المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الجواب عن حديث (إن الشيطان يئس - دحض شبهات على التوحيد من سوء الفهم لثلاثة أحاديث

[عبد الله أبا بطين]

الفصل: ‌الجواب عن حديث (إن الشيطان يئس

‌الجواب عن حديث (إن الشيطان يئس

)

على أن من قال لا إله إلا الله لا يجوز قتاله ولا قتله.

فالجواب: أما قوله صلى الله عليه وسلم: " إن الشيطان يئس أن يعبده

= وأبو داود في سننه – كتاب الجهاد- 3/101-102، والنسائي في سننه – كتاب تحريم الدم- 7/75-76، وأبو نعيم في الحلية8/173، والبيهقي في سننه- كتاب الصلاة2/3، والبغوي في شرح السنة 1/69، والخطيب في التاريخ10/464.

الثاني: عن ميمون بن سياه عن أنس

به مرفوعا، أخرجه البخاري في صحيحه- كتاب الصلاة-1/496،والبيهقي في سننه – كتاب الصلاة – 2/3، ورواه النسائي موقوفا على أنس 7/86.

الثالث: عن معمر عن الزهري عن أنس رضي الله عنه عن أبي بكر

به وفيه قصة الردة. أخرجه النسائي 7/86،والدارقطني 2/89.

6 – أما حديث معاذ بن جبل فأخرجه أحمد 5/246، والطبراني في الكبير2/63 مطولا، وابن ماجة مختصرا في سننه – المقدمة- 1/28. كلهم من طريق شهر بن حوشب ثنا عبد الرحمن بن غنم عن معاذ..به.

7 – أما حديث أوس بن أبي أوس حذيفة فله عنه طريقان:

الأول: عن شعبة عن النعمان بن سالم قال سمعت أوسا يقول.... الحديث. وفيه قصة. أخرجه أحمد4/8، وأبو داود الطيالسي 1/26- المنحة- والنسائي في سننه – كتاب تحريم الدم – 7/80، والدارمي في سننه2/137.

الثاني: عن عمرو بن أوس عن أبيه

به أخرجه أحمد 4/8-9، والنسائي في سننه7/81.

8 – وأما حديث النعمان بن بشير فأخرجه النسائي في سننه – كتاب تحريم الدم- 7/79، والبزار – كشف الأستار- 1/15 كلاهما من طريق سماك عن النعمان

به.

9-

وأما حديث ابن عباس فأخرجه الطبراني في الكبير 11/200 عن عطاء بن أبي رباح عنه به.

10 – وأما حديث جرير بن عبد الله فأخرجه الطبراني من طريقين:

الأول: عن قيس بن حازم عن جرير

به 2/347.

الثاني: عن إبراهيم بن جرير عن أبيه.. به2/380.

11 – أما حديث سهل بن سعد فأخرجه الطبراني في الكبير6/161.

ص: 32

المصلون في جزيرة العرب" فيقال:

أولا: من المعلوم بالضرورة أن الله سبحانه بعث محمدا صلى الله عليه وسلم يدعوا إلى التوحيد – وهو توحيد الألوهية- وينهى عن الشرك وهو عبادة غير الله. وأما الشرك بالربوبية فمن المعلوم بنصوص الكتاب أن المشركين الذين بعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقاتلهم يقرون بتوحيد الربوبية وأن شركهم هو في توحيد العبادة، وهو توحيد الألوهية الذي هو مضمون شهادة أن لا إله إلا الله ، فعبدوا من عبدوه من دون الله ليشفعوا لهم عنده في نصرهم ورزقهم وغير ذلك كما قال تعالى أخبارا عنهم:{مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر3]، {هَؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللهِ} [يونس:18] فبعث الله رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم ينهاهم عن هذا الشرك ويدعوهم إلى توحيد العبادة وهذه دعوة الرسل من أولهم إلى آخرهم. قال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ} [النحل: 36]، وقوله: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ

إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء:25]، وهذا الأصل هو الذي خلق الله الجن والإنس لأجله قال تعالى:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات:56] .

فإذا تبين أن هذا هو أصل الأصول، علمنا يقينا أن الله سبحانه لا يترك هذا الأمر ملتبسا بل لابد أن يكون بينا واضحا لا لبس فيه ولا اشتباه؛ لأنه أصل الدين، ومعرفته فرض على كل مسلم مكلف ولا يجوز فيه التقليد.

وحقيقة ذلك أن الشرك هو عبادة غير الله تعالى. والعبادة هي الطاعة بفعل ما أمر الله به ورسوله من واجب ومندوب، فمن أخلص ذلك لله فهو الموحد، ومن جعل شيئا من العبادة لغير الله فهو مشرك. قال تعالى:

ص: 33

{وَاعْبُدُواْ اللهَ وَلَا تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا} [النساء:36] أي في العبادة. وقال تعالى: {فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا} الآية [الكهف:110] .

فإذا علم الإنسان حقيقة الشرك عرف يقينا أن الشرك وقع في الجزيرة كثيرا عند مشاهد وقبور يمنا وحجازا، من دعاء الأموات والغائبين، والاستغاثة بهم وسؤال الحاجات، وتفريج الكربات والتقرب إليهم بالنذور والذبائح، وكذلك الذبح للجن والاستغاثة بهم. وهذا أمر معلوم بالتواتر عند من شاهد ذلك، فإذا تحقق الإنسان ذلك علم أن قوله صلى الله عليه وسلم:"إن الشيطان قد يئس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب" ليس فيه معارضة لهذا الأصل العظيم الذي هو أصل الأصول، وليس فيه دلالة على استحالة وجود الشرك في أرض جزيرة (1) العرب.

فمن استدل بهذا الحديث على استحالة وجود الشرك في أرض العرب يقال له بين لنا الشرك الذي حرمه الله وأخبر أنه لا يغفره، فإن فسره بالشرك في توحيد الربوبية، فنصوص القرآن تبطل قوله؛ لأنه سبحانه أخبر عن المشركين أنهم يقرون بتوحيد الربوبية كما في قوله:{وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ} [الزخرف:9] والآيات في ذلك كثيرة.

وإن فسر الشرك ببعض أنواع العبادة دون بعض، فهو مكابر ويخاف على مثله أن يكون من الذين في قلوبهم زيغ، يتركون المحكم ويتبعون المتشابه، مع أنه ليس في الحديث حجة لهم ولا شبهة، وإنما معنى الحديث: أنه يئس أن يجتمعوا كلهم على الكفر.

(1) لفظ (جزيرة) ليس في المطبوعة.

ص: 34

قال ابن رجب على الحديث: المراد أنه يئس أن تجتمع الأمة كلها على الشرك الأكبر. وأشار ابن كثير إلى هذا المعنى عند تفسير قوله تعالى: {الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ} [المائدة: 3] قال ابن عباس رضي الله عنهما: يعني يئسوا أن تراجعوا دينهم (1) – وكذا قال عطاء والسدي ومقاتل- قال: وعلى هذا يرد الحديث الصحيح: " إن الشيطان يئس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب"(2) .ا. هـ. فأشار إلى أن (3) معنى الحديث يوافق لمعنى الآية، وإن معنى الحديث أنه يئس أن يرجع المسلمون عن دينهم إلى الكفر. قال غير واحد من المفسرين: إن المشركين كانوا يطمعون في عودة المسلمين إلى دينهم. فلما قوي الإسلام وانتشر يئسوا من رجوعهم عن الإسلام إلى الكفر، وهذا معنى إياس الشيطان لما رأى من ظهور الإسلام وانتشاره وتمكنه من القلوب ورسوخه فيها، وعلى هذا فلا يدل الحديث: أن الشيطان يئس من وجود شرك في جزيرة العرب أبد الآبدين.

ويدل لما ذكرنا ما رواه الإمام أحمد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة رنّ إبليس رنّة اجتمع إليه جنوده فقال: ايئسوا أن تردوا أمة محمد إلى الشرك بعد يومكم هذا، ولكن افتنوهم فافشوا فيهم النوح (4) .

(1) انظر تفسير الطبري 6/78.

(2)

لفظ ابن كثير في تفسيره (وعلى هذا المعنى يرد الحديث الثابت في الصحيح) 2/12.

(3)

حرف (أن) سقط من المخطوطة.

(4)

لم أجده في مسند أحمد- بعد بذل الجهد في تحصيله- وأخرج هذا الأثر الطبراني في الكبير12/11 قال رحمه الله حدثنا عبدان بن أحمد ثنا عمرو بن العباس الرزي ثنا عبد الرحمن بن مهدي ثنا يعقوب القمي عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال

فذكره- وهذا إسناد ضعيف، جعفر بن أبي المغيرة القمي نقل ابن شاهين في الثقات ص 55 عن أحمد توثيقه. وبيض له ابن أبي حاتم في الجرح =

ص: 35

وأيضا ففي الحديث نسبة اليأس (1) إلى الشيطان مبنيا للفاعل لم يقل (أيس) بالبناء للمفعول، ولو قدر أنه يئس (2) من عبادته في أرض العرب إياسا مستمرا فإنما ذلك ظن منه وتخمين، لا عن علم لأنه لا يعلم الغيب، وهذا غيب لا يعلمه إلا الله {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ} [الجن:26] فإنه يطلعه على ما يشاء من الغيب، وقد قال تعالى:{وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا} [لقمان:34] أي من خير وشر، وهذا من مفاتح الغيب التي لا يعلمها إلا الله.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "مفاتح الغيب خمس لا يعلمها إلا

= والتعديل 2/490، وسكت عليه البخاري في التاريخ2/200 وقال ابن مندة ليس بالقوي في سعيد بن جبير. وقال الحافظ: صدوق يهم. وقال الذهبي في الميزان: صدوق. قلت: وهذا أصح من قول الحافظ رحمه الله إلا في سعيد بن جبير فإن روايته عنه ليست بالقوية كما قاله ابن مندة. وهذا الأثر منها. ويعقوب القمي هو ابن عبد الله. قال النسائي ليس به بأس ووثقه الطبراني وذكره ابن حبان في الثقات، وقال الدارقطني: ليس بالقوي، وبيض له ابن أبي حاتم6/252، وسكت عليه البخاري في التاريخ6/362 وروى له في صحيحه أربعة عشر حديثا، وقال الحافظ: صدوق ربما وهم. وعبدان بن أحمد هو الإمام الحافظ عبد الله بن أحمد بن موسى الأهوازي قال الذهبي: له غلط ووهم يسير وهو صدوق (التذكرة 2/689) .

تنبيهان: الأول: وقع في نسخة الطبراني المطبوعة في العراق: "عمر بن العباس الرازي" وهو خطأ صوابه: "عمرو- بفتح العين – ابن العباس الرزي" والتصويب من تهذيب الكمال وغيره.

الثاني: ذكر ابن حجر في التهذيب2/108 أن ابن حبان نقل في كتابه الثقات عن أحمد بن حنبل أنه وثق جعفر بن أبي المغيرة، ولم أجد هذا في الثقات لابن حبان- المطبوعة-6/134 ولكن ابن شاهين نقل في الثقات له عن أحمد توثيقه، والله أعلم.

(1)

في المخطوطة (الإياس) .

(2)

في المخطوطة (أيس) .

ص: 36

الله، لا يعلم ما تغيض الأرحام إلا الله، ولا يعلم ما في غد إلا الله" (1) . وكانت الشياطين والجن (2) في زمن سليمان بن داود عليهما السلام يدعون علم الغيب فلما مات سليمان لم يعلموا بموته إلا بعد سنة (3) وهم في تلك السنة دائبون في

(1) صحيح وروى عن عدة من الصحابة منهم ابن عمر وبريدة وأبو هريرة وغيرهم:

1 – أما حديث ابن عمر فله عنه طرق:

الأول: عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

فذكره.

أخرجه الإمام أحمد في مسنده 2/24-52-58، والبخاري في صحيحه-كتاب الاستسقاء، باب لا يدري متى يجي المطر إلا الله 2/524- وفي كتاب التوحيد13/361- وفي التفسير8/375، وابن جرير الطبري في تفسيره21/88، والبغوي في شرح السنة1/422.

الطريق الثاني: عن سالم بن عبد الله عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

به أخرجه الإمام أحمد 2/122، والبخاري في صحيحه- كتاب التفسير8/291، والبغوي في تفسيره6/476.

الثالث: عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول

فذكره. أخرجه الطبراني في الكبير12/324.

الرابع: عن عمر بن محمد بن زيد أنه سمع أباه يحدث عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

" أوتيت مفاتح كل شيء إلا الخمس

" الحديث أخرجه أحمد 2/85، والطبراني في الكبير12/360.

2 – أما حديث بريدة فأخرجه أحمد 5/353- قال ابن كثير 3/453 وهو صحيح الإسناد.

3 – أما حديث أبي هريرة فأخرجه البخاري – في صحيحه – كتاب التفسير 8/513،ومسلم في صحيحه – كتاب الإيمان (5) كلاهما من طريق أبي زرعة بن عمرو بن جرير عن أبي هريرة

به وفيه قصة جبريل المشهورة- وأخرجه الطبراني من طريقه مختصرا 21/89.

(2)

كلمة (الجن) سقطت من المطبوعة.

(3)

أخرجه ابن جرير الطبري 22/74، وابن أبي حاتم كما في تفسير ابن كثير3/529 عن ابن عباس مرفوعا وسنده ضعيف. قال ابن كثير في رفعه غرابة ونكارة والأقرب أن يكون موقوفا ا. هـ. وهو قول ابن مسعود وقتادة وعطاء وابن زيد.

ص: 37

التسخير والأعمال الشاقة، فلما علموا بموته تبين لهم أنهم لا يعلمون الغيب، قال تعالى:{فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ (1) فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ} [سبأ:14] .

ونبينا صلى الله عليه وسلم أخبر: "أنه يجاء برجال من أمته يوم القيامة فيؤخذ بهم ذات الشمال إلى النار فيقول: أصحابي أصحابي، فيقال له: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك"(2) . فكيف يقال إن الشيطان يعلم ما تستمر عليه الأمة

(1) في المطبوعة والمخطوطة (إلى قوله) وهو خطأ.

(2)

حديث متواتر ورد عن جماعات من الصحابة منهم أبو هريرة وابن عباس وأنس وحذيفة وابن مسعود وعائشة وأسماء ابنتا أبي بكر وسهل بن سعد وأبو سعيد الخدري وغيرهم:

1 – أما حديث أبي هريرة فأخرجه البخاري في صحيحه11/464 من طريق سعيد بن المسيب عنه ومن طريق عطاء بن يسار وأخرجه مسلم في صحيحه- كتاب الطهارة- 1/217 من طريق أبي حازم عنه، ومن طريق العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة

به. وأخرجه في الفضائل- من طريق محمد بن زياد

عنه.

2 – أما حديث ابن عباس فأخرجه الإمام أحمد في مسنده1/253،والبخاري في صحيحه- كتاب التفسير- 8/437 كلاهما من طريق سعيد بن جبير عنه

به.

3 – أما حديث أنس فأخرجه الإمام أحمد 3/102- ومسلم في صحيحه- كتاب الفضائل- 4/1801- وفي كتاب الصلاة- 1/300، كلاهما من طريق المختار بن فلفل عنه

به، وأخرجه الإمام أحمد3/281، والبخاري في صحيحه11/464، ومسلم في صحيحه (4/1800) كلهم من طريق عبد العزيز بن صهيب قال: حدثنا أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال

فذكره.

4 – أما حديث حذيفة فأخرجه الإمام 5/388-393-400 من طريق أبي وائل عن حذيفة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

به، وأخرجه مسلم في صحيحه – كتاب الطهارة- 1/217 من طريق ربعي بن حراش عن حذيفة..به.

ص: 38

من خير وشر وكفر وإسلام، وهذا غيب لا يعلمه إلا الله، ومن يطلعه عليه من رسله.

فتبين بما ذكرنا أنه لا دلالة في الحديث على استحالة وقوع الشرك في جزيرة العرب.

ويوضح ذلك أن أكثر العرب ارتدوا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم فكثير منهم رجعوا إلى الكفر وعبادة الأوثان، وكثير صدقوا من ادعى النبوة كمسيلمة وغيره، ومن أطاع الشيطان في نوع من أنواع الكفر فقد عبده، لا تختص عبادة الشيطان بنوع (1) من الشرك لقوله تعالى:{أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ} الآية [يس:60] أي لا تطيعوه، فعبادته طاعته. يوضح ذلك تفسير النبي صلى الله عليه وسلم لقوله تعالى:

=5–أما حديث ابن مسعود فأخرجه الإمام أحمد 5/393،والبخاري في صحيحه- كتاب الرقاق-11/463، وفي الفتن 13/3، ومسلم في صحيحه – كتاب الفضائل- 4/1796 كلهم من طريق أبي وائل شقيق بن سلمة عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.. فذكره.

6 – وأما حديث عائشة فأخرجه مسلم في صحيحه (4/1794) من طريق ابن أبي مليكة قال سمعت عائشة تقول سمعت.. الحديث.

7-

وأما حديث أسماء فأخرجه البخاري في صحيحه – كتاب الفتن- 13/3، وكتاب الرقاق11/466 ومسلم في صحيحه- كتاب الفضائل – 4/1794 كلاهما من طريق ابن أبي مليكة عنها

به.

8 – أما حديث سهل بن سعد فأخرجه البخاري في صحيحه – كتاب الرقاق- 11/464، ومسلم في صحيحه – كتاب الفضائل – 4/1793 كلاهما من طريق أبي حازم عنه.

9 – وأما حديث أبي سعيد فأخرجه الإمام أحمد في مسنده 3/28، والبخاري في صحيحه – كتاب الزهد-11/464، ومسلم في صحيحه – كتاب الفضائل- 4/1793 كلهم من طريق النعمان بن أبي عياش عن أبي سعيد الخدري

به.

(1)

سقطت من المخطوطة.

ص: 39

(1) في المطبوعة (أن) .

(2)

أخرجه الترمذي في سننه – كتاب التفسير- 5/278،وابن جرير الطبري في تفسيره10/114،والطبراني في الكبير17/92، والبيهقي في سننه- كتاب آداب القاضي- 10/116 كلهم من طريق عبد السلام بن حرب عن غطيف بن أعين عن مصعب بن سعد عن عدي بن حاتم قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وفي عنقي صليب من ذهب فقال يا عدي اطرح عنك هذا الوثن، وسمعته يقرأ في سورة براءة:{اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله} قال: أما إنهم لم يكونوا يعبدونهم ولكنهم كانوا إذا أحلوا لهم شيئا استحلوه وإذا حرموا عليهم شيئا حرموه. هذا لفظ الترمذي. وهذا إسناد ضعيف علته غطيف بن أعين وقيل غضيف ضعفه الدارقطني وغيره- وبه أعل الترمذي هذا الحديث فقال عقبة: "هذا حديث غريب (1) لا نعرفه إلا من حديث عبد السلام بن حرب، وغطيف بن أعين ليس بمعروف في الحديث"ا. هـ.

وعبد السلام بن حرب ثقة إمام حافظ إلا أن له مناكير (2) . والحديث عزاه السيوطي في الدر المنثور4/174 لابن سعد (3) وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ وابن مردويه. وعزاه ابن كثير في تفسيره2/348 للإمام أحمد ولم أجده في المسند والله أعلم.

وللحديث شاهد من حديث حذيفة موقوفا أخرجه – كما في الدر المنثور 4/174-

.....................................

(1)

كذا في النسخة المصرية- وفي بعض النسخ (حسن غريب) ونقل السيوطي في الدر عن الترمذي تحسينه.

(2)

فائدة:-نقل السخاوي في فتح المغيث (1/347-ط السلفية بالمدينة) عن ابن دقيق العيد أنه قال في الإلمام:- قولهم "روى مناكير" لا يقتضي بمجرده ترك روايته حتى تكثر المناكير في روايته، وينتهي إلى أن يقال عنه:- منكر الحديث، لأن منكر الحديث وصف في الرجل يستحق به الترك لحديثه، والعبارة الأخرى لا تقتضي الديمومة، كيف وقد قال أحمد في "محمد بن إبراهيم التيمي ":- يروي أحاديث منكرة. وهو ممن اتفق عليه الشيخان، وإليه المرجع في حديث إنما الأعمال بالنيات. اهـ.

(3)

لم أجده في المطبوعة من الطبقات- ثم رأيت العلامة الشيخ أحمد شاكر قال ذلك في حاشيته على الطبري.

ص: 40

وعبادتهم منهم للأحبار والرهبان.

وأيضا فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا تقوم الساعة حتى تعبد اللات والعزى"(1)، وقال:"لا تقوم الساعة حتى تضطرب أليات نساء دوس حول ذي الخلصة"(2) ، وهو صنم كان لهم في الجاهلية بعث النبي

= عبد الرزاق والفريابي وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في سننه كلهم من طريق أبي البختري سعيد بن فيروز قال سأل رجل حذيفة رضي الله عنه فقال: أرأيت قوله تعالى: {اتخذوا أحبارهم

} الآية. أكانوا يعبدونهم قال: لا ولكنهم كانوا إذا أحلوا لهم شيئا استحلوه وإذا حرموا عليهم شيئا حرموه.

وأخرجه من هذا الطريق ابن جرير في تفسيره10/114-115 وإسناده ضعيف للانقطاع بين أبي البختري وحذيفة فإن أبا البختري لم يسمع من حذيفة إنما أرسل عنه كما في تهذيب الكمال للمزي وجامع التحصيل. ثم عزا السيوطي في الدر أثر حذيفة هذا إلى أبي الشيخ والبيهقي في شعب الإيمان- والذي يظهر من صنيع السيوطي أنه من طريق آخر غير طريق البختري- هذا ولم يتيسر لي الوقوف على إسناديهما – وسأرجى باقي الكلام على هذا الحديث في رسالة الثانية إن شاء الله.

وقد حسن شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية هذا الحديث كما في كتابه (الإيمان) ص64 وعلى معنى هذا الحديث جمهور المفسرين. والله أعلم.

(1)

الحديث أخرجه الإمام مسلم في صحيحه بلفظ: "لا يذهب الليل والنهار حتى تعبد اللات والعزى" – كتاب الفتن وأشراط الساعة- عن عائشة رضي الله عنها مرفوعا (4/2230) . وأخرجه ابن عدي في الكامل (7/2517) من طريق أبي معشر نجيح السندي عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

فذكره بلفظ المؤلف. وسنده ضعيف جدا علته محمد بن الحسن بن محمد النقاش شيخ ابن عدي اتهم بالكذب وكان من المقرئين وله تفسير أتى فيه بالطامات والفضائح. قال أبو القاسم اللالكائي تفسير النقاش أشقاء الصدور وليس بشفاء الصدور، وأبو معشر نجيح بن عبد الرحمن السندي ضعفه القطان وابن المديني وابن معين والدارقطني وغيرهم وقال البخاري: منكر الحديث وكذا قال الساجي.

(2)

أخرجه الإمام أحمد في مسنده2/271، والبخاري في صحيحه – كتاب الفتن – باب تغير الزمان حتى تعبد الأوثان13/76، ومسلم في صحيحه – كتاب الفتن وأشراط الساعة- 4/2906 كلهم من طريق الزهري عن ابن المسيب عن أبي هريرة.

ص: 41

صلى الله عليه وسلم لهدمه (1) جرير بن عبد الله (2) . فتبين أن عبادة الشيطان وجدت بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم في جزيرة العرب، وتوجد إلى (3) آخر الزمان بهذه النصوص الثابتة، وقال النبي صلى الله عليه وسلم:" لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه" قال: يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: "فمن"(4) .

وقال: "لتأخذن (5) هذه الأمة مأخذ الأمم قبلها شبرا بشبر وذراعا بذراع" قالوا يا رسول الله: فارس والروم؟ قال: "ومن الناس إلا أولئك"(6) . فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن هذه الأمة تفعل كما فعلت

(1) في المخطوطة (لهدمها) .

(2)

أخرجه الإمام أحمد في مسنده 4/360، 362، 365، والبخاري في صحيحه6/154، 161، 189-7/131-8/70-10/504-11/136، ومسلم في صحيحه- كتاب فضائل الصحابة 4/1925 وفيه قصة هدم جرير لذي الخلصة بطولها.

(3)

ليست في المطبوعة.

(4)

أخرجه الإمام أحمد في مسنده3/84-89، والبخاري في صحيحه- كتاب أحاديث الأنبياء- باب ما ذكر عن بني إسرائيل6/495 وفي كتاب الاعتصام- باب قول النبي صلى الله عليه وسلم:" لتتبعن سنن من كان قبلكم.." 13/300، ومسلم في صحيحه- كتاب العلم 4/2054 كلهم من طريق زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

فذكره. وأخرجه الإمام أحمد في مسنده2/327و450و511 من طريق سعيد بن أبي سعيد المقبري وأبي سلمة بن عبد الرحمن وإبراهيم بن أبي أسيد عن جده (1) كلهم عن أبي هريرة

به. وأخرجه ابن ماجه في سننه عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة

به (2/1322) .

(5)

في المخطوطة" ولتأخذن".

(6)

أخرجه البخاري في صحيحه- كتاب الاعتصام- باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: " لتتبعن سنن

............................

(1)

ولم يسمع من أبي هريرة.

ص: 42

الأمم قبلها: اليهود والنصارى وفارس والروم، وأن هذه الأمة لا تقصر عما فعلته الأمم قبلها، وقال:"لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله"(1) . نسأل الله أن يجعلنا منهم بفضله ورحمته وكرمه (2) .

= من كان قبلكم" 13/300 من طريق المقبري عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بلفظ: " لا تقوم الساعة حتى تأخذ أمتي بأخذ القرون قبلها.." الحديث.

(1)

حديث متواتر ورد عن جماعات من الصحابة وقد جمعت طرقه في رسالة أسميتها "الرايات المشهورة في جمع طرق حديث لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة".

(2)

كلمة (وكرمه) ليست في المخطوطة.

ص: 43