الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بين يدي التحقيق
الحمد لله رب العالمين، وبه أستعين. وأشهد أن لا إله إلا الله ولي المتقين، والصلاة والسلام على خاتم النبيين وإمام المرسلين محمد، وعلى آله وصحابته الغرّ الميامين.
وبعد فإنني لما عزمت على تحقيق (نيل المآرب بشرح دليل الطالب) بذلت الجهد في الحصول على ما يمكن أن يكون قد خُدِم به هذا الكتاب الجليل، ليكون مسهلًا لعملي، ومعينًا على إعطاء الكتاب حقه من العناية والإتقان. فوقعتْ إليّ نسخة من حاشية الشيخ عبد الغني اللبدي على نيل المآرب. وقد قرأتها مرّات، وأفدت منها كثيرًا. وصدر التحقيق المذكور سنة 1403 هـ.
ثم لما تجدّدت الرغبة في إصدار الطبعة الثانية من (نيل المآرب) بذلت فيها مزيدًا من العناية، وأدخلت عليها مزيدًا من التصحيحات من قبلي، ومما عَلّقه الشيخ محمد بن سليمان الجرّاح، الفقيه الحنبلي، الكويتي المعمّر، إذ كان يقرئ الطلبة في نسخة من الطبعة الأولى المنشورة بتحقيقي. بل إنه قرأ الكتاب كله بغرض التدقيق، وأمدّني بقائمتين تصحيحيتين استعنت بهما في تصحيح الكتاب، فجزاه الله خيرًا. وقد توفي مؤخرًا (1417 هـ) فرحمه الله رحمة واسعة.
ثم دفعتُ الكتاب والحاشية إلى المطبعة، وصححتُ بعض التجارب.
ووقعتْ حوادث الخليج المفجعة سنة 1990م، ففقد بسببها النصف الأول من الكتاب، والنصف الأول من الحاشية، فلم يعثر لهما على أثر.
وكان لا بد من إعادة العمل، فبالله وحده نستعين.
* قيمة هذه الحاشية:
هذه الحاشية تقويم لكتاب (نيل المآرب) وأصلِهِ (دليل الطالب) وهو المتن الذي يعتمده علماء المذهب الحنبلي في كافة الديار، وخاصة في الديار الشامية
-أ-
وبعض الديار السعودية، وسائر دول الخليج العربي، وإن كان يزاحمه في الديار السعودية كتاب زاد المستقنع (مختصر المقنع) للحجاوي صاحب الإقناع. إلا أن (دليل الطالب) أيسر منه، وأوضح عبارة، وأقل تعقيدًا، ولذا كان أيسر على الطلبة. وقد زاده (نيل المآرب) وضوحًا، وإفادة، وزيادة. وقد لَفَت الشيخُ ابن بدران في مدخله الأنظار إلى أن هذا الشرح "غيرُ محرَّر، وغير وافٍ بمقصود المتن". لكن الشيخ محمد بن عبد العزيز المانع رحمه الله، في تقديمه لكتاب "منار السبيل في شرح الدليل"، لفَتَ الأنظار أيضًا إلى أن "حاشية اللبدي " أكملت هذا النقص، وأن "بها تحرَّرَ نيلُ الماَرب" كما قال. وكانت هذه الكلمة شهادةً لهذه الحاشية. وكان ذلك مما حفزني للبحث عنها. والعمل على إخراجها لأهل العلم.
فالحمد لله على ذلك.
لقد أضافت حاشية الشيخ عبد الغني اللبدي إلى "نيل المآرب" كثيرًا من مسائل الفقه التقليدية المتوارثة، وزادت من تقويمه بما فيها من توضيحٍ لمشكلاته، وتحرير لِمَطالبِهِ، وتقييد لتعبيراته، وصححتْ كثيرًا من الأخطاء التي وقعت فيه، بل التي وقعت في متن "دليل الطالب" وأضافت إليه مسائل ذات أهمية. واستعرضت أوضاعًا وأعرافًا خاصة، كانت جارية في الديار النابلسيّة، وفي قراها خاصة، ولا يزال بعضها موجودًا، كان الشيخ عبد الغني يطّلع عليها، أو يُسْأل عنها، فينزّل عليها ما وَعَاهُ من الأحكام الفقهية المستقرة لديه، بعد مراجعة كتب المذهب، أو يلحقها بنظائرها مما نص عليه العلماء، أو يستخرج حكمها الشرعي بثاقب نظره في الأدلة.
وربما اشتبهت عليه، فيصوّر المشكلة، ويبيّن وجه الإشكال، ويذكر أنه لم يتضح له أمره، ثم يقول:"فليحرَّر" أو "فلينظر".
…
-ب-