المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تفسير قوله تعالى: (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) - دروس الحرم المدني للعثيمين - جـ ٤

[ابن عثيمين]

فهرس الكتاب

- ‌دروس وفتاوى الحرم المدني لعام 1416هـ[4]

- ‌تفسير أواخر سورة البقرة

- ‌تفسير قوله تعالى: (لله ما في السماوات وما في الأرض)

- ‌تفسير قوله تعالى: (آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وقالوا سمعنا وأطعنا)

- ‌تفسير قوله تعالى: (غفرانك ربنا وإليك المصير)

- ‌تفسير قوله تعالى: (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ربنا ولا تحمل علينا إصراً كما حملته على الذين من قبلنا)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به

- ‌الأسئلة

- ‌خطورة تصدر الجاهل للفتيا

- ‌حكم صوت المرأة

- ‌معنى قوله صلى الله عليه وسلم في فضل المدينة: (من أحدث فيها حدثاً)

- ‌حكم إنشاء جماعة ثانية بعد الجماعة الأولى

- ‌بيان اختلاف ساعات الجمعة التي نص عليها الحديث عن الساعات الوقتية

- ‌حكم الأكل والشرب حال المشي أو القيام

- ‌حكم الجمع والقصر للمسافر

- ‌نصيحة لمن يشتغل بأمور الدنيا وهو في المسجد

- ‌حكم صبغ الشعر للمرأة

- ‌حكم غسل الجمعة، وبيان ضعف حديث: (من توضأ فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل)

- ‌معنى حديث: (إن الله خلق آدم على صورته)

- ‌حكم شد الرحال إلى قبر الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌حكم من استعان بساحر ثم تاب

الفصل: ‌تفسير قوله تعالى: (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها)

‌تفسير قوله تعالى: (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها)

قال تعالى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة:286] هذه نعمة عظيمة تشبه قول الله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن:16] كل شيءٍ لا يمكنك ولا تستطيعه فهو ساقط عنك، وأنت غير مكلف به.

وهذه قاعدة -يا إخواني! - في المأمورات، فلقاؤنا الليلة إن شاء الله قواعد، والقواعد خيرٌ من الفروع:{لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا} هذه قاعدة المأمورات، كل شيءٍ لا تستطيعه من المأمورات يسقط عنك؛ لأن الله قال:{لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا} ، ثم إن كان لهذا الواجب بدل أتيت بالبدل، وإن لم يكن له بدل سقط عنك نهائياً.

ومثاله: إذا ظاهر الرجل من زوجته، فقال لها والعياذ بالله: هي عليه كظهر أمه، هذا منكر وكذب، كما قال الله تعالى:{وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً} [المجادلة:2] ماذا عليه؟ عليه أولاً: أن يعتق رقبة، هذا الواجب، لم يجد رقبة إما لعدم المال عنده وإما لعدم وجود الرقاب، فتسقط عنه الرقبة، يأتي دور:{فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ} [المجادلة:4] يجب أن يصوم شهرين متتابعين لا يفطر بينهما إلا بعذرٍ شرعي أو عذر قدري، ولكن لم يستطع الرجل لضعفه أن يصوم شهرين متتابعين، لا في الشتاء ولا في الصيف، يسقط الصيام أو لا؟ يسقط إلى شيء ثالث:{فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً} [المجادلة:4] ما وجد، فقير لا يجد أن يطعم ستين مسكيناً، ماذا يكون؟ يسقط عنه، ودليل هذا قوله تعالى:{لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا} .

وقصة الرجل الذي جامع زوجته في نهار رمضان وهو صائم استمعوا لها وفيها فائدة أيضاً: جاء رجل إلى الرسول عليه الصلاة والسلام، وقال:(يا رسول الله! هلكت وأهلكت -هلك هو بنفسه وأهلك زوجته- وقعت على امرأتي في رمضان وأنا صائم -ماذا كان من الرسول عليه الصلاة والسلام أنهره؟ ما نهره، ولا زجره، أمره بما يبرئ ذمته- أمره أن يعتق رقبة، قال: لا أجد، قال: صم شهرين متتابعين؟ قال: لا أستطيع، قال: أطعم ستين مسكيناً؟ قال: ما عندي -كل المراتب الثلاث لا يستطيعها- ثم جلس الرجل فجيء بتمر إلى الرسول عليه الصلاة والسلام، فقال له الرسول عليه الصلاة والسلام: خذ هذا تصدق به، أطعم منه ستين مسكيناً، فقال الرجل: أعلى أفقر مني؟ والله ما بين لابتيها أهل بيتٍ أفقر مني -سبحان الله! الإنسان عنده طمع، أعلى أفقر مني؟ - فضحك النبي عليه الصلاة والسلام -اللهم صلِّ وسلم عليه، هذا يدعو الناس إلى دين الله بالبشر والابتسامة والضحك والتيسير والتبشير، ليس بالعنف والغضب والغيظ- ضحك النبي عليه الصلاة والسلام حتى بدت نواجذه ثم قال: أطعمه أهلك) فرجع الرجل الذي خرج من عند زوجته وهو خائف، رجع وهو غانم؛ معه تمرٌ لأهله، وهل قال: وإذا قَدَرْتَ بعد ذلك فأطعم؟ لا.

إذاً: سقط عنه حتى الإطعام؛ لأنه لا يستطيع، والله عز وجل يقول:{لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا} .

مثال آخر: رجل قتل نفساً خطأً، فقلنا له: أعتق رقبة، قال: ما عندي، قلنا: صم شهرين متتابعين، قال: لا أستطيع، ماذا نقول؟ نقول له: ليس عليك شيء، يعني: الله ذكر خصلتين في كفارة القتل وهما: تحرير رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، وما ذكر الإطعام، إذاً: إذا قال هذا الذي وجبت عليه كفارة القتل: لا أجد الرقبة، قلنا: صم، قال: لا أستطيع الصيام، قلنا: ليس عليك شيء، لا يوجد إطعام، من أين نأخذ هذا الحكم؟ من قوله:{لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا} هذه في الأوامر.

ص: 7