المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أهل الحديث وسبب تسميتهم بذلك - اعتقاد أهل السنة - جـ ٣

[ابن جبرين]

الفصل: ‌أهل الحديث وسبب تسميتهم بذلك

‌أهل الحديث وسبب تسميتهم بذلك

قوله: [مذهب أهل الحديث أهل السنة والجماعة] ، وخصهم لأنهم القدوة، فمن يريد أن يقتدي بهم ويسير على نهجهم فليسلك هذا الطريق وليتمسك بهذا المذهب، ولأنهم أقرب إلى الصواب والنجاة والفلاح، ومعلوم أن أهل الحديث هم الذين تمسكوا به؛ لأن الأصل أنهم رووا الأحاديث ودونوها واشتغلوا بها وفتشوا في صحيحها وضعيفها، ونقبوا فيما يصلح أن يقبل وما لا يصلح أن يقبل، فصار ديدنهم وشغلهم الشاغل هو الاشتغال بالحديث.

وما المراد بالحديث؟ لا شك أنه حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي يتناقلونه.

وكان الصحابة رضي الله عنهم في أول أمرهم يقبلون الحديث ممن رواه وممن نقله، ولكن بعدما دخل في الإسلام من ليس بمسلم إسلاماً صحيحاً وأخذ يختلق أحاديث وأقوالاً وينسبها إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فعند ذلك اهتم المسلمون بهذه الأحاديث، فألزموا كل من روى حديثاً أن يذكر من حدثه به.

قال مسلم في مقدمة صحيحه: كانوا لا يسألون عن الإسناد، فلما ركب الناس الصعب والذلول قالوا: سموا لنا رجالكم.

أي: حتى نعلم من يقبل ومن لا يقبل.

فصاروا لا يأخذون الحديث ولا يتقبلونه إلا إذا عرفوا سنده، فصاروا يروونها بالأسانيد، فعند ذلك بحثوا في رجالها الذين نقلوها وترجموهم، وذكروا ما يقال فيهم، ومن هو أهل أن يكون محدثاً حافظاً، ومن ليس كذلك، فاشتغلوا بهذا، مثل الإمام البخاري، فقد كان شغله بالحديث طوال حياته ومثل الإمام أحمد ويحيى بن معين وهو رفيق للإمام أحمد وله تاريخ وتراجم مطبوعة، وعلي بن المديني وله كتب مطبوعة، والإمام مسلم، وأصحاب السنن الأربعة وغيرهم، وكذلك مَنْ قبلهم اشتغلوا بالأحاديث وبنقلها وبتتبعها، ورد ما ليس بثابت منها وما ليس بصحيح، وتثبيت الثابت الصحيح، وقبول رواية هذا وقبول رواية هذا، فصار شغلهم الشاغل دائماً في الأحاديث، فإذا جلسوا في مجلس إنسان فليس لهم إلا أن يقولوا: ماذا تحفظ -يا فلان- من الأحاديث؟ ما عندك من الأحاديث؟ هذا الحديث رواه فلان عن فلان، فماذا تعرفون عن الراوي الفلاني؟ وماذا تعرفون عن شيخه وشيخ شيخه؟ وهكذا يكون دائماً شغلهم في التنقيب عن الأحاديث، فلذلك سموا أهل الحديث وكفى بهذا الاسم شرفاً، وذلك لأنه الحديث الذي أضيف إليه صلى الله عليه وسلم.

ص: 4