المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌«من تعبد؟» ، قال: الذي في السماء عرشه، وفي الأرض سلطانه، وفي البحر سبيله، وفي الجنة رحمته - حديث الضب الذي تكلم بين يدي النبي للطبراني

[الطبراني]

الفصل: ‌«من تعبد؟» ، قال: الذي في السماء عرشه، وفي الأرض سلطانه، وفي البحر سبيله، وفي الجنة رحمته

1 -

حدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْوَلِيدِ السَّلْمِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى الصَّنْعَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا كَهْمَسُ بْنُ الْحَسَنِ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ فِي مَحْفِلٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، إِذْ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ، قَدْ صَادَ ضَبًّا وَجَعَلَهُ فِي كُمِّهِ يَذْهَبُ بِهِ إِلَى رَحْلِهِ، فَرَأَى جَمَاعَةً، فَقَالَ: مَا هَذِهِ الْجَمَاعَةُ؟ ، قَالُوا: عَلَى هَذَا الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ، فَشَقَّ النَّاسَ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، مَا اشْتَمَلَتِ النِّسَاءُ عَلَى ذِي لَهْجَةٍ أَكْذَبَ مِنْكَ وَلا أَبْغَضَ، وَلَوْلا أَنْ تُسَمِّيَنِي قَوْمِي عَجُولا، لَعَجِلْتُ إِلَيْكَ فَقَتَلْتُكَ فَسَرَرْتُ بِقَتْلِكَ النَّاسَ جَمِيعًا، فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: يَا رَسُولَ اللَّهِ، دَعْنِي حَتَّى أَقْتُلَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الْحَلِيمَ كَادَ يَكُونُ نَبِيًّا؟» ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: وَاللَّاتِ وَالْعُزَّى، لا آمَنْتُ بِكَ، وَقَدْ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«يَا أَعْرَابِيُّ، مَا حَمَلَكَ عَلَيَّ بِأَنْ قُلْتَ مَا قُلْتَ، وَقُلْتَ غَيْرَ الْحَقِّ، وَلَمْ تُكْرِمْ مَجْلِسِي؟ !» قَالَ: وَتُكَلِّمُنِي اسْتِخْفَافًا يَا مُحَمَّدُ؟ ! وَاللَّاتِ وَالْعُزَّى لا آمَنْتُ بِكَ، أَوْ يُؤْمِنْ بِكَ هَذَا الضَّبُّ؟ ! فَأَخْرَجَ ضَبًّا مِنْ كُمِّهِ، وَطَرَحَهُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ: إِنْ آمَنَ بِكَ هَذَا الضَّبُّ آمَنْتُ بِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«يَا ضَبُّ» ، فَتَكَلَّمَ الضَّبُّ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ يَفْهَمُهُ الْقَوْمُ جَمِيعًا: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ يَا رَسُولَ رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

«مَنْ تَعْبُدُ؟» ، قَالَ: الَّذِي فِي السَّمَاءِ عَرْشُهُ، وَفِي الأَرْضِ سُلْطَانُهُ، وَفِي الْبَحْرِ سَبِيلُهُ، وَفِي الْجَنَّةِ رَحْمَتُهُ

، وَفِي النَّارِ عَذَابُهُ، قَالَ:«فَمَنْ أَنَا يَا ضَبُّ؟» قَالَ: أَنْتَ رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَخَاتَمُ النَّبِيِّينَ، قَدْ أَفْلَحَ مَنْ صَدَّقَكَ، وَقَدْ خَابَ مَنْ كَذَّبَكَ، فَقَالَ الأَعْرَابِيُّ: أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَأَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ حَقًّا، وَاللَّهِ لَقَدْ أَتَيْتُكَ وَمَا عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ أَحَدٌ هُوَ أَبْغَضُ إِلَيَّ مِنْكَ، وَاللَّهِ لأَنْتَ السَّاعَةَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي وَمِنْ وَالِدَيَّ، وَقَدْ آمَنَ بِكَ شَعْرِي وَبَشَرِي وَدَاخِلِي وَخَارِجِي وَسِرِّي وَعَلانِيَتِي، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَاكَ إِلَى هَذَا الدِّينِ الَّذِي يَعْلُو وَلا يُعْلَى، لا يَقْبَلُهُ اللَّهُ إِلا بِصَلاةٍ، وَلا يَقْبَلُ الصَّلاةَ إِلا بِقُرْآنٍ» ، فَعَلَّمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْحَمْدُ وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا سَمِعْتُ فِي الْبَسِيطِ وَلا فِي الرَّجَزِ أَحْسَنَ مِنْ هَذَا! فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" إِنَّ هَذَا كَلامُ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لَيْسَ بِشْعِرٍ، إِذَا قَرَأْتَ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ مَرَّةً، فَكَأَنَّمَا قَرَأْتَ ثُلُثَ الْقُرْآنِ، وَإِذَا قَرَأْتَ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ مَرَّتَيْنِ، فَكَأَنَّمَا قَرَأْتَ ثُلُثَيِ الْقُرْآنِ، وَإِذَا قَرَأْتَهَا ثَلاثَ مَرَّاتٍ، فَكَأَنَّمَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ كُلَّهُ "، فَقَالَ الأَعْرَابِيُّ: نِعْمَ الإِلَهُ إِلَهُنَا، يَقْبَلُ الْيَسِيرَ، وَيُعْطِي الْجَزِيلَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«أُعْطُوا الأَعْرَابِيَّ» ، فَأَعْطُوهُ حَتَّى أَبْطَرُوهُ، فَقَامَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ رضي الله عنه، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُعْطِيَهُ نَاقَةً أَتَقَرَّبُ بِهَا إِلَى اللَّهِ عز وجل دُونَ الْبُخْتِي وَفَوْقَ الأَعْرَابِيِّ، وَهِيَ عَشْرَاءُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«لَقَدْ وَصَفْتَ مَا تُعْطِي، فَأَصِفُ لَكَ مَا يُعْطِيكَ اللَّهُ عز وجل جَزَاءً؟» ، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ:«لَكَ نَاقَةٌ مِنْ دُرَّةٍ جَوْفَاءَ، قَوَائِمُهَا مِنْ زَبَرْجَدٍ أَخْضَرَ، وَعُنُقُهَا مِنْ زَبَرْجَدٍ أَصْفَرَ، عَلَيْهَا هَوْدَجٌ، وَعَلَى الْهَوْدَجِ السُّنْدُسُ وَالاسْتَبْرَقُ، تَمُرُّ بِكَ عَلَى الصِّرَاطِ كَالْبَرْقِ الْخَاطِفِ» ، فَخَرَجَ الأَعْرَابِيُّ، مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَقِيَهُ أَلْفُ أَعْرَابِيٍّ عَلَى أَلْفِ دَابَّةٍ بِأَلْفِ رُمْحٍ وَأَلْفِ سَيْفٍ، فَقَالَ لَهُمْ: أَيْنَ تُرِيدُونَ؟ ، قَالُوا: نُقَاتِلُ هَذَا الَّذِي يَكْذِبُ وَيَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ، فَقَالَ الأَعْرَابِيُّ: أَشْهَدُ أَنَّ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، قَالُوا لَهُ: صَبَوْتَ! ، فَقَالَ: مَا صَبَوْتُ، وَحَدَّثَهُمْ هَذَا الْحَدِيثُ، فَقَالُوا بِأَجْمَعِهِمْ: لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَتَلَقَّاهُمْ رِدَاءً، فَنَزَلُوا عَنْ رُكُبِهِمْ يُقَبِّلُونَ مَا وَلُّوا مِنْهُ وَهُمْ يَقُولُونَ: لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالُوا: مُرْنَا بِأَمْرِكَ، نُجِبْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:«كُونُوا تَحْتَ رَايَةِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ» ، قَالَ: فَلَيْسَ أَحَدٌ مِنَ الْعَرَبِ آمَنَ مِنْهُمْ أَلْفُ رَجُلٍ جَمِيعًا غَيْرَ بَنِي سُلَيْمٍ

آخِرُ الْجُزْءِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

فَصْلٌ فِيهِ ذِكْرُ كَلامِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ عَلَى الْحَدِيثِ لَقَدْ تَكَلَّمَ حُفَّاظُ السُّنَّةِ، عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ لِبَيَانِ دَرَجَتِهِ مِنَ الصِّحَّةِ أَوِ الضَّعْفِ، فَبَعْضُهُمْ يُضَعِّفُهُ وَبَعْضُهُمْ يَعُدُّهُ مَوْضُوعًا، وَالْبَعْضُ الآخَرُ يُحَاوِلُ تَقْوِيَتِهِ.

وَسَأَنْقُلُ فِي هَذَا الْفَصْلِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَيَسَّرَ لِي جَمْعُهُ مِنْ كَلامِهِمْ عَلَى الْحَدِيثِ.

الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ: أَوْرَدَ الْحَدِيثَ فِي دَلائِلِ النُّبُوَةِ، وَعَقَّبَهُ بِقَوْلِهِ: وَرَوَى ذَلِكَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَمَا ذَكَرْنَاهُ هُوَ أَمْثَلُ الإِسْنَادِ فِيهِ، وَهُوَ أَيْضًا ضَعِيفٌ، وَالْحَمْلُ فِيهِ عَلَى هَذَا السَّلْمِيِّ.

قُلْتُ: مَا دَامَ هَذَا الإِسْنَادُ أَمْثَلُ مَا ذَكَرَ، فَلا حَاجَةَ لَنَا فِي هَذَا الْغَيْرِ، إِذْ هُوَ مِنَ الْمَوْضُوعِ.

الْحَافِظُ بْنُ دَحْيَةَ الْكَلْبِيُّ: قَالَ عَنْهُ: هَذَا خَبَرٌ مَوْضُوعٌ، كَنْزُ الْعُمَّالِ.

الْحَافِظُ الْمِزِّيُّ: قَالَ: لا يَصِحُّ إِسْنَادًا وَلا مَتْنًا، وَهُوَ مَطْعُونٌ فِيهِ، وَقِيلَ: إِنَّهُ مَوْضُوعٌ.

شَرْحُ الْمَوَاهِبِ.

الْحَافِظُ الذَّهَبِيُّ: قَالَ: قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: الْحَمْلُ فِيهِ عَلَى السَّلْمِيِّ هَذَا، قَلْتُ: صَدَقَ وَاللَّهِ الْبَيْهَقِيُّ، فَإِنَّهُ خَبَرٌ بَاطِلٌ.

الْمِيزَانُ.

الْحَافِظُ بْنُ الْقَيِّمِ: قَالَ فِي رِسَالَةٍ لَهُ فِي الْمَوْضُوعَاتِ بَعْدَ أَنْ أَوْرَدَ الْحَدِيثَ: قُلْتُ: سَمِعْتُ شَيْخَنَا الْحَافِظَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدَ بْنَ عُثْمَانَ، يَقُولُ: مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْوَلِيدِ السَّلْمِيُّ الْبَصْرِيُّ، رَوَى أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ، حَدِيثُ الضَّبِّ مِنْ طَرِيقِهِ بِإِسْنَادٍ نَظِيفٍ، ثُمَّ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: الْحَمْلُ فِيهِ عَلَى السَّلْمِيِّ، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: قُلْتُ: صَدَقَ وَاللَّهِ الْبَيْهَقِيُّ، فَإِنَّهُ خَبَرٌ بَاطِلٌ.

قُلْتُ: وَمِمَّا يَشْهَدُ بِبُطْلانِهِ وَكَذِبِهِ قَطْعًا، أَنَّ غَزْوَةَ تَبُوكٍ كَانَتْ بَعْدَ أَنِ اسْتَوْثَقَتْ أَرْضُ الْعَرَبِ إِسْلامًا، وَأَسْلَمَ حَاضِرُهُمْ وَبَادِيهُمْ، وَفِي هَذَا الْخَبَرِ أَنَّ سُلَيْمًا جَاءَتْ لِحَرْبِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَهَذَا مِنَ الْمُحَالِ، فَتَبًّا لِوَاضِعِهِ مَا كَانَ أَجْهَلُهُ بِسِيرَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَيَّامِهِ! .

وَسُلَيْمٌ أَذْعَنَتْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِسْلامًا وَدَخَلَتْ مَعَهُ يَوْمَ الْفَتْحِ، وَلَمَّا مَرَّتْ عَلَى أَبِي سُفْيَانَ عِنْدَ خَطْمِ الْجَبَلِ، سَأَلَ عَنْهَا الْعَبَّاسَ عَمَّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: مَنْ هَؤُلاءِ؟ ، قَالَ: سُلَيْمٌ، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: مَا لِي وَلِسُلَيْمٍ! وَسُلَيْمٌ أَلَّفَتْ ذَلِكَ الْيَوْمِ مَعَ مَنْ ألََّفَ، فَكَيْفَ يَجْتَمِعُ مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ وَبَعْدَ غَزْوَةِ تَبُوكٍ أَلْفُ ضَارِبِ سَيْفٍ وَحَامِلِ رُمْحٍ، وَيَجِيئُونَ لَحَرْبِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ ! ، وَهَذَا مِنْ مُعْجِزَاتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ مَا كَذِبَ عَلَيْهِ أَحَدٌ إِلا وَكَشَفَ اللَّهُ سِتْرَهُ، وَبَيَّنَ أَمْرَهُ، وَكَانَ فِي نَفْسِ حَدِيثِهِ مَا يُبَيِّنُ لَهُ كَذِبُهُ، عَرَفَهُ مَنْ عَرَفَهُ، وَجَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ.

فَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَكْمَلَ دِينَنَا، وَأَتَمَّ عَلَيْنَا نِعْمَتَهُ، وَرَضِيَ لَنَا الإِسْلامَ دِينًا.

الْحَافِظُ بْنُ كَثِيرٍ: قَالَ فِي الْبِدَايَةِ وَالنَّهَايَةِ: حَدِيثُ الضَّبِّ عَلَى مَا فِيهِ مِنَ النِّكَارَةِ وَالْغَرَابَةِ.

الْحَافِظُ الْهَيْثَمِيُّ: قَالَ فِي الْمَجْمَعِ: رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، فِي الصَّغِيرِ وَالأَوْسَطِ، عَنْ شَيْخِهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْوَلِيدِ الْبَصْرِيِّ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَالْحَمْلُ عَلَيْهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، قُلْتُ: وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

الْحَافِظُ السُّيُوطِيُّ: لَقَدْ حَاوَلَ السُّيُوطِيُّ، بِمَا لا طَائِلَ تَحْتَهُ تَقْوِيَةَ هَذَا الْحَدِيثِ وَرَفْعَ الْحُكْمِ بِالْوَضْعِ عَنْهُ، فَقَالَ: لِحَدِيثِ عُمَرَ، طَرِيقٌ آخَرُ لَيْسَ فِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْوَلِيدِ، أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ، وَقَدْ وَرَدَ أَيْضًا مِثْلَهُ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ، أَخْرَجَهُ بْنُ عَسَاكِرَ.

الْخَصَائِصُ.

قُلْتُ: الطَّرِيقُ الْخَالِيَةُ مِنَ السَّلْمِيِّ، لَمْ أَقِفْ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ يَقْصِدُ أَنَّ أَبَا نُعَيْمٍ، أَخْرَجَهَا فِي الدَّلائِلِ، إِذِ الطَّرِيقُ الَّتِي عِنْدَهُ مِنْ طَرِيقِ السَّلْمِيِّ أَيْضًا، إِلا أَنْ تَكُونَ سَاقِطَةٌ، فَالْمَطْبُوعُ مِنَ الدَّلائِلِ إِنَّمَا هُوَ مُنْتَخَبٌ مِنْهُ، وَعَلَى كَلِّ حَالٍ، فَلا أُظُنُّهَا بِأَحْسَنَ حَالٍ مِنْ طَرِيقِ السَّلْمِيِّ، وَإِلا لَنَّبَّهَ عَلَيْهَا الْحَافِظُ.

وَكَذَلِكَ يُقَالُ: فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عِنْدَ ابْنِ عَسَاكِرَ.

وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قُطْبُ الدِّينِ الْخَيْضَرِيُّ: لَقَدْ سَبَقَ الْخَيْضَرِيُّ السُّيُوطِيَّ، فِي مُحَاوَلَةِ تَقْوِيَةِ الْحَدِيثِ، فَقَالَ: رِجَالُ أَسَانِيدِهِ وَطُرُقِهِ لَيْسَ فِيهِمْ مَنْ يُتَّهَمُ بِالْوَضْعِ، وَأَمَّا الضِّعَافُ فَفِيهِمْ، وَمِثْلُ ذَلِكَ لا يُتَجَاسَرُ عَلَى دَعْوَى الْوَضْعِ فِيهِ، لَكِنْ مُعَجِزَاتُهُ عليه الصلاة والسلام فِيهَا مَا هُوَ أَبْلَغُ مِنْ هَذَا، خُصُوصًا وَقَدْ رَوَاهُ الأَئِمَّةُ الْحُفَّاظُ الْكِبَارُ، كَابْنِ عَدِيٍّ، وَتِلْمِيذِهِ الْحَاكِمِ، وَالْبَيْهَقِيِّ، وَهُوَ لا يُرَى مَوْضُوعًا، وَالدَّارَقُطْنِيِّ، وَنَاهِيكَ بِهِ، فَنِهَايَتُهُ الضَّعْفُ لا الْوَضْعُ كَمَا زَعَمَ، يَعْنِي ابْنَ دَحْيَةَ، كَيْفَ وَلِحَدِيثِ بْنِ عُمَرَ، طَرِيقٌ آخَرُ لَيْسَ فِيهِ السَّلْمِيُّ، رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ، وَرَدَّ مِثْلَهُ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ عِنْدَ ابْنِ عَسَاكِرَ، وَابْنَ عَبَّاسٍ، رَوَاهُ ابْنُ الْجَوْزِيُّ، وَمِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، عِنْدَ غَيْرِهِمَا؟ ! شَرْحُ الْمَوَاهِبِ.

قُلْتُ: هَذَا لا وَزْنَ لَهُ فِي مِيزَانِ النَّقْدِ الْحَدِيثِيِّ، فَقَدْ تَقَدَّمَ كَلامُ أَهْلِ الاخْتِصَاصِ، وَبَيَانُهُمْ لِعَلَّةِ الْحَدِيثِ، وَحُكْمُهُمْ عَلَيْهِ بِالْوَضْعِ، وَكَلامُ الْخَيْضَرِيِّ رحمه الله يَحْتَاجُ إِلَى وَقَفَاتٍ، وَقَدْ كَفَانَا مَئُونَةً رَدَّهُ الشَّيْخُ حَمْدِي عَبْدِ الْمَجِيدِ السَّلَفِيُّ فِي تَعْلِيقِهِ عَلَى مَنَاقِبِ الطَّبَرَانِيِّ لابْنِ مَنْدَهْ، فَرَاجِعْهُ إِنْ شِئْتَ.

هَذَا مَا تَيَسَّرَ جَمْعُهُ مِنْ كَلامِ حُفَّاظِ الْحَدِيثِ، وَإِنَّ النَّتِيجَةَ الَّتِي خَرَجْتُ بِهَا مِنْ كَلامِهِمْ هِيَ أَنَّ الْحَدِيثَ مَوْضُوعٌ لا.

ص: 1