المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌وضع الله عز وجل البركة في أول ساعات النهار - دروس الدكتور راغب السرجاني - جـ ١

[راغب السرجاني]

فهرس الكتاب

- ‌كيف تحافظ على صلاة الفجر

- ‌صلاة الفجر بين الصادقين والمنافقين

- ‌مشكلة تخلف معظم المسلمين عن صلاة الفجر

- ‌خصائص المحافظة على صلاة الفجر

- ‌عظم أجر المحافظة على صلاة الفجر في جماعة

- ‌عظم وزر تضييع صلاة الفجر في جماعة

- ‌تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم لسنة الفجر

- ‌تفرد صلاة الفجر عن بقية الصلوات بأمور خاصة بها

- ‌تعظيم وقت صلاة الصبح

- ‌حفظ الله ورعايته لمن يحافظ على صلاة الفجر في جماعة

- ‌تحبيب النبي صلى الله عليه وسلم لصلاة الصبح بوعظ الناس بعدها

- ‌تحفيز الرسول صلى الله عليه وسلم لأصحابه بالبقاء في المسجد بعد صلاة الفجر

- ‌تكفير ذنوب من أحسن الوضوء والخشوع في صلاة الفجر أو غيرها

- ‌وضع الله عز وجل البركة في أول ساعات النهار

- ‌الوسائل المعينة على القيام لصلاة الفجر في جماعة

- ‌الإخلاص لله تعالى

- ‌العزيمة الصادقة

- ‌تجنب الذنوب وتركها

- ‌الدعاء

- ‌الصحبة الصالحة

- ‌النوم على طريقة الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌عدم الإكثار من الأكل قبل النوم

- ‌مذكرات فضائل الفجر

- ‌كلمة جامعة عن أهمية المحافظة على صلاة الفجر وآثار ذلك

- ‌شبهة خسارة وضرر الأيدي العاملة في المحلات الغربية

- ‌شبهة استعداء الشعب الأمريكي

- ‌شبهة إنعاش الشركات الأجنبية الاقتصاد الإسلامي

- ‌شبهة عدم الاستغناء عن المنتجات الأساسية التي لا تصنع إلا في الغرب

- ‌شبهة عدم الاستغناء عن بعض الكماليات من المنتجات الغربية

- ‌كلمة جامعة عن أهمية المحافظة على صلاة الفجر وآثار ذلك

- ‌شبهة خسارة وضرر الأيدي العاملة في المحلات الغربية

- ‌شبهة استعداء الشعب الأمريكي

- ‌شبهة إنعاش الشركات الأجنبية الاقتصاد الإسلامي

- ‌شبهة عدم الاستغناء عن المنتجات الأساسية التي لا تصنع إلا في الغرب

- ‌شبهة عدم الاستغناء عن بعض الكماليات من المنتجات الغربية

الفصل: ‌وضع الله عز وجل البركة في أول ساعات النهار

‌وضع الله عز وجل البركة في أول ساعات النهار

الخاصية العاشرة والأخيرة في هذه المحاضرة: أن البركة في البكور، في الساعات الأولى في الصباح بعد صلاة الصبح، فهي أبرك ساعات اليوم كله، روى الترمذي وغيره عن صخر الغامدي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اللهم بارك لأمتي في بكورها)، هذه المباركة يا إخواني في كل شيء، في كل الأعمال: في التجارة، في الزراعة، في القراءة، في السفر، في الجهاد في سبيل الله، في أي شيء، وصخر رضي الله عنه الذي روى هذا الحديث استفاد من هذه النصيحة، فقد كان رجلاً تاجراً، وكان إذا بعث تجارته بعثها في أول النهار، فأثرى رضي الله عنه وكثر ماله، حتى إنه في رواية غير أحمد:(أن صخراً كثر ماله حتى كان لا يدري أين يضعه).

إذاً: الرسول صلى الله عليه وسلم يريدك أن تستيقظ لصلاة الصبح في جماعة، وتقعد تذكر ربنا سبحانه وتعالى في الوقت الذي ما بين الصبح حتى الشروق، ثم بعد ذلك تشتغل ولا تذهب للنوم، وتأخذ بركة أول اليوم.

فإذا كنت تريد أن يكثر مالك فاستيقظ وصل الفجر وربنا سيبارك لك في مالك إن شاء الله، والرسول صلى الله عليه وسلم لما كان يبعث جيشاً كان يبعثه في أول النهار، يقول النعمان بن مقرن رضي الله عنه وأرضاه (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا طلع الفجر أمسك حتى تطلع الشمس -يعني: أمسك عن القتال- فإذا طلعت قاتل)، يعني: كان يقاتل بعد طلوع الشمس في وقت البركة، وكان يقول:(عند ذلك تهيج رياح النصر، ويدعو المؤمنون لجيوشهم في صلاتهم).

إذاً: كان ينتظر بعد صلاة الصبح الوقت المبارك.

بهذه الفضائل والخصائص وغيرها أدرك الصالحون قيمة صلاة الصبح فما ضيعوها، وما تخيلوا أصلاً أن يضيعها إنسان، روى الإمام مالك رحمه الله في موطئه: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقد سليمان بن أبي حثمة -من كبار التابعين- رحمه الله في صلاة الصبح، فذهب عمر رضي الله عنه وأرضاه إلى أمه الشفاء أم سليمان رضي الله عنها -وهي من الصحابيات- فقال لها: لم أر سليمان في الصبح؟! قالت: إنه بات يصلي.

يعني: ظل الليل كله يصلي فغلبته عيناه، لم يكن قاعداً أمام التلفاز يا إخواني، ومع ذلك لم يعذره سيدنا عمر، بل قال: لأن أشهد صلاة الصبح في جماعة أحب إلي من أن أقوم ليلة بكاملها.

كذلك بيعة عمر بن الخطاب للخلافة كانت في صلاة الصبح؛ لأن الصديق توفي مساءً ودفن مساءً، وفي صلاة الفجر من اليوم الثاني بويع عمر بن الخطاب للخلافة، يعني: كبار رجال الدولة من الأمراء والوزراء وأهل الحل والعقد ومن بيده الأمر كل هؤلاء كانوا يصلون الفجر في جماعة، يأخذوا قرارات في منتهى الخطورة، قرارات مصيرية جداً في صلاة الصبح، صلاة في منتهى الأهمية.

يروي الإمام مالك في موطئه: أن المسور بن مخرمة رضي الله عنهما دخل على عمر بن الخطاب بعدما طعن، يقول المسور: فأيقظت عمر لصلاة الصبح، مع أن عمر بن الخطاب رأس الدولة كان مطعوناً طعنة قاتلة، والظرف صعب جداً جداً، لكن صلاة الصبح لا تؤخر يا إخواني، لا يستطيع أن يدعه يصليها بعد الشروق، ماذا قال عمر عندما أيقظه المسور بن مخرمة رحمه الله؟ قال له: نعم، نعم، أحسنت أنك أيقظتني، ثم قال: ولا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة، ثم قام عمر رضي الله عنه وأرضاه وصلى صلاة الصبح وجرحه يثعب دماً، ومع ذلك لم يترك صلاة الصبح.

وهذا أنس بن مالك رضي الله عنه وأرضاه كان يبكي بكاءً مراً كلما تذكر فتح تستر، لماذا يبكي؟! وتستر مدينة فارسية حصينة، حاصرها المسلمون سنة ونصفاً، وبعد حصار لهذه المدينة مدة سنة، ونصف سقطت في أيدي المسلمين، وتحقق لهم فتحاً مبيناً، فإذا كان الوضع بهذه الصورة الجميلة المشرقة، فلماذا يبكي أنس بن مالك رضي الله عنه وأرضاه عندما يتذكر موقعة تستر؟ لقد فتح باب حصن تستر قبيل ساعات الفجر بقليل، وانهمرت الجيوش الإسلامية داخل الحصن ودار قتال رهيب بين ثلاثين ألف مسلم ومائة وخمسين ألف فارسي وكان في منتهى الضراوة؛ لأن كل لحظة في هذا القتال تحمل الموت وتحمل الخطر الكبير على الجيش المسلم، فهم في موقف في منتهى الصعوبة، ولكن في النهاية كتب الله النصر للمؤمنين، وانتصروا على عدوهم بفضل الله، وكان هذا الانتصار بعد لحظات من شروق الشمس، وضاعت صلاة الصبح في ذلك اليوم الرهيب يوم الفتح، لم يستطع المسلمون في هذه المعركة الطاحنة والسيوف على رقابهم أن يصلوا الصبح في ميعاده، ويبكي أنس بن مالك رضي الله عنه وأرضاه لضياع صلاة الصبح مرة واحدة في حياته، مع أن ج

ص: 14