المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الْكَثِيب بِالْمُثَلَّثَةِ وَآخِرِهِ مُوَحَّدَةٌ بِوَزْنٍ عَظِيمٍ الرَّمْلُ الْمُجْتَمِعُ وَفِيه اشكال - حاشية السندي على سنن النسائي - جـ ٤

[محمد بن عبد الهادي السندي]

الفصل: الْكَثِيب بِالْمُثَلَّثَةِ وَآخِرِهِ مُوَحَّدَةٌ بِوَزْنٍ عَظِيمٍ الرَّمْلُ الْمُجْتَمِعُ وَفِيه اشكال

الْكَثِيب بِالْمُثَلَّثَةِ وَآخِرِهِ مُوَحَّدَةٌ بِوَزْنٍ عَظِيمٍ الرَّمْلُ الْمُجْتَمِعُ وَفِيه اشكال من حَيْثُ أَنه كَيفَ لمُوسَى أَن يلطم ملك الْمَوْت الَّذِي جَاءَهُ من الله تَعَالَى ليقْبض روحه وَمن حَيْثُ أَنه يُفِيد أَن مُوسَى مَا كَانَ مُعْتَقدًا للْمَوْت والفناء لَهُ بل كَانَ يعْتَقد الْبَقَاء لَهُ أَو يَظُنّهُ فَانْظُر إِلَى قَول الْملك عبد لَا يُرِيد الْمَوْت وَانْظُر إِلَى قَوْله أَي رب ثمَّ مَه حَتَّى إِذا علم أَنه بِالآخِرَة الْمَوْت قَالَ فَالْآن وَالنَّاس مَا ذكرُوا فِي تَأْوِيله مَا يدْفع الْإِيرَاد بِتَمَامِهِ بل ولايفي بِبَعْضِه وَالْأَقْرَب أَن الحَدِيث من المشتبهات الَّتِي يُفَوض تَأْوِيلهَا إِلَى الله تَعَالَى لَكِن ان أول فأقرب التَّأْوِيل أَن يُقَال كَأَن مُوسَى مَا علم أَولا أَنه جَاءَهُ بِإِذن الله بِسَبَب اشْتِغَاله بِأَمْر من الْأُمُور الْمُتَعَلّقَة بقلوب الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام فَلَمَّا سمع مِنْهُ أجب رَبك أَو نَحوه وَصَارَ ذَلِك قَاطعا لَهُ عَمَّا كَانَ فِيهِ وَلم ينْتَقل ذهنه بِمَا استولى عَلَيْهِ من سُلْطَان الِاشْتِغَال أَنه جَاءَ بِأَمْر الله حركه نوع غضب وَشدَّة حَتَّى فعل مَا فعل وَلَعَلَّ سر ذَلِك إِظْهَار وجاهته عِنْد الْمَلَائِكَة الْكِرَام فَصَارَ ذَلِك سَببا لهَذَا الأَصْل وَأما قَول الْملك لَا يُرِيد الْمَوْت فَذَاك بِالنّظرِ إِلَى ظَاهر مَا فعل من الْمُعَامَلَة وَأما قَوْله ارْجع إِلَيْهِ فَقل الخ فَلَعَلَّ ذَلِك لنقله من حَالَة الْغَضَب إِلَى حَالَة اللين ليتنبه بِمَا فعل وَأما قَول مُوسَى ثمَّ مَاذَا فَلَعَلَّهُ لم يكن لشك مِنْهُ فِي الْمَوْت بِالآخِرَة بل لتقرير أَنه لَا يستبعد الْمَوْت حَالا إِذا كَانَ هُوَ آخر الْأَمر مَآلًا وَكَون الْمَوْت آخر الْأَمر مَعْلُوم عِنْده فَلم يكن مَا وَقع مِنْهُ لاستبعاده الْمَوْت حَالا وَذَلِكَ لِأَنَّهُ حِين انْتقل إِلَى حَالَة اللين علم أَن مَا وَقع مِنْهُ لَا يَنْبَغِي وُقُوعه مِنْهُ وَكَذَا علم أَن مَا جَاءَ بِهِ الْملك عِنْده من قَوْله يضع يَده الخ بِمَنْزِلَة الِاعْتِرَاض عَلَيْهِ بِأَنَّهُ يستبعد الْمَوْت أَو يُرِيد الْحَيَاة حَالا فَأَرَادَ بِهَذَا الِاعْتِذَار عَمَّا فعل وَقرر أَن الَّذِي فعله لَيْسَ لاستبعاده الْمَوْت حَالا إِذْ لَا يَجِيء ذَلِك مِمَّن يعلم أَن الْمَوْت هُوَ آخر امْرَهْ فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ ان الَّذِي فعله إِنَّمَا فعله لأمر آخر كَانَ من مُقْتَضى ذَلِك الْوَقْت فِي تِلْكَ الْحَالة الَّتِي كَانَ فِيهَا وَالله تَعَالَى أعلم

(كتاب الصّيام)

الْمَشْهُور بَينهم تَقْدِيم الزَّكَاة على الصَّوْم وَذكرهَا فِي جنب الصَّلَاة وَالْوَاقِع فِي كثير من نسخ النَّسَائِيّ

ص: 120

تَقْدِيم الصَّوْم فَمن قدم الزَّكَاة فقد رَاعى قَوْله تَعَالَى أقِيمُوا الصَّلَاة وَآتوا الزَّكَاة وَمن قدم الصَّوْم فَلَعَلَّهُ رَاعى أول حَدِيث فِي الْبَاب فَفِيهِ تَقْدِيم الصَّوْم على الزَّكَاة وَذكره فِي جنب الصَّوْم وَمَعَ ذَلِك لَا يَخْلُو عَن مُنَاسبَة معنوية من حَيْثُ أَن كلا من الصَّلَاة وَالصَّوْم عبَادَة بدنية بِخِلَاف الزَّكَاة فَإِنَّهَا عبَادَة مَالِيَّة وَالله تَعَالَى أعلم

قَوْله

[2090]

ثَائِر الرَّأْس أَي منتشر شعره حَال لِأَنَّهُ فِي معنى النكرَة لكَون الْإِضَافَة لفظيه والْحَدِيث قد تقدم فِي أول كتاب الصَّلَاة

قَوْله

[2091]

نهينَا فِي الْقُرْآن بقوله تَعَالَى يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تسألوا عَن أَشْيَاء ان تبدلكم تَسُؤْكُمْ وَالْمرَاد بقوله عَن شَيْء أَي غير ضَرُورِيّ لما فِيهِ من احْتِمَال أَن يكون من تِلْكَ الْأَشْيَاء أَن يَجِيء الرجل الْعَاقِل الخ فَإِنَّهُ لكَونه من أهل الْبَادِيَة لَا يعلم بِالْمَنْعِ فَيسْأَل ولكونه عَاقِلا يسْأَل عَمَّا يَلِيق السُّؤَال عَنهُ فبالذي خلق الخ الْبَاء للقسم أَي أقسمك بِهِ قَالَ ذَلِك

ص: 121

لزِيَادَة التوثيق والتثبيت كَمَا يُؤْتى بالتأكيد لذَلِك وَيَقَع ذَلِك فِي أَمر يهتم بِشَأْنِهِ وَلم يقل ذَلِك لاثبات النُّبُوَّة بِالْحلف فَإِن الْحلف لَا يَكْفِي فِي ثُبُوتهَا ومعجزاته صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم كَانَت مَشْهُورَة مَعْلُومَة فَهِيَ ثَابِتَة بِتِلْكَ المعجزات قَوْله آللَّهُ بِمد الْهمزَة للاستفهام كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى آللَّهُ أذن لكم

قَوْله

[2092]

بَين ظهرانيهم أَي بَينهم قد أَجَبْتُك هَذَا بِمَنْزِلَة الْجَواب بِنَحْوِ أَنا حَاضر وَنَحْوه

ص: 122

اللَّهُمَّ كَأَنَّهُ بِمَنْزِلَة با الله أشهد بك فِي كَون مَا أَقُول حَقًا

ص: 123

قَوْله

[2094]

أَيّكُم بن عبد الْمطلب نسبه إِلَى جده لكَونه كَانَ مَشْهُورا بَين الْعَرَب وَأما أَبوهُ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فقد مَاتَ صَغِيرا فَلم يشْتَهر بَين النَّاس اشتهار جده المرتفق أَي المتكئ على وسَادَة فَانِي آمَنت أَخْبَار عَمَّا تقدم لَهُ من الْإِيمَان أَو هُوَ إنْشَاء للايمان وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله

ص: 124

[2095]

أَجود النَّاس أَي على الدَّوَام أَجود مَا يكون قَالَ بن الْحَاجِب الرّفْع فِي أَجود هُوَ الْوَجْه لانك ان جعلت فِي كَانَ ضميرا يعود إِلَى النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم لم يكن أَجود بِمُجَرَّدِهِ خَبرا لِأَنَّهُ مُضَاف إِلَى مَا يكون وَهُوَ كَون وَلَا يَسْتَقِيم الْخَبَر بالكون عَمَّا لَيْسَ بِكَوْن أَلا ترى أَنَّك لَا تَقول زيد أَجود مَا يكون فَيجب أَن يكون اما مُبْتَدأ خَبره قَوْله فِي رَمَضَان وَالْجُمْلَة خبر أَو بَدَلا من ضمير فِي كَانَ فَيكون من بدل اشْتِمَال كَمَا تَقول كَانَ زيد عمله حسنا وان جعلته ضمير الشَّأْن تعين رفع أَجود على الِابْتِدَاء وَالْخَبَر وان لم يَجْعَل فِي كَانَ ضمير تعين الرّفْع على أَنه اسْمهَا وَالْخَبَر فِي رَمَضَان حِين يلقاه جِبْرِيل قيل يحْتَمل أَن يكون زِيَادَة الْجُود بِمُجَرَّد لِقَاء جِبْرِيل أَو بمدارسة آيَات الْقُرْآن لما فِيهِ من الْحَث علىمكارم الْأَخْلَاق وَالثَّانِي أوجه كَيفَ وَالنَّبِيّ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم على مَذْهَب أهل الْحق أفضل من جِبْرِيل فَمَا جَالس الْأَفْضَل الا الْمَفْضُول قلت قِرَاءَة النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم الْقُرْآن فِي صَلَاة اللَّيْل وَغَيرهَا كَانَت دائمه وَيُمكن أَن يكون لنزول جِبْرِيل عَن الله تَعَالَى كل لَيْلَة تَأْثِير أَو يُقَال يُمكن أَن تكون مَكَارِم الْأَخْلَاق كالجود وَغَيره فِي الْمَلَائِكَة أتم لكَونهَا جبلية وَهَذَا لَا يُنَافِي أَفضَلِيَّة الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام بِاعْتِبَار كَثْرَة الثَّوَاب على الْأَعْمَال أَو يُقَال انه زِيَادَة الْجُود كَانَ بِمَجْمُوع اللِّقَاء والمدارسة أَو يُقَال أَنه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يخْتَار الْإِكْثَار فِي الْجُود فِي رَمَضَان لفضله أَو لشكر نزُول جِبْرِيل عَلَيْهِ كل لَيْلَة فاتفق مُقَارنَة ذَلِك بنزول جِبْرِيل وَالله تَعَالَى أعلم من الرّيح الْمُرْسلَة أَي الْمُطلقَة المخلاة على طبعها وَالرِّيح لَو أرْسلت على طبعها لكَانَتْ فِي غَايَة الهبوب

قَوْله

[2096]

أخبرنَا مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل البُخَارِيّ قَالَ فِي الْأَطْرَاف كَذَا رَوَاهُ أَبُو بكر بن السّني

ص: 125

عَن النَّسَائِيّ عَن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل فَحسب وَلم يذكر فِيهِ البُخَارِيّ وَفِي نُسْخَة هُوَ أَبُو بكر الطَّبَرَانِيّ قَوْله من لعنة تذكر وَكَانَ المُرَاد أَنه مَا كَانَ يلعن علىكثرة لِأَن من يكثر اللَّعْنَة تذكر لعنته وَمن يقل تنسى لعنته ان حصل مِنْهُ مرّة اتِّفَاقًا وَالله تَعَالَى أعلم

قَوْله

[2097]

فتحت أَبْوَاب الْجنَّة أَي تَقْرِيبًا للرحمة إِلَى الْعباد وَلِهَذَا جَاءَ فِي بعض الرِّوَايَات أَبْوَاب الرحمةوفي بَعْضهَا أَبْوَاب السَّمَاء وَهَذَا يدل على أَن أَبْوَاب الْجنَّة كَانَت مغلقة وَلَا يُنَافِيهِ قَوْله تَعَالَى جنَّات عدن مفتحة لَهُم الْأَبْوَاب إِذْ ذَلِك لَا يَقْتَضِي دوَام كَونهَا مفتحة قَوْله غلقت أَبْوَاب النَّار أَي تبعيدا للعقاب عَن الْعباد وَهَذَا يَقْتَضِي أَن أَبْوَاب النَّار كَانَت مَفْتُوحَة وَلَا يُنَافِيهِ قَوْله تَعَالَى حَتَّى إِذا جاءوها فتحت أَبْوَابهَا لجَوَاز ان يكون هُنَاكَ غلق قبيل ذَلِك وغلق أَبْوَاب النَّار لَا يُنَافِي موت الْكَفَرَة فِي رَمَضَان وتعذيبهم بالنَّار فِيهِ إِذْ يَكْفِي فِي تعذيبهم فتح بَاب صَغِير من الْقَبْر إِلَى النَّار غير الْأَبْوَاب الْمَعْهُودَة الْكِبَار وَصُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْفَاءِ الْمُشَدَّدَةِ أَي شددت وأوثقت بالاغلال وَفِي رِوَايَة وسلسلت وَهُوَ بِمَعْنَاهُ وَلَا يُنَافِيهِ وُقُوع الْمعاصِي إِذْ يَكْفِي فِي وجود الْمعاصِي شرارة النَّفس وخباثتها وَلَا يلْزم ان تكون كل مَعْصِيّة بِوَاسِطَة شَيْطَان والا لَكَانَ لكل شَيْطَان شَيْطَان ويتسلسل وَأَيْضًا مَعْلُوم أَنه مَا سبق إِبْلِيس

ص: 126

شَيْطَان آخر فمعصيته مَا كَانَت الا من قبل نَفسه وَالله تَعَالَى أعلم

ص: 127

قَوْله وينادي مُنَاد الخ فَإِن قلت أَي فَائِدَة فِي هَذَا النداء مَعَ أَنه غير مسموع للنَّاس قلت قد علم النَّاس بِهِ بأخبار الصَّادِق وَبِه يحصل الْمَطْلُوب بِأَن يتَذَكَّر الْإِنْسَان كل لَيْلَة بِأَنَّهَا لَيْلَة المناداة فيتعظ بهَا

[2107]

يَا باغي الْخَيْر مَعْنَاهُ يَا طَالب الْخَيْر أقبل على فعل الْخَيْر فَهَذَا أوانك فَإنَّك تُعْطى جزيلا بِعَمَل قَلِيل وَيَا طَالب الشَّرّ أمسك وَتب فَإِنَّهُ أَوَان التَّوْبَة

قَوْله

[2109]

لَا يَقُولَن أحدكُم صمت رَمَضَان فَذكر رَمَضَان بِلَا شهر دَلِيل على جَوَاز إِطْلَاقه كَذَلِك وَالنَّهْي لَيْسَ رَاجعا إِلَيْهِ وَإِنَّمَا هُوَ رَاجع إِلَى نِسْبَة الصَّوْم إِلَى نَفسه فِيهِ كُله مَعَ أَن قبُوله عِنْد الله تَعَالَى فِي مَحل الْخطر قَوْله لَا بُد من غَفلَة أَي فيعصي فِي حَال الْغَفْلَة بِوَجْه لَا يُنَاسب الصَّوْم فَكيف يدعى بعد ذَلِك الصَّوْم لنَفسِهِ قَوْله

ص: 130

[2110]

تعدل حجَّة أَي تساويها ثَوابًا لَا فِي سُقُوط الْحَج عَن الذِّمَّة عِنْد الْعلمَاء قَوْله فَاسْتهلَّ على هِلَال رَمَضَان على بِنَاء الْفَاعِل أَي تبين هلاله أَو الْمَفْعُول أَي رؤى هلاله كَذَا ذكر الْوَجْهَيْنِ فِي الصِّحَاح وَقَوله

[2111]

هَكَذَا أمرنَا رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم يحْتَمل أَن المُرَاد بِهِ أَنه أمرنَا أَن لَا نقبل شَهَادَة الْوَاحِد فِي حق الْإِفْطَار أَو أمرنَا أَن نعتمد على رُؤْيَة أهل بلدنا وَلَا نعتمد على رُؤْيَة غَيرهم والى الْمَعْنى الثَّانِي تميل تَرْجَمَة المُصَنّف وَغَيره لَكِن الْمَعْنى الأول مُحْتَمل فَلَا يَسْتَقِيم الِاسْتِدْلَال إِذْ الِاحْتِمَال يفْسد الِاسْتِدْلَال وَكَأَنَّهُم رَأَوْا أَن الْمُتَبَادر هُوَ الثَّانِي فبنوا عَلَيْهِ الِاسْتِدْلَال وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله

ص: 131

[2112]

فَقَالَ رَأَيْت الْهلَال قبُول خبر الْوَاحِد مَحْمُول على مَا إِذا كَانَ بالسماء عِلّة تمنع أبصار الْهلَال وَقَوله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم لَهُ أَتَشهد الخ تَحْقِيق لاسلامه وَفِيه أَنه إِذا تحقق إِسْلَامه وَفِي السَّمَاء غيم يقبل خَبره فِي هِلَال رَمَضَان مُطلقًا سَوَاء كَانَ عدلا أم لَا حرا أم لَا وَقد يُقَال كَانَ الْمُسلمُونَ يَوْمئِذٍ كلهم عُدُولًا فَلَا يلْزم قبُول شَهَادَة غير الْعدْل الا أَن يمْنَع ذَلِك لقَوْله تَعَالَى إِن جَاءَكُم فَاسق بِنَبَأٍ الْآيَة وَالله تَعَالَى أعلم

قَوْله

[2113]

أذن فِي النَّاس من التأذين أَو الايذان وَالْمرَاد مُطلق النداء والاعلام قَوْله فِي الْيَوْم الَّذِي يشك فِيهِ أَي فِي أَنه من رَمَضَان أَو من شعْبَان

ص: 132

صُومُوا أَي صَوْم الْفَرْض وأفطروا أَي لَا تفطروا قبله بِلَا عذر مُبِيح وانسكوا من نسك من بَاب نصر وَالْمرَاد الْحَج أَي الْأُضْحِية

[2116]

فان غم بِضَم فتشديد مِيم أَي حَال بَيْنكُم وَبَين الْهلَال غيم رَقِيق فَإِن شهد شَاهِدَانِ أَي وَلَو بِلَا عِلّة والا فَمَعَ الْعلَّة يَكْفِي الْوَاحِد فِي رَمَضَان كَمَا تقدم وَقد مَال إِلَى الْأَخْذ بِهَذَا الْإِطْلَاق بعض الْمُتَأَخِّرين من أَصْحَابنَا كالجمهور وَهُوَ الْوَجْه وَاشْتِرَاط الجم الْغَفِير بِلَا غيم لَا يَخْلُو عَن

ص: 133

خَفَاء من حَيْثُ الدَّلِيل وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله فاقدروا لَهُ بِضَم الدَّال وَجوز كسرهَا أَي قدرُوا لَهُ تَمام العددالثلاثين وَقد جَاءَ بِهِ الرِّوَايَة فَلَا الْتِفَات إِلَى تَفْسِير آخر

قَوْله

[2121]

لَا تَصُومُوا أَي بنية الْفَرْض وَلَا تفطروا

ص: 134

بِلَا عذر

قَوْله

[2125]

من يتَقَدَّم الشَّهْر أَي يستقبله بِالصَّوْمِ وَفِيه أَن محمل الحَدِيث الْفَرْض فَلَا اشكال بِهَذَا الحَدِيث بنية النَّفْل وَالله تَعَالَى أعلم

قَوْله

[2126]

لَا تقدمُوا الشَّهْر أَصله لَا تتقدموا بالتاءين حَتَّى تروا الْهلَال قبله أَي قبل الصَّوْم

[2129]

وَلَا تستقبلوا الشَّهْر الخ من لَا يرى الْكَرَاهَة بنية النَّفْل يحمل هَذَا وَأَمْثَاله على مَا إِذا كَانَ بنية الشَّك أَو

ص: 135

بنية رَمَضَان قَوْله غيايه بغين معجمةوتحتيتين بَينهمَا ألف سَاكِنة هِيَ السحابة

ص: 136

قَوْله

[2131]

فَلبث تسعا وَعشْرين أَي بِلَا دُخُول عَلَيْهِنَّ ثمَّ دخل عَلَيْهِنَّ فَقلت أَي حِين دخل آلَيْت أَي حَلَفت شهرا فِيهِ اخْتِصَار يُوضحهُ سَائِر الرِّوَايَات أَي أَن لَا تدخل علينا شهرا وَجعل شهرا للايلاء لَا يساعده النّظر فِي الْمَعْنى الشَّهْر التَّعْرِيف للْعهد أَي هَذَا الشَّهْر وَهَذَا يَقْتَضِي أَن الشَّهْر كَانَ بالهلال لَا بِالْأَيَّامِ وَكَأَنَّهُ خَفِي الْهلَال على النَّاس وَعلم النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم بِهِ بقول جِبْرِيل كَمَا سَيَجِيءُ فَلذَلِك اعترضت عَائِشَة بِمَا اعترضت فَبين لَهَا النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم حَقِيقَة الْأَمر لَكِن مُقْتَضى الْعد أَن الشَّهْر كَانَ على الْأَيَّام الا أَن يُقَال زعمت عَائِشَة أَن الشَّهْر ثَلَاثُونَ وان رؤى الْهلَال قبل ذَلِك وَهَذَا بعيد وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله أفشته أَي أظهرته موجدته غضبته قَوْله الشَّهْر تسع أَي ذَلِك الشَّهْر أَو المُرَاد الشَّهْر

ص: 137

أَحْيَانًا يكون كَذَلِك

قَوْله

[2135]

وَنقص فِي الثَّالِثَة وَالْمرَاد أَن ذَلِك الشَّهْر أَو الشَّهْر أَحْيَانًا يكون تسعا وَعشْرين

ص: 138

وَهَكَذَا كل مَا جَاءَ من هَذَا الْقَبِيل وَالله تَعَالَى أعلم

قَوْله

[2138]

الشَّهْر يكون إِلَى قَوْله وَيكون ثَلَاثِينَ أَي أَحْيَانًا كَذَا وَأَحْيَانا كَذَا وَالْمَقْصُود أَنه إِذا كَانَ مُخْتَلفا فَالْعِبْرَة بِرُؤْيَة الْهلَال قَوْله أُميَّة أَي منسوبة إِلَى الْأُم

ص: 139

بِاعْتِبَار الْبَقَاء على الْحَالة الَّتِي خرجنَا عَلَيْهَا من بطُون أمهاتنا فِي عدم معرفَة الْكِتَابَة والحساب فَلذَلِك مَا كلفنا الله تَعَالَى بِحِسَاب أهل النُّجُوم وَلَا بالشهور الشمسية الْخفية بل كلفنا بالشهور القمرية الجلية لَكِنَّهَا مُخْتَلفَة كَمَا بَين بِالْإِشَارَةِ مرَّتَيْنِ كَمَا فِي كثير من الرِّوَايَات فَالْعِبْرَة حِينَئِذٍ للرؤية وَالله تَعَالَى أعلم

قَوْله

[2144]

فَإِن فِي السّحُور بِفَتْح السِّين مَا يتسحر بِهِ من الطَّعَام وَالشرَاب وبالضم أكله والوجهان جائزان هَا هُنَا وتوصيف

ص: 140

الطَّعَام بِالْبركَةِ بِاعْتِبَار مَا فِي أكله من الْأجر وَالثَّوَاب والتقوية على الصَّوْم وَمَا يتضمنه من الذّكر وَالدُّعَاء

ص: 141

فِي ذَلِك الْوَقْت

قَوْله

[2152]

قَالَ هُوَ النَّهَارُ إِلَّا أَنَّ الشَّمْسَ لَمْ تطلع الظَّاهِر أَن المُرَاد بِالنَّهَارِ هُوَ النَّهَار الشَّرْعِيّ وَالْمرَاد بالشمس الْفجْر وَالْمرَاد أَنه فِي قرب طُلُوع الْفجْر حَيْثُ يُقَال أَنه النَّهَار نعم مَا كَانَ الْفجْر طالعا

قَوْله

[2153]

الا هنيهة بِالتَّصْغِيرِ أَي قدر يسير قَوْله

ص: 142

[2160]

كِلَاهُمَا لَا يألو عَن الْخَيْر أَي لَا يقصر عَنهُ بل يطْلب ويجتهد فِيهِ وَلكَون كلا مُفْرد اللَّفْظ صَحَّ إِلَيْهِ رُجُوع الضَّمِير الْمُفْرد يُؤَخر الصَّلَاة أَي صَلَاة الْمغرب

ص: 144

قَوْله انها أَي ان هَذَا الطَّعَام أَو التسحر والتأنيث بِاعْتِبَار الْخَبَر

[2162]

أَعْطَاكُم الله أَي ندبكم إِلَيْهِ أَو خصكم

ص: 145

بإباحته دون أهل الْكتاب

قَوْله

[2166]

ان فصل مَا بَين صيامنا الْفَصْل بِمَعْنى الْفَاصِل وَمَا مَوْصُولَة واضافته من إِضَافَة الْمَوْصُوف إِلَى الصّفة أَي الْفَارِق الَّذِي بَين صيامنا وَصِيَام أهل الْكتاب أَكلَة السحر والأكلة بِضَم الْهمزَة اللُّقْمَة وبالفتح للمرة وان كثر الْمَأْكُول كالغداء قيل وَالرِّوَايَة فِي الحَدِيث بِالضَّمِّ وَالْفَتْح صَحِيح وَقيل الرِّوَايَة الْمَشْهُورَة الْفَتْح وَالسحر بِفتْحَتَيْنِ آخر اللَّيْل والأكلة بِالضَّمِّ لَا تَخْلُو عَن إِشَارَة إِلَى انه يَكْفِي اللُّقْمَة فِي حُصُول الْفرق قيل وَذَلِكَ لحُرْمَة الطَّعَام وَالشرَاب وَالْجِمَاع عَلَيْهِم إِذا نَامُوا كَمَا كَانَ علينا فِي بَدْء الْإِسْلَام ثمَّ نسخ فَصَارَ السّحُور فارقا فَلَا يَنْبَغِي تَركه قَوْله

ص: 146

[2168]

إِذا نَام قبل أَن يتعشى لَا مَفْهُوم لهَذَا الْقَيْد بل المُرَاد أَنه وَلَو قبل أَن يتعشى فَلَو نَام بعد أَن يتعشى يحرم عَلَيْهِ بِالْأولَى وَقَوله حَتَّى انتصف النَّهَار أَي فَمضى على صَوْمه حَتَّى انتصف النَّهَار

قَوْله

[2169]

هُوَ سَواد اللَّيْل أَي الْمَذْكُور من الْخَيْطَيْنِ سَواد اللَّيْل وَبَيَاض النَّهَار قَوْله

ص: 147

[2170]

وَيرجع قائمكم الْمَشْهُور أَنه من الرجع الْمُتَعَدِّي وقائمكم بِالنّصب أَي يرد قائمكم إِلَى حَاجته قبل الْفجْر وَلَيْسَ الْفجْر أَن يَقُول هَكَذَا أَي لَيْسَ ظُهُور الْفجْر أَن يظْهر هَكَذَا

قَوْله

[2172]

لَا تقدمُوا قبل الشَّهْر بصيام هُوَ من التَّقْدِيم بِحَذْف إِحْدَى التَّاءَيْنِ وَهُوَ نهي وَقَوله قبل الشَّهْر بصيام هُوَ من التَّقَدُّم وَالْبَاء فِي بصيام للتعدية وَقد حمل هَذَا النَّهْي كثير من الْعلمَاء على أَن يكون بنية رَمَضَان أَو لتكثير عدد صِيَامه أَو لزِيَادَة احتياطه بِأَمْر رَمَضَان أَو على صَوْم يَوْم الشَّك وَلَا يخفى أَن قَوْله فِي بعض الرِّوَايَات وَلَا يَوْمَيْنِ لَا يُنَاسب الْحمل على صَوْم الشَّك إِذْ لَا يَقع الشَّك عَادَة فِي يَوْمَيْنِ وَالِاسْتِثْنَاء بقوله الا رجل الخ لَا يُنَاسب التأويلات الْأُخَر إِذْ لَازمه جَوَاز صَوْم يَوْم أَو اثْنَيْنِ قبل رَمَضَان لمن يعتاده لَا بنية رَمَضَان مثلا وَهَذَا فَاسد وَالله تَعَالَى أعلم أَتَى ذَلِك الْيَوْم أَي يَوْم عَادَته على صِيَامه أَي مَعَ صِيَام رَمَضَان مُتَّصِلا بِهِ

قَوْله

[2173]

لَا يتقدمن أَي لَا يستقبلن

ص: 148

[2166]

قَوْله

ص: 149

[2175]

كَانَ يصل شعْبَان برمضان أَي يصومهما لَكِن يحمل شعْبَان على غالبه قَوْله يَصُوم أَي يسْتَمر على الصَّوْم حَتَّى لَا يفْطر أَي فِي هَذَا الشَّهْر

[2177]

أَو عَامَّة شعْبَان أَو بِمَعْنى بل أَي بل غالبه

قَوْله

[2178]

تفطر فِي رَمَضَان أَي للْحيض فَمَا تقدر أَن لاحْتِمَال أَن يريدها رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم مَا يَصُوم فِي شعْبَان أَي فَكَانَت تقدر أَن تقضي فِيهِ بِسَبَب كَثْرَة صِيَامه فِيهِ وَأَيْضًا قد ضَاقَ الْوَقْت فَتعين عَلَيْهَا الصّيام بل كَانَ يَصُومهُ كُله أَي يَصُومهُ بِحَيْثُ يَصح أَن يُقَال فِيهِ أَنه يَصُومهُ كُله لغاية قلَّة الْمَتْرُوك بِحَيْثُ يُمكن أَن لَا يعْتد بِهِ من غَايَة قلته قَوْله

ص: 150

[2179]

حَتَّى نقُول قد صَامَ أَي قد داوم عَلَيْهِ

قَوْله

[2182]

وَلَا صَامَ شهرا كَامِلا قطّ أَي بالتحقيق وَأما شعْبَان فَكَانَ يَصُوم كُله بالتأويل كَمَا سبق فَلَا مُنَافَاة قَوْله

ص: 151

وَالله ان صَامَ بِكَسْر الْهمزَة للنَّفْي أَي مَا صَامَ

ص: 152

قَوْله ويتحرى أَي يقْصد وَيَرَاهُ أولى وَأَحْرَى قَوْله فَتنحّى أَي احْتَرز عَن أكله وَقَالَ اعتذارا عَن ذَلِك اني صَائِم

[2188]

الَّذِي يشك فِيهِ أَي فِي أَنه من رَمَضَان أَو من شعْبَان بِأَن يتحدث النَّاس بِرُؤْيَة الْهلَال فِيهِ بِلَا ثَبت وَحمل عُلَمَاء الحَدِيث على أَن يَصُوم بنية رَمَضَان شكا أَو جزما وَأما إِذا جزم بِأَنَّهُ نفل فَلَا كَرَاهَة وَقَالَ بَعضهم بِالْكَرَاهَةِ مُطلقًا وَالْحكم بِأَنَّهُ عصى تَغْلِيظ على تَقْدِير القَوْل بِالْكَرَاهَةِ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله لتفطرن من الْإِفْطَار

[2189]

هَات الْآن مَا عنْدك من الْحجَّة قَوْله

ص: 153

[2191]

ايمانا واحتسابا نصبهما على الْعلَّة أَي يكون الدَّاعِي إِلَى الْقيام الْإِيمَان بِاللَّه أَو تَفْضِيل رَمَضَان وَطلب الثَّوَاب من الله تَعَالَى قَوْله

ص: 154

[2192]

يرغب النَّاس من التَّرْغِيب بعزيمة أَمر فِيهِ بِالْإِضَافَة أَي من غير أَن يَأْمُرهُم بِقطع أَمر وَحكم فِيهِ من افتراض وَندب نعم التَّرْغِيب على هَذَا الْوَجْه يسْتَلْزم النّدب قَوْله من غير أَن يَأْمُرهُم بعزيمة أَي افتراض

ص: 155

[2203]

قَوْله

ص: 157

[2208]

خرج من ذنُوبه كَيَوْم وَلدته أمه أَي طهر من الذُّنُوب كطهارته يَوْم وَلدته أمه لَا كخروجه مِنْهَا يَوْم وَلدته أمه إِذْ لَا ذَنْب عَلَيْهِ فِي ذَلِك الْيَوْم حَتَّى يخرج مِنْهُ ثمَّ ظَاهره الشُّمُول للكبائر والتخصيص فِي مثله بعيد قَوْله وسننت بِصِيغَة الْمُتَكَلّم أَي ندبت لكم وَإِنَّمَا قَالَ لكم إِذْ هُوَ نفع مَحْض لَا ضَرَر فِيهِ أصلا فَمن فعل نَالَ أجرا عَظِيما وَمن ترك فَلَا اثم عَلَيْهِ قَوْله

ص: 158

[2211]

الصَّوْم لي وَأَنا أجزي بِهِ قد ذكرُوا لَهُ مَعَاني لَكِن الْمُوَافق للأحاديث أَنه كِنَايَة عَن تَعْظِيم جَزَائِهِ وَأَنه لَا حد لَهُ وَهَذَا هُوَ الَّذِي تفيده الْمُقَابلَة فِي حَدِيث مَا من حَسَنَة عَملهَا بن آدم الا كتب لَهُ عشر حَسَنَات إِلَى سبعمائه ضعف الا الصّيام فَإِنَّهُ لي وَأَنا أجزى بِهِ وَهَذَا هُوَ الْمُوَافق لقَوْله تَعَالَى انما يُوفى الصَّابِرُونَ أجرهم بِغَيْر حِسَاب وَذَلِكَ لِأَن اخْتِصَاصه من بَين سَائِر الْأَعْمَال بِأَنَّهُ مَخْصُوص بعظيم لَا نِهَايَة لعظمته ولاحد لَهَا وَأَن ذَلِك الْعَظِيم هُوَ الْمُتَوَلِي لجزائه مِمَّا ينساق الذِّهْن مِنْهُ إِلَى أَن جزاءه مِمَّا لَا حد لَهُ وَيُمكن أَن يُقَال على هَذَا معنى قَوْله لي أَي أَنا مُنْفَرد بِعلم مِقْدَار ثَوَابه وتضعيفه وَبِه تظهر الْمُقَابلَة بَينه وَبَين قَوْله كل عمل بن آدم لَهُ الا الصّيام هُوَ لي أَي كل عمله لَهُ بِاعْتِبَار أَنه عَالم بجزائه وَمِقْدَار تَضْعِيفه إِجْمَالا لما بَين الله تَعَالَى فِيهِ الا الصَّوْم فَإِنَّهُ الصَّبْر الَّذِي لَا حد لجزائه جدا بل قَالَ انما يُوفي الصَّابِرُونَ أجرهم بِغَيْر حِسَاب وَيحْتَمل أَن يُقَال معنى قَوْله كل عمل بن آدم لَهُ الخ أَن جَمِيع أَعمال بن آدم من بَاب الْعُبُودِيَّة والخدمة فَتكون لائقة لَهُ مُنَاسبَة لحاله بِخِلَاف الصَّوْم فَإِنَّهُ من بَاب التَّنَزُّه عَن الْأكل وَالشرب والاستغناء عَن ذَلِك فَيكون من بَاب التخلق بأخلاق الرب تبارك وتعالى وَأما حَدِيث مَا من حَسَنَة عَملهَا بن آدم الخ فَيحْتَاج على هَذَا الْمَعْنى إِلَى تَقْدِير بِأَن يُقَال كل عمل بن آدم جَزَاؤُهُ مَحْدُود لِأَنَّهُ لَهُ أَي على قدره الا الصَّوْم فَإِنَّهُ لي فَجَزَاؤُهُ غيرمحصور بل أَنا الْمُتَوَلِي لجزائه على قدري وَالله تَعَالَى أعلم حِين يفْطر من الْإِفْطَار أَي يفرح حِينَئِذٍ

ص: 159

طبعا وان لم يَأْكُل لما فِي طبع النَّفس من محبَّة الْإِرْسَال وَكَرَاهَة التَّقْيِيد

[2212]

وَحين يلقى ربه أَي ثَوَابه على الصَّوْم لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَاللَّامِ وَسُكُونِ الْوَاو هُوَ الْمَشْهُور وَجوز بَعضهم فتح الْمُعْجَمَة أَي تغير رَائِحَته

ص: 160

[2212]

أطيب عِنْد الله من ريح الْمسك أَي صَاحبه عِنْد الله بِسَبَبِهِ أَكثر قبولا ووجاهة وأزيد قربا مِنْهُ تَعَالَى من صَاحب الْمسك بِسَبَب رِيحه عنْدكُمْ وَهُوَ تَعَالَى أَكثر اقبالا عَلَيْهِ بِسَبَبِهِ من اقبالكم

ص: 161

على صَاحب الْمسك بِسَبَب رِيحه قَوْله

ص: 162

[2215]

يدع شَهْوَته وَطَعَامه لأجلي تَعْلِيل لاختصاصه بعظيم الْجَزَاء جنَّة بِضَم الْجِيم وَتَشْديد النُّون أَي وقاية وَستر من النَّار أَو مِمَّا يُؤَدِّي العَبْد إِلَيْهَا من الشَّهَوَات

قَوْله

[2216]

فَلَا يرْفث بِضَم الْفَاء وَكسرهَا

ص: 163

آخِره ثاء مُثَلّثَة وَالْمرَاد بالرفث الْكَلَام الْفَاحِش وَلَا يَصْخَبْ بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ لَا يرفع صَوته وَلَا يغْضب على أحد فَإِن شاتمه الخ أَي خاصمه بِاللِّسَانِ أَو الْيَد فَلْيقل اني صَائِم أَي فليعتذر عِنْده من عدم الْمُقَابلَة بِأَن حَاله لَا يساعد الْمُقَابلَة بِمثلِهِ أَو فليذكر فِي نَفسه أَنه صَائِم ليمنعه ذَلِك عَن الْمُقَابلَة بِمثلِهِ قَوْله

ص: 164

[2220]

عَلَيْك بِالصَّوْمِ أَي الشَّرْعِيّ فَإِنَّهُ الْمُتَبَادر فَإِنَّهُ لَا مثل لَهُ فِي كسر الشَّهْوَة وَدفع النَّفس الأمارة والشيطان أَو لَا مثل لَهُ فِي كَثْرَة الثَّوَاب كَمَا سبق وَيحْتَمل أَن المُرَاد بِالصَّوْمِ كف النَّفس عَمَّا لَا يَلِيق وَهُوَ التَّقْوَى كلهَا وَقد قَالَ تَعَالَى ان أكْرمكُم عِنْد الله أَتْقَاكُم

قَوْله

[2222]

فَإِنَّهُ لَا عدل بِكَسْر الْعين أَو فتحهَا أَي لَا مثل لَهُ قَوْله

ص: 165

[2233]

لأمر الصَّوْم فَعَادَ إِلَيَّ بِالْجَوَابِ الْأَوَّل تَعْظِيمًا لِأَمْرِهِ وَإِنَّهُ يَكْفِي وَالله تَعَالَى أعلم

ص: 166

قَوْله الصَّوْم جنَّة مَا لم يخرقها كيضرب أَي فَتلك الْجنَّة تقيه مَا لم يخرقها كشأن جنَّة الْقِتَال فَقَوله مَا لم يخرقها

ص: 167

مُتَعَلق بمقدر يَقْتَضِيهِ الْمقَام وَالْمرَاد الْخرق بالغيبة كَمَا يدل عَلَيْهِ رِوَايَة الدَّارمِيّ

قَوْله

[2234]

فَلَا يجهل بِفَتْح الْهَاء أَيْ لَا يَفْعَلُ شَيْئًا مِنْ أَفْعَالِ أَهْلِ الْجَهْل كالصياح والسفه وَنَحْو ذَلِك جهل بِكَسْر الْهَاء

قَوْله

[2236]

لَا يدْخل فِيهِ أحد غَيرهم لَا يُنَافِيهِ مَا جَاءَ فِي بعض الْأَعْمَال أَن صَاحبه يفتح لَهُ تمامأبواب الْجنَّة إِذْ يجوز أَن لَا يدْخل من هَذَا الْبَاب ان لم يكن من الصائمين وَيجوز أَن لَا يفعل أحد ذَلِك الْعَمَل الا وَفقه الله لاكثار الصَّوْم بِحَيْثُ يصير من الصائمين شرب أَي عِنْد الْبَاب ومتصلا بِالدُّخُولِ وَلَعَلَّ من يدْخل من الْأَبْوَاب الْأُخَر لم يشرب عِنْد الدُّخُول مُتَّصِلا بِهِ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله

ص: 168

[2238]

من أنْفق زَوْجَيْنِ فِي سَبِيل الله أَي تصدق بِهِ فِي سَبِيل الْخَيْر مُطلقًا أَو فِي الْجِهَاد كَمَا هُوَ الْمُتَبَادر هَذَا خير أَي عمل الَّذِي فعلت خير تَشْرِيفًا وتعظيما لعمله أَو هَذَا الْبَاب خير لدخولك مِنْهُ تَعْظِيمًا لَهُ مَا على أحد الخ أَي لَيْسَ لَهُ ضَرُورَة إِلَى أَن يدعى من جَمِيع الْأَبْوَاب إِذْ الْبَاب الْوَاحِد يَكْفِي لدُخُوله الْجنَّة

قَوْله

[2239]

وَنحن شباب بِفَتْح الشين جمع شَاب لَا نقدر على شَيْء أَي على زواج للفقر بِالْبَاءَةِ بِالْمدِّ وَالْهَاء على الْأَفْصَح يُطلق

ص: 169

على الْجِمَاع وَالْعقد وَالظَّاهِر أَن المُرَاد هَا هُنَا العقد وَضمير فَإِنَّهُ يرجع إِلَيْهِ على أَن المُرَاد بِهِ الْجِمَاع بطرِيق الِاسْتِخْدَام وتذكيره لملاحظة الْمَعْنى وَيحْتَمل أَن المُرَاد الْجِمَاع وَالْمرَاد عَلَيْكُم أَن تجامعوا النِّسَاء بِالْوَجْهِ الْمَعْلُوم شرعا أَغضّ أحبس وَأحْصن وأحفظ فَعَلَيهِ بِالصَّوْمِ قيل الْأَمر لَا يكون الا للمخاطب فَلَا يجوز عَلَيْهِ بِزَيْدٍ وَأَمَّا فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّمَا حَسُنَ لِتَقَدُّمِ الْخِطَابِ فِي أَوَّلِ الْحَدِيثِ عَلَيْكُمْ بِالْبَاءَةِ كَأَنَّهُ قَالَ من لم يسْتَطع مِنْكُم فالغائب فِي الحَدِيث فِي معنى الْمُخَاطب

[2240]

فَإِنَّهُ أَي الصَّوْم لَهُ لِلْفَرجِ وَجَاء بِكَسْر الْوَاو وَالْمدّ أَي كسر شَدِيد يذهب شَهْوَته وَالْمرَاد التَّشْبِيه قَوْله من اسْتَطَاعَ مِنْكُم الْبَاءَة يحْتَمل أَن المُرَاد هَا هُنَا الْجِمَاع أَو العقد بِتَقْدِير الْمُضَاف أَي مؤنه وأسبابه أَو المُرَاد هِيَ الْمُؤَن والأسباب اطلاقا للاسم على مَا

ص: 170

يلازم مُسَمَّاهُ فليتزوج أَمر ندب عِنْد الْجُمْهُور

قَوْله

[2243]

ذَا طول بِفَتْح الطَّاء أَي سَعَة قَوْله

ص: 171

[2244]

فِي سَبِيل الله يحْتَمل أَن المُرَاد بِهِ مُجَرّد إصْلَاح النِّيَّة وَيحْتَمل أَن المُرَاد بِهِ أَنه صَامَ حَال كَونه غازيا وَالثَّانِي هُوَ الْمُتَبَادر

[2244]

زحزح الله وَجهه أَي بعده سبعين خَرِيفًا أَي مَسَافَة سبعين عَاما وَهُوَ كِنَايَة عَن حُصُول الْبعد الْعَظِيم قَوْله

ص: 172

[2254]

مسيرَة مائَة عَام والتوفيق بِحمْل أحد العددين أَو كليهمَا على التكثير أَو أَنه تَعَالَى زَاد للصَّوْم الْأجر

ص: 174

فَأَتمَّ مائَة بعد مَا كَانَ سبعين وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله لَيْسَ من الْبر الخ بِكَسْر الْبَاء أَي من الطَّاعَة وَالْعِبَادَة وَظَاهره أَن ترك الصَّوْم أولى ضَرُورَة أَن الصَّوْم مَشْرُوع طَاعَة فَإِذا خرج عَن كَونه طَاعَة فَيَنْبَغِي أَن لَا يجوز وَلَا أقل من كَون الأولى تَركه وَمن يَقُول أَن الصَّوْم هُوَ الأولى فِي السّفر يسْتَعْمل الحَدِيث فِي مورده أَي لَيْسَ من الْبر إِذا بلغ الصَّائِم هَذَا الْمبلغ من الْمَشَقَّة وَكَأَنَّهُ مَبْنِيّ على تَعْرِيف الصَّوْم للْعهد وَالْإِشَارَة إِلَى

ص: 175

مثل صَوْم ذَلِك الصَّائِم نعم الأَصْل هُوَ عُمُوم اللَّفْظ لَا خُصُوص المورد لَكِن إِذا أدّى عُمُوم اللَّفْظ إِلَى تعَارض الْأَدِلَّة يحمل على خُصُوص المورد كَمَا هَا هُنَا وَقيل من فِي قَوْله لَيْسَ من الْبر زَائِدَة وَالْمعْنَى لَيْسَ هُوَ الْبر بل قَدْ يَكُونُ الْإِفْطَارُ أَبَرَّ مِنْهُ إِذَا كَانَ فِي حج أَو جِهَاد ليقوى عَلَيْهِ وَالْحَاصِل أَن الْمَعْنى على الْقصر لتعريف الطَّرفَيْنِ وَقيل محمل الحَدِيث على من يَصُوم وَلَا يقبل الرُّخْصَة

قَوْله

[2258]

لَيْسَ من الْبر أَن تَصُومُوا أَي مثل صَوْم صَاحبكُم هَذَا قَوْله ذكر الرجل أَي الْمَجْهُول الَّذِي فِي السَّنَد قَوْله

ص: 176

[2262]

قد ظلل بتَشْديد اللَّام الأولى على بِنَاء الْمَفْعُول أَي جعل عَلَيْهِ شَيْء يظله من الشَّمْس لغَلَبَة الْعَطش عَلَيْهِ وحر الصَّوْم

[2263]

حَتَّى بلغ كرَاع الغميم بِضَم الْكَاف والغميم بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة اسْم وَاد أَمَام عسفان فَدَعَا بقدح من مَاء بعد الْعَصْر فِيهِ دَلِيل على جَوَاز الْفطر للْمُسَافِر بعد الشُّرُوع فِي الصَّوْم وَمن يَقُول بِخِلَافِهِ فَلَا يَخْلُو قَوْله عَن اشكال قَوْله ادنيا من الادناء وَالْمعْنَى قربا أنفسكما من الطَّعَام

[2264]

فَقَالَ ارحلوا لصاحبيكم أَي قَالَ لسَائِر الصَّحَابَة المفطرين ارحلوا لصاحبيكم أَي لأبي بكر وَعمر لِكَوْنِهِمَا صَائِمين أَي شدوا الرحل لَهما على الْبَعِير اعْمَلُوا من الْعَمَل أَي عاونوهما فِيمَا يحتاجان إِلَيْهِ وَالْمَقْصُود أَنه قررهما على الصَّوْم فَهُوَ جَائِز أَو أَنه أَشَارَ إِلَى أَن صَاحب الصَّوْم كل على غَيره فَهُوَ مَكْرُوه وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله

ص: 177

[2267]

فَقَالَ انْتظر الْغَدَاء أَي امْكُث حَتَّى يحضر الْغَدَاء فَكل مَعْنَاهُ ادن من الدنو حَتَّى أخْبرك عَن الْمُسَافِر أَي أَنْت مُسَافر وَقد وضع الله عَن الْمُسَافِر صَوْم الْفَرْض بِمَعْنى وضع عَنهُ لُزُومه فِي تِلْكَ الْأَيَّام وخيره بَين أَن يَصُوم تِلْكَ الْأَيَّام

ص: 178

وَبَين عدَّة من أَيَّام أخر فَكيف صَوْم النَّفْل وَنصف الصَّلَاة أَي من الرّبَاعِيّة لَا إِلَى بدل بِخِلَاف الصَّوْم

ص: 179

قَوْله وَعَن الحبلىوالمرضع أى أذا خافتا على الْحَبل والرضيع أَو على أَنفسهمَا ثمَّ هَل وضع ألى قَضَاء أَو فدَاء أَولا إِلَى قَضَاء

ص: 180

وَلَا فدَاء الحَدِيث سَاكِت فَكل من يَقُول بِبَعْضِه لَا بُد لَهُ من دَلِيل يُقَال

ص: 181

[2283]

أنس بن مَالك هُوَ غير أنس بن مَالك خَادِم رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم

قَوْله

[2283]

فَسقط الصوام كحكام جَمِيع صَائِم أَي مَا قدرُوا على قَضَاء حَاجتهم ذهب المفطرون بِالْأَجْرِ أَي حصل لَهُم بالإعانة فِي سَبِيل الله من الْأجر فَوق مَا حصل للصائمين بِالصَّوْمِ بِحَيْثُ يُقَال كَأَنَّهُمْ أخذُوا الْأجر كُله وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله

ص: 182

[2284]

الصّيام فِي السّفر كالافطار فِي الْحَضَر أَي كالافطار فِي غير رَمَضَان فمرجعه إِلَى أَن الصَّوْم خلاف الأولى أَو فِي رَمَضَان فمدلوله أَنه حرَام وَالْأول هُوَ أقرب وَمَعَ ذَلِك لَا بُد عِنْد الْجُمْهُور من حمله على حَالَة مَخْصُوصَة كَمَا إِذا أجهده الصَّوْم وَالله تَعَالَى أعلم

قَوْله

[2287]

أَتَى قُدَيْدًا بِضَمِّ الْقَافِ عَلَى التَّصْغِيرِ مَوْضِعٌ قريب من عسفان فَشرب أَي بعد الْعَصْر فَأفْطر أَي بعد مَا أصبح صَائِما

قَوْله

[2290]

حَتَّى أَتَى عسفان بِضَم فَسُكُون قَرْيَة قريبَة من مَكَّة

ص: 183

[2291]

فَشرب نَهَارا ثمَّ أفطر أَي داوم على الْإِفْطَار إِلَى مَكَّة

قَوْله

[2292]

يَصُوم وَيفْطر أَي فَيجوز الْوَجْهَانِ قَوْله

ص: 184

[2294]

قَالَ ان ثمَّ ذكر الخ فَقَالَ ثمَّ ذكر بعد ان كلمةمعناه معنى مَا ذكرت فِي ان شِئْت صمت الخ

ص: 185

ثمَّ ظَاهر الحَدِيث جَوَاز الْأَمريْنِ من غير تَرْجِيح لأَحَدهمَا لَا للصَّوْم وَلَا للافطار وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله أسرد بِضَم الرَّاء أَي أتابعه

قَوْله

[2301]

اني رجل أسرد الصّيام هُوَ بِصِيغَة الْمُتَكَلّم نظرا إِلَى الْمَعْنى

ص: 186

والا فَالظَّاهِر يسْرد لِأَنَّهُ صفة لرجل وَلَيْسَ بِخَبَر آخر والا لم يبْق فِي قَوْله رجل فَائِدَة فَتَأمل

قَوْله

[2303]

هِيَ رخصَة

ص: 187

الضَّمِير للافطار والتأنيث بِاعْتِبَار الْخَبَر وَالْكَلَام جَاءَ على اعْتِقَاد السَّائِل فَلَا يلْزم أَن ظَاهره تَرْجِيح الْإِفْطَار حَيْثُ قَالَ فَحسن وَقَالَ فِي الصَّوْم فَلَا جنَاح عَلَيْهِ وَالله تَعَالَى أعلم

قَوْله

[2312]

ذِكْرُ الِاخْتِلَافِ عَلَى أَبِي نَضْرَةَ الْمُنْذِرِ بْنِ مَالك بن قِطْعَة قيل ضَبطه الامام النَّوَوِيّ فِي أَمَاكِن من شرح مُسلم قِطْعَة قِطْعَة بِكَسْر الْقَاف واسكان الْمُهْملَة وَضَبطه فِي التَّقْرِيب بِضَم الْقَاف وَفتح الْمُهْملَة قَوْله لايعيب من الْعَيْب أَي لَا يُنكر الصَّائِم على الْمُفطر افطاره دينا وَلَا الْمُفطر على الصَّائِم صَوْمه فهما جائزان قَوْله

ص: 188

[2313]

حَتَّى إِذا كَانَ بالكديد بِفَتْحِ الْكَافِ وَكَسْرِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ مَكَانٌ بَيْنَ عُسْفَانَ وقُدَيْدٍ قَالَ عِيَاضٌ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ فِي الْموضع الَّذِي أفطر فِيهِ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم والقصة وَاحِدَةٍ وَكُلُّهَا مُتَقَارِبَةٌ وَالْجَمِيعُ مِنْ عَمَلِ عُسْفَانَ انْتهى قلت فَفِي آخر كَلَامه إِشَارَة إِلَى وَجه التَّوْفِيق وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله

ص: 189

[2316]

لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ الخ سَببهَا أَنه شقّ عَلَيْهِم رَمَضَان فَرخص لَهُم فِي الْإِفْطَار مَعَ الْقُدْرَة على الصَّوْم فَكَانَ يَصُوم بعض ويفتدى بعض حَتَّى نزل قَوْله تَعَالَى فَمن شهد مِنْكُم الشَّهْر فليصمه وَهَذِه الْآيَة هِيَ المرادة بقوله حَتَّى نزلت الْآيَة بعْدهَا وَقيل الناسخة قَوْله تَعَالَى وَأَن تَصُومُوا خير لكم وَفِيه أَنه

ص: 190

يدل على أَن الصَّوْم خير من الافتداء فَهَذَا يدل على جَوَاز الافتداء فَلَا يصلح نَاسِخا لَهُ بل هُوَ من جملَة الْمَنْسُوخ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله يكلفونه أَي يعدونه مشقة على أنفسهم ويحملونه بكلفة وصعوبة فِي الْكَشَّاف وَغَيره من التفاسير أَن هَذَا الْمَعْنى مبْنى على قِرَاءَة بن عَبَّاس وَهِي يطوقونه تفعيل من الطوق ثمَّ ذكرُوا عَنهُ رِوَايَات أخر ثمَّ ذكرُوا أَنه يَصح هَذَا الْمَعْنى على قِرَاءَة يطيقُونَهُ أَي يبلغون بِهِ غَايَة وسعهم وطاقتهم وعَلى هَذَا لَا حَاجَة إِلَى تَقْدِير حرف النَّفْي على الْقِرَاءَة الْمَشْهُورَة وَالْمَشْهُور أَنه على الْقِرَاءَة الْمَشْهُورَة يقدر حرف النَّفْي وَالله تَعَالَى أعلم

[2317]

لَيست بمنسوخة أَي الْآيَة على هَذَا الْمَعْنى لَيست مَنْسُوخَة وَجُمْلَة لَيست مَنْسُوخَة مُعْتَرضَة بَين تَفْسِير الْآيَة الا الَّذِي يُطيق قد يُؤْخَذ مِنْهُ الْإِشَارَة إِلَى التَّوْجِيه الْمَشْهُور وَهُوَ تَقْدِير لَا للْقِرَاءَة الْمَشْهُورَة على هَذَا الْمَعْنى لَا يشفى على بِنَاء الْمَفْعُول

قَوْله

[2318]

أحرورية أَنْت بِفَتْح حاء وَضم رَاء أولى أَي خارجية وهم طَائِفَة من الْخَوَارِج نسبوا إِلَى حروراء بِالْمدِّ وَالْقصر وَهُوَ مَوضِع قريب من الْكُوفَة وَكَانَ عِنْدهم تشدد فِي أَمر الْحيض شبهتها بهم فِي تشددهم فِي أَمرهم وَكَثْرَة مسائلهم وتعنتهم بهَا وَقيل أَرَادَت أَنَّهَا خرجت عَن السّنة كَمَا خَرجُوا عَنْهَا وَلَعَلَّ عَائِشَة زعمت أَن سؤالها تعنت لظُهُور الحكم عِنْد الْخَواص والعوام فتغلظت فِي الْجَواب وَالله تَعَالَى أعلم بِالصَّوَابِ قَوْله إِن كَانَ هِيَ مُخَفّفَة أَي أَن الشَّأْن وَاحِد الكونين زَائِد وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله

ص: 191

[2320]

فاتموا بَقِيَّة يومكم فِيهِ دَلِيل على التَّرْجَمَة فَإِنَّهُ بالإتمام لمن أكل وَمن لم يَأْكُل قَوْله أهل الْعرُوض ضبط بِفَتْح الْعين يُطلق على مَكَّة وَالْمَدينَة وَمَا حولهما قَوْله أذن من التأذين بِمَعْنى النداء أَو الايذان وَالْمُصَنّف حمل الحَدِيث على صَوْم النَّفْل لِأَن صَوْم عَاشُورَاء لَيْسَ بِفَرْض وَلَكِن اسْتدلَّ صَاحب الصَّحِيح على عُمُوم الحكم وَذَلِكَ لِأَن

ص: 192

الْأَحَادِيث تدل على افتراض صَوْم عَاشُورَاء من جُمْلَتهَا هَذَا الحَدِيث فَإِن هَذَا الاهتمام يَقْتَضِي الافتراض وعَلى هَذَا فَالْحَدِيث ظَاهر فِي جَوَاز الصَّوْم بنية من نَهَار فِي صَوْم الْفَرْض وَمَا قيل أَنه إمْسَاك لَا صَوْم مَرْدُود بِأَنَّهُ خلاف الظَّاهِر فَلَا يُصَار إِلَيْهِ بِلَا دَلِيل نعم قد قَامَ الدَّلِيل فِيمَن أكل قبل ذَلِك وَمَا قيل أَنه جَاءَ فِي أبي دَاوُد انهم أَتموا بَقِيَّة الْيَوْم وقضوه قُلْنَا هُوَ شَاهد صدق لنا عَلَيْكُم حَيْثُ خص الْقَضَاء بِمن أتم بَقِيَّة الْيَوْم لَا بِمن صَامَ تَمَامه فَعلم أَن من صَامَ تَمَامه بنية من نَهَار فقد جَازَ صَوْمه لَا يُقَال يَوْم عَاشُورَاء مَنْسُوخ فَلَا يَصح بِهِ اسْتِدْلَال لأَنا نقُول دلّ الحَدِيث على شَيْئَيْنِ أَحدهمَا وجوب صَوْم عَاشُورَاء وَالثَّانِي أَن الصَّوْم الْوَاجِب فِي يَوْم بِعَيْنِه يَصح بنية من نَهَار والمنسوخ هُوَ الأول وَلَا يلْزم من نسخه نسخ الثَّانِي وَلَا دَلِيل على نسخه أَيْضا بَقِي فِيهِ بحث وَهُوَ أَن الحَدِيث يَقْتَضِي أَن وجوب الصَّوْم عَلَيْهِم مَا كَانَ مَعْلُوما من اللَّيْل وَإِنَّمَا علم من النَّهَار وَحِينَئِذٍ صَار اعْتِبَار النِّيَّة من النَّهَار فِي حَقهم ضَرُورِيًّا كَمَا إِذا شهد الشُّهُود بالهلال يَوْم الشَّك فَلَا يلْزم جَوَاز الصَّوْم بنية من النَّهَار بِلَا ضَرُورَة وَهُوَ الْمَطْلُوب وَالله تَعَالَى أعلم

قَوْله

[2322]

وَقد أهْدى إِلَى حيس هُوَ شَيْء يتَّخذ من تمر وَسمن وَغَيرهمَا فخبأت لَهُ مِنْهُ أَي أفردت لَهُ مِنْهُ حِصَّة وَتركته مَسْتُورا عَن أعين الأغيار أدنيه أَمر من الادناء أَي قربيه وَهَذَا يدل على جَوَاز الْفطر للصَّائِم تَطَوّعا بِلَا عذر وَعَلِيهِ كثير من محققي عُلَمَائِنَا لكِنهمْ أوجبوا الْقَضَاء كَمَا يدل عَلَيْهِ حَدِيث صوما يَوْمًا مَكَانَهُ وَهَذَا الحَدِيث وان كَانَ ظَاهره عدم الْقَضَاء لكنه لَيْسَ صَرِيحًا فِيهِ وَكَذَا حَدِيث أم هَانِئ لَا يدل على عدم الْقَضَاء

ص: 193

[2312]

فَهَذَا القَوْل غير بعيد دَلِيلا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله ثمَّ دَار على الثَّانِيَة ظَاهره أَنه فِي ذَلِك الْيَوْم

ص: 194

وَالرِّوَايَة السَّابِقَة صَرِيحَة فِي خلاف ذَلِك وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله تطعمينيه من الاطعام

قَوْله

[2330]

وَقد فرضت الصَّوْم أَي نَوَيْت وَقد يُؤْخَذ مِنْهُ أَنه يلْزم بِالنِّيَّةِ مَعَ الشُّرُوع هُوَ أَو بدله وَهُوَ الْقَضَاء وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله

ص: 195

[2331]

من لم يبيت من بَيت بِالتَّشْدِيدِ إِذا نوى لَيْلًا أَي من لم ينْو لَيْلًا وَقد رجح التِّرْمِذِيّ وَقفه وعَلى تَقْدِير الرّفْع فالاطلاق غير مُرَاد فَحَمله كثير على صِيَام الْفَرْض لِأَنَّهُ الْمُتَبَادر وَبَعْضهمْ على غير الْمُتَعَيّن شرعا كالقضاء وَالْكَفَّارَة وَالنّذر الْمعِين وَالله تَعَالَى أعلم

قَوْله

[2333]

من لم يجمع من الْإِجْمَاع أَي من لم ينْو

ص: 196

وَالْعَزِيمَةُ أَجْمَعْتَ الرَّأْيَ وَأَزْمعْتَهُ وَعَزَمْتَ عَلَيْهِ بِمَعْنًى

ص: 197

قَوْله

[2345]

أَيَّام الْبيض أَي أَيَّام اللَّيَالِي الْبيض الَّتِي يكون الْقَمَر فِيهَا من الْمغرب إِلَى الصُّبْح قَوْله

ص: 198

[2350]

بل كَانَ يصله برمضان أَي بل كَانَ يَصُومهُ كُله فيصله برمضان وَالْمرَاد الْغَالِب كَمَا سبق وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله

ص: 199

[2354]

أَكثر صياما مِنْهُ لشعبان صياما مَنْصُوب على التَّمْيِيز وَلَا وَجه لجره كَمَا قيل قَوْله

ص: 200

[2356]

كَانَ يَصُوم شعْبَان كُله أَي أَكْثَره وَقيل أَحْيَانًا يَصُوم كُله وَأَحْيَانا أَكْثَره وَقيل معنى كُله أَنه لَا يخص أَوله بِالصَّوْمِ أَو وَسطه أَو آخِره بل يعم أَطْرَافه بِالصَّوْمِ وان كَانَ بِلَا اتِّصَال الصّيام بعضه بِبَعْض

قَوْله

[2357]

وَهُوَ شهر ترفع الْأَعْمَال فِيهِ إِلَى رب الْعَالمين قيل مَا مَعْنَى هَذَا مَعَ أَنَّهُ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ

ص: 201

النَّهَارِ وَعَمَلُ النَّهَارِ قَبْلَ عَمَلِ اللَّيْلِ قُلْتُ يحْتَمل أَمْرَانِ أَحَدُهُمَا أنَّ أَعْمَالَ الْعِبَادِ تُعْرَضُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى كُلَّ يَوْمٍ ثُمَّ تُعْرَضُ عَلَيْهِ أَعْمَالُ الْجُمُعَةِ فِي كُلِّ اثْنَيْنِ وَخَمِيسٍ ثُمَّ تُعْرَضُ عَلَيْهِ أَعْمَالُ السَّنَةِ فِي شَعْبَانَ فَتُعْرَضُ عَرْضًا بَعْدَ عَرْضٍ وَلِكُلِّ عَرْضٍ حِكْمَةٌ يُطْلِعُ عَلَيْهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ خَلْقِهِ أَوْ يَسْتَأْثِرُ بِهَا عِنْدَهُ مَعَ أَنَّهُ تَعَالَى لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْ أَعْمَالِهِمْ خَافِيَةٌ ثَانِيهِمَا أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهَا

ص: 202

تُعْرَضُ فِي الْيَوْمِ تَفْصِيلًا ثُمَّ فِي الْجُمُعَةِ جملَة أَو بِالْعَكْسِ

قَوْله

[2360]

كَانَ يتحَرَّى صِيَام الْإِثْنَيْنِ وَالْخَمِيس أَي يقصدهما ويراهما أَحْرَى وَأولى قَوْله

ص: 203

[2368]

وقلما يفْطر يَوْم الْجُمُعَة أَي يَصُومهُ مَعَ يَوْم الْخَمِيس لَا أَنه يَصُومهُ وَحده فَلَا يُنَافِي مَا جَاءَ من النَّهْي عَنهُ لكَونه مَحْمُولا على صَوْم الْجُمُعَة وَحدهَا وَالله تَعَالَى أعلم

قَوْله

[2370]

يتحَرَّى فَضله أَي يرَاهُ ويعتقده وَقَوله يَعْنِي شهر رَمَضَان الخ يدل على أَن قَوْله الا هَذَا الْيَوْم فِيهِ اخْتِصَار أَي وَهَذَا الشَّهْر وَالله تَعَالَى أعلم

قَوْله

[2371]

أَيْن عُلَمَاؤُكُمْ أَي حَتَّى يصدقوني فِيمَا أَقُول وَهَذَا يدل على أَنه بلغه من بعض خلاف مَا يَقُول وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله

ص: 204

[2373]

من صَامَ الْأَبَد فَلَا صَامَ قيل هَذَا إِذا صَامَ أَيَّام الْكَرَاهَة أَيْضا والا فَلَا منع

قَوْله

[2374]

فَلَا صَامَ وَلَا أفطر أَي مَا صَامَ لقلَّة أجره وَمَا أفطر لتحمله مشقة الْجُوع والعطش وَقيل دُعَاء عَلَيْهِ زجرا لَهُ عَن ذَلِك وَقيل بل لَا يبْقى لَهُ حَظّ من الصَّوْم لكَونه يصير عَادَة لَهُ وَلَا هُوَ مفطر حَقِيقَة فلاحظ لَهُ من الْإِفْطَار وَقيل النَّهْي إِنَّمَا هُوَ إِذا صَامَ أَيَّام الْكَرَاهَة وَلَا نهى بِدُونِ ذَلِك

ص: 205

قَوْله

[2383]

سُئِلَ عَن صَوْمه فَغَضب يحْتَمل أَنه مَا أَرَادَ إِظْهَار مَا خَفِي من عِبَادَته بِنَفسِهِ فكره لذَلِك سُؤَاله

ص: 206

أَو أَنه خَافَ على السَّائِل فِي أَن يتَكَلَّف فِي الِاقْتِدَاء بِحَيْثُ لَا يبْقى لَهُ الْإِخْلَاص فِي النِّيَّة أَو أَنه يعجز بعد ذَلِك قَوْله قيل للنَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم رجل يَصُوم الدَّهْر أَي ذكر لَهُ رجل يَصُوم الدَّهْر فعلى هَذَا رجل نَائِب الْفَاعِل وَمَا بعده صفته وَيحْتَمل أَن قيل بِمَعْنَاهُ وَرجل مُبْتَدأ وَمَا بعده صفته وَالْخَبَر مَحْذُوف أَي مَا حكمه

ص: 207

[2385]

وددت أَنه لم يطعم الدَّهْر أَي وددت أَنه مَا أكل لَيْلًا وَلَا نَهَارا حَتَّى مَاتَ جوعا وَالْمَقْصُود بَيَان كَرَاهَة عمله وَأَنه مَذْمُوم الْعَمَل حَتَّى يتَمَنَّى لَهُ الْمَوْت بِالْجُوعِ أَكثر أَي هُوَ أَكثر من الْحَد الَّذِي يَنْبَغِي وَأما قَوْله فِي النّصْف أَنه أَكثر فَهُوَ بِنَاء على النّظر إِلَى أَحْوَال غَالب النَّاس فَإِنَّهُ بِالنّظرِ إِلَى غالبهم يضعف ويخل فِي إِقَامَة الْفَرَائِض وَغَيره والا فَهُوَ صَوْم دَاوُد وَقد جَاءَ أَنه أحب الصّيام بِمَا يذهب وحر الصَّدْر بِفتْحَتَيْنِ قبل غشه ووساوسه وَقيل حقده وَقيل مَا يحصل فِي الْقلب من الكدورات وَالْقَسْوَة وَيَنْبَغِي ان يُرَاد هَا هُنَا الْحَاصِلَة بالإعتياد

ص: 208

على الْأكل وَالشرب فَإِن شرع الصَّوْم لتصقيل الْقلب فَكَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى أَن هَذَا الْقدر يَكْفِي فِي ذَلِك وَيحْتَمل أَن يُقَال طَالب الْعِبَادَة لَا يطمئن قلبه بِلَا عبَادَة فَأَشَارَ إِلَى أَن الْقدر الْكَافِي فِي الاطمئنان هَذَا الْقدر وَالْبَاقِي زَائِد عَلَيْهِ وَالله تَعَالَى أعلم

قَوْله

[2387]

أَو يُطيق ذَلِك أحد كَأَنَّهُ كرهه لِأَنَّهُ مِمَّا يعجز عَنهُ فِي الْغَالِب فَلَا يرغب فِيهِ فِي دين سهل سمح ذَلِك صَوْم دَاوُد عليه السلام أَي وَصَوْم دَاوُد أفضل الصّيام وَكَأَنَّهُ تَركه لتقريره ذَلِك مرَارًا أُطِيق ذَلِك أَي أقدر عَلَيْهِ مَعَ أَدَاء حُقُوق النِّسَاء فمرجع هَذَا إِلَى خوف فَوَات حُقُوق النِّسَاء فَإِن ادامة الصَّوْم يخل بحظوظهن مِنْهُ والا فَكَانَ يُطيق أَكثر مِنْهُ فَإِنَّهُ كَانَ يواصل قَوْله

ص: 209

[2389]

وَلم يفتش لنا كنفا بتفحتين قيل هُوَ بِمَعْنى الْجَانِب وَالْمرَاد أَنه لم يقربهَا قَالَ صم يَوْمَيْنِ وَأفْطر يَوْمًا إِلَى قَوْله صم أفضل الصّيام صِيَام دَاوُد الظَّاهِر أَن هَذِه الرِّوَايَة لَا تَخْلُو عَن تَحْرِيف من الروَاة فَإِن عبد الله كَانَ يستزيد وَالنَّبِيّ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يزِيد لَهُ وَهَذَا التَّرْتِيب لَا يُنَاسب ذَلِك كَمَا لَا يخفى وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله فَوَقع لي أَي شدد على فِي القَوْل قَوْله هَجَمَتْ لَهُ الْعَيْنُ أَيْ غَارَتْ وَدَخَلَتْ فِي موضعهَا ونفهت بِكَسْر الْفَاء أَي تعبت وكلت

ص: 210

[2399]

وَلَا يفر إِذا لَاقَى كَأَنَّهُ إِشَارَة إِلَى أَن هَذَا الصَّوْم لَا يضعف جدا بل قد يبْقى مَعَه الْقُوَّة إِلَى هَذَا الْحَد وان كَانَ كثير مِنْهُم يضعفون وَالله تَعَالَى أعلم

قَوْله

[2400]

حَتَّى قَالَ فِي خَمْسَة أَيَّام أَي اقْرَأ الْقُرْآن فِي خَمْسَة أَيَّام قَوْله

ص: 214

[2402]

فألقيت لَهُ وسَادَة أَدَم هِيَ بِكَسْر الْوَاو المخدة وأدم بتفحتين الْجلد ربعَة بِفَتْح فَسُكُون أَو بِفتْحَتَيْنِ أَي متوسطة لَا كَبِيرَة وَلَا قَصِيرَة حشوها الحشو مَا يحشى بهَا الْفرش وَغَيرهَا لِيف لِيف النّخل بِالْكَسْرِ مَعْرُوف

ص: 215

قلت يَا رَسُول الله أَي زد لي لَا صَوْمَ فَوْقَ صَوْمِ دَاوُدَ شَطْرُ الدَّهْرِ قَالَ الْحَافِظ بن حجر بِالرَّفْع على الْقطع أَي على تَقْدِير الْمُبْتَدَأ وَيَجُوزُ النَّصْبُ عَلَى إِضْمَارِ فِعْلٍ وَالْجَرُّ عَلَى الْبَدَلِ مِنْ صَوْمِ دَاوُدَ قَالَ وَيَجُوزُ

ص: 216

فِي قَوْله صِيَام يَوْم الحركات الثَّلَاث ثمَّ ظَاهر الحَدِيث أَن صَوْم دَاوُد أفضل الصّيام مُطلقًا أَي سَوَاء بِكَرَاهَة صَوْم الدَّهْر أم لَا ثمَّ الْأَحَادِيث تفِيد كَرَاهَة صَوْم الدَّهْر وَمَا جَاءَ من تَقْرِيره صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم لمن قَالَ اني رجل أسرد الصَّوْم لَا يدل على خلاف اذلا يلْزم من السرد كَونه يَصُوم الدَّهْر بِتَمَامِهِ فَلْيتَأَمَّل

ص: 217

قَوْله

[2408]

شَهْرُ الصَّبْرِ هُوَ شَهْرُ رَمَضَانَ وَأَصْلُ الصَّبْرِ الْحَبْسُ فَسُمِّيَ الصَّوْمُ صَبْرًا لِمَا فِيهِ مِنْ حبس النَّفس عَن الطَّعَام وَالشرَاب وَالْجِمَاع

ص: 218

[2409]

فقد صَامَ الدَّهْر ثمَّ قَالَ صدق الخ هَذَا مَبْنِيّ على ان رَمَضَان لَا يحْسب صَوْمه بِعشْرَة وانما يحْسب غَيره وَمَا جَاءَ من أتبع رَمَضَان سِتا من شَوَّال فقد صَامَ الدَّهْر أَو نَحْو ذَلِك مَبْنِيّ على أَن صَوْم رَمَضَان أَيْضا يحْسب بِعشْرَة وَالله تَعَالَى أعلم

ص: 219

[2414]

قَوْله

ص: 220

[2419]

يَأْمر بصيام ثَلَاثَة أَيَّام أول خَمِيس واثنين واثنين هَذَا يدل على أَنه كَانَ يَأْمر بتكرار الْإِثْنَيْنِ وَقد سبق من فعله أَنه كَانَ يُكَرر الْخَمِيس فَدلَّ الْمَجْمُوع على أَن الْمَطْلُوب إِيقَاع صِيَام الثَّلَاثَة فِي هذَيْن الْيَوْمَيْنِ اما بتكرار الْخَمِيس أَو بتكرار الْإِثْنَيْنِ والوجهان جائزان وَالله تَعَالَى أعلم

قَوْله

[2420]

وَأَيَّام الْبيض أَي أَيَّام اللَّيَالِي الْبيض بِوُجُود الْقَمَر طول اللَّيْل وَفِي الحَدِيث اخْتِصَار مثل وَخَيرهَا صِيَام أَيَّام الْبيض وَأَيَّام الْبيض كَذَا وَكَذَا وَذكر بَعْضُهُمْ أَنَّ الْحِكْمَةَ فِي صَوْمِهَا أَنَّهُ لَمَّا عَمَّ النُّورُ لَيَالِيَهَا نَاسَبَ أَنْ تَعُمَّ الْعِبَادَةُ نَهَارَهَا وَقِيلَ الْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْكُسُوفَ يَكُونُ فِيهَا غَالِبًا وَلَا يَكُونُ فِي غَيْرِهَا وَقَدْ أُمِرْنَا بِالتَّقَرُّبِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى

ص: 221

بأعمال الْبر عِنْد الْكُسُوف

قَوْله

[2421]

فَصم الغر أَي الْبيض اللَّيَالِي بالقمر

ص: 222

قَوْله

[2427]

وَجدتهَا تدمى كترضى أَي تحيض

ص: 223