المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الحديث الثاني أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن القطيعي قراءةً - خمسة أحاديث تخريج ابن بلبان

[ابن بلبان، أبو الحسن]

الفصل: ‌ ‌الحديث الثاني أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن القطيعي قراءةً

‌الحديث الثاني

أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن القطيعي قراءةً عليه، وأنا أسمع ببغداد في شهور سنة ثلاث وثلاثين وستمائة قال: أبنا أبو الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعيب السجزي؛ قراءةً عليه، وأنا أسمع في شهور سنة ثلاث وخمسين وخمسمئة قال: أبنا أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد الداوودي قال: أبنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن حمويه السرخسي قال: أبنا أبو عبد الله محمد بن يوسف بن مطر بن صالح الفربري قال: أبنا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم البخاري قال: ثنا عبيد الله بن موسى؛ عن إسرائيل؛ عن أبي إسحاق؛

ص: 26

عن البراء قال: اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم، فأبى أهل مكة أن يدعوه يدخل مكة حتى قاضاهم على أن يقيم بها ثلاثة أيام، فلما كتبوا الكتاب، كتبوا: هذا ما قاضى عليه محمدٌ رسول الله. قالوا: لا نقر بها. فلو نعلم أنك رسول الله ما منعناك، لكن أنت محمد بن عبد الله. قال:((أنا رسول الله، وأنا محمد بن عبد الله)) ، ثم قال لعلي:((امح رسول الله)) . قال: لا والله، لا أمحوك أبداً. فأخذ رسول الله الكتاب فكتب:((هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد الله: لا يدخل مكة سلاح إلا في القراب، وأن لا يخرج من أهلها بأحد إن أراد أن يتبعه، وأن لا يمنع أحداً من أصحابه إن أراد أن يقيم بها)) .

فلما دخلها ومضى الأجل، أتوا علياً رضي الله عنه، قالوا: قل لصاحبك: اخرج عنا، فقد مضى الأجل. فخرج النبي صلى الله عليه وسلم فتبعتهم ابنة حمزة: يا عم، يا عم. فتناولها عليٌّ فأخذ بيدها، وقال لفاطمة: دونك ابنة عمك احمليها. فاختصم فيها عليٌّ، وزيدٌ، وجعفر. فقال علي عليه السلام: أنا أحق بها، وهي بنت عمي. وقال جعفر: بنت عمي، وخالتها تحتي. وقال زيد: بنت أخي.

فقضى بها النبي صلى الله عليه وسلم لخالتها. فقال: ((الخالة بمنزلة الأم)) . وقال لعلي: ((أنت مني، وأنا منك)) . وقال لجعفر: ((أشبهت خلقي وخلقي)) . وقال لزيد: ((أنت أخونا ومولانا)) .

ص: 27

هكذا رواه الإمام أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري الجعفي بهذا الإسناد في كتابه ((الجامع الصحيح)) المتفق عليه بالتقديم والترجيح، تقدم على سائر أقرانه، وفاق جميع أهل زمانه، وكان بالصلاح معروفاً، وبالتقى والزهادة موصوفاً. اشتهر علمه في الآفاق وانتشر، وتناقلته الحفاظ وظهر، وصار عمدةً للإسلام، وحجةً للخاص والعام. *

قرأت على أبي المنصور مظفر بن عبد الملك بن عتيق، يعرف بابن الفوي الثغري بها في الحادي والعشرين من ذي القعدة سنة سبع وأربعين وستمئة قال: أبنا أحمد بن محمد الشافعي سنة خمس وسبعين وخمسمئة قال: أبنا أبو بكر أحمد بن علي بن الحسين الطريثيثي قال: أبنا الإمام أبو القاسم هبة الله بن الحسن اللالكائي قال: أبنا أحمد بن محمد بن حفص: ثنا محمد بن أحمد بن سليمان قال: أبنا خلف بن محمد، قثنا محمد بن الفضل البلخي قال: سمعت أبي يقول: ذهبت عينا محمد بن إسماعيل في صغره، فرأت والدته في المنام أن إبراهيم الخليل عليه السلام قال لها: يا هذه، قد رد الله على ابنك بصره لكثرة بكائك -أو كثرة دعائك، الشك من البلخي- فأصبحنا، وقد رد الله بصره. *

ص: 28

أخبرنا الشيخ الصالح محمد بن نصر بن عبد الرحمن الشافعي: عن أبي القاسم علي بن الحسن الدمشقي، قال: أبنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبد الباقي بقراءتي عليه ببغداد قال: أبنا هناد بن إبراهيم قراءةً عليه: أبنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد الحافظ البخاري المعروف بغنجار، قال: أبنا أبو الحسين محمد بن عمران بن موسى الجرجاني قال: أبنا الحسين بن جعفر الشاشي قال: سمعت إبراهيم بن معقل بسمرقند يقول: سمعت محمد بن إسماعيل البخاري يقول: خرجت كتابي "الجامع" في بضع عشرة سنة، وجعلته فيما بيني وبين الله حجة. *

وبالإسناد إلى أبي الحسن علي قال: أبنا هناد: أبنا أبو عبد الله: أبنا أبو الحسين محمد بن علي بن يعقوب الكاتب قال: سمعت إبراهيم بن معقل يقول: سمعت محمد بن إسماعيل يقول: ما أدخلت في كتابي إلا ما صح، وتركت من الصحاح

ص: 29

لحال الطول. *

وقال البخاري: ألهمت حفظ الحديث، وأنا في الكتاب ابن عشر سنين. فلما بلغت ست عشرة سنة، حفظت كتب ابن المبارك، ووكيع، وعرفت كلام هؤلاء، فلما بلغت ثمان عشرة سنة، جعلت أصنف قضايا الصحابة والتابعين وأقاويلهم. وأحفظ مئة ألف حديثٍ صحيحٍ، وأحفظ مئتي ألف حديث غير صحيح. وأخرجت كتابي من زهاء ستمئة ألف حديث وصنفته لست عشرة سنة، وجعلته حجةً فيما بيني وبين الله. وما وضعت في كتاب "الصحيح" حديثاً إلا اغتسلت قبل ذلك وصليت ركعتين.

قال الفربري البخاري: رأيت محمد بن إسماعيل (في المنام) خلف النبي صلى الله عليه وسلم، وكلما وضع النبي صلى الله عليه وسلم وضع محمد بن إسماعيل قدمه.

وقال الفربري: سمعت "الجامع الصحيح" من أبي عبد الله بفربر، وكان يقرأ عليه ثلاث سنين؛ سنة ثلاثٍ وخمسين، وأربعٍ وخمسينٍ، وخمسٍ وخمسين، سمع كتاب "الصحيح" لمحمد بن إسماعيل تسعون ألف رجل، فما بقي يروي عنه أحد غيري.

قلت: وأخرجه مسلم في المغازي عن ابن معاذ، عن أبيه، عن شعبة، وعن أبي موسى، وبندار، عن شعبة، وعن إسحاق، وأحمد بن جناب، عن عيسى بن يونس، عن زكريا، كلهم عن أبي إسحاق به.

ص: 30

وأخرج أبو عيسى الترمذي منه الفصل الأخير، وهو: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لجعفر: ((أشبهت خلقي وخلقي)) ؛ مختصراً فرواه في المناقب عن محمد بن إسماعيل البخاري، عن عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، واسمه عمرو بن عبد الله أبو إسحاق السبيعي الهمداني الكوفي. فوقع لنا عالياً وموافقة عاليةً للترمذي.

ورواه أيضاً إمامٌ حافظٌ عن إمام حافظٍ. وباعتبار العدد كأن بيني وبين البخاري أربعة رجال.

مات البخاري رحمه الله ليلة يوم الفطر سنة ستٍّ وخمسين ومئتين. *

ص: 31