تغتبط كل الاغتباط بهذه النتائج التي حصلت عليها في خلال سنتين من عمرها مع ما تخللها من العراقيل والمثبطات وهي تحمد الله على ما وفق إليه وأعان عليه ونشكر الأمة الجزائرية المسلمة على ما بذلت من تنشيط ومساعدة وتعد أكبر مساعدة قدمتها الأمة للجمعية هي عرفانها للحق الذي تدعو إليه - ونسأل الله الهداية لكل من ضل عن الحق، وإن جمعيتكم سائرة في عملها وهي تستقبل سنتها الثالثة بما ختمت به ما قبلها من دعوة إلى العلم الصحيح والدين الخالص راجية أن يكون يومها خيرا من أمسها وغدها خيرا من يومها.
أيها الإخوان -
كثر حديث الناس عن جمعيتكم المباركة وكثر خوض الخائضين فيها مدحا وقدحا، وإن كثرة التحدث عن الشيء لعنوان صادق على الاهتمام به وأن الاهتمام به لآية على إكباره وإعظامه أو - في الأقل - على كبره في نفسه وعظمه في الواقع.
* * *
كثر الحديث عن هذه الجمعية واختلفت منازع المتكلمين فيها وإن جمعية كهذه الجمعية في أمة كهذه الأمة في وطن كالوطن الجزائري لحقيقة بالتنازع فيها واختلاف المنازع في شأنها، وقد اختلفت فيها الأنظار يوم