المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تواضعه صلى الله عليه وسلم مع الصبيان - دروس الشيخ سعد البريك - جـ ١٣٠

[سعد البريك]

فهرس الكتاب

- ‌إمام الهدى

- ‌خلق النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌خلق النبي صلى الله عليه وسلم مع الناس

- ‌خلق النبي صلى الله عليه وسلم مع أهل بيته

- ‌ما كان النبي صلى الله عليه وسلم ينتقم لنفسه

- ‌حلم النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌حلمه صلى الله عليه وسلم على الأعرابي الذي جبذه بردائه

- ‌حلمه صلى الله عليه وسلم على من أراد قتله

- ‌شبهة في الطعن في حلمه صلى الله عليه وسلم والرد عليها

- ‌تواضعه صلى الله عليه وسلم

- ‌تواضعه صلى الله عليه وسلم مع الأنصار وضعفاء المسلمين

- ‌تواضعه صلى الله عليه وسلم في حمله الحسين بن علي على كتفه

- ‌تواضعه صلى الله عليه وسلم في قبول الهدية وإجابة الدعوة

- ‌تواضعه صلى الله عليه وسلم في عشرته مع أهله

- ‌تواضعه صلى الله عليه وسلم في أخذه بزمام راحلة معاذ

- ‌تواضعه صلى الله عليه وسلم في نقله التراب يوم الخندق

- ‌تواضعه صلى الله عليه وسلم في كراهيته للقيام له

- ‌تواضعه صلى الله عليه وسلم مع الصبيان

- ‌رحمته صلى الله عليه وسلم

- ‌رحمته صلى الله عليه وسلم بالأمة

- ‌رحمته صلى الله عليه وسلم في تعليم أصحابه

- ‌عيشه صلى الله عليه وسلم

- ‌كرمه وجوده صلى الله عليه وسلم

- ‌انتقاله إلى ربه صلى الله عليه وسلم

- ‌الأسئلة

- ‌كلمة توجيهية لرجال الحسبة

- ‌بيان الكتب الشاملة لسيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم

- ‌أخلاق المعلم المتطلبة فيه

الفصل: ‌تواضعه صلى الله عليه وسلم مع الصبيان

‌تواضعه صلى الله عليه وسلم مع الصبيان

أما تواضعه مع الصغار ورحمته ولطفه صلى الله عليه وسلم مع الصغار فيدل على ذلك ما رواه أنس، يقول رضي الله عنه:(إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على صبيان يلعبون فسلم عليهم) رواه مسلم.

الرسول، الإمام، إمام الأمة الذي ينزل عليه جبريل بالوحي، ويخير أن تسير الجبال ذهباً أو فضةً وراءه، ويخير أن تطبق الجبال على أهل مكة، ويخير بعذاب أقوام، يمر على صبيان فيقول: السلام عليكم.

النبي صلى الله عليه وسلم يسلم، ويلقي هذه التحية.

إن كثيراً منا لا يسلم على الكبار فضلاً عن الصغار، وللأسف أن كثيراً من المسلمين والذين يلامون أكثر من غيرهم من الطيبين يمر الواحد منهم فلا يبتسم، ويمر فلا يسلم، يا أخي الحبيب! سلم ولو كان الذي تراه عليه شيء من آثار التقصير، سلم فلعل الله أن يحبب الخير إليه بسلامك، سلم فلعل الله أن يقذف في قلبه الحياء من المعصية، سلم لعل هذا السلام يكون سبباً في دخولك إلى حديث معه لإنكار هذه المعصية التي تراها منه.

أما ما يحصل من كثير من الشباب -هداهم الله- فينبغي للواحد إذا مر على أخ أو إذا مر على مسلم حتى ولو كان عاملاً، حتى ولو كان من سوقة، حتى ولو كان من أي فئة أن يسلم عليه ويبتسم فله بالسلام حسنات، وبالابتسامة صدقة:(وتبسمك في وجه أخيك صدقة) فهذا النبي يمر على الصبيان ويسلم عليهم.

بعض الإخوان إذا مر على الصبيان وهم يلعبون فإنه يضغط على بوق السيارة حتى يطردهم عن لهوهم يميناً ويساراً، لماذا يا أخي؟ مر، فإن كان وقت صلاة سلم عليهم، يا شباب! ما رأيكم لو نصلي وبعد الصلاة نكمل اللعب؟ يا شباب! السلام عليكم، أنا سمعت واحداً يقول لصاحبه: الله يفعل بك كذا يسب ويشتم، وهذا ما يجوز، والنبي صلى الله عليه وسلم ما يرضى بذلك، فلنتعلم من أخلاق النبي ولنطبقها، لا تكن هذه السيرة أوراقاً في الكتب، وحروفاً وأسطراً في المجلدات، نريد من هذه السيرة أن نتأسى بها حتى نطبقها في واقعنا.

وكان صلى الله عليه وسلم يلاعب زينب بنت أم سلمة ويقول: يا زوينب! يا زوينب! مراراً يداعبها ويلاعبها صلى الله عليه وسلم.

ومن تواضعه مع الصغار ولطفه بهم ما رواه أنس قال: (كان صلى الله عليه وسلم يدخل علينا، وكان لي أخ صغير، وكان له نغر -الطائر النغري المعروف- يلعب به، فمات نغره الذي كان يلعب به، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم فرأى أبا عمير حزيناً فقال: ما شأن أبي عمير حزيناً؟ فقلنا: مات نغره الذي كان يلعب به يا رسول الله، فيلتفت صلى الله عليه وسلم إلى هذا الصغير فيقول: يا أبا عمير! ما فعل النغير؟ فيقول أبو عمير: مات يا رسول الله! مات يا رسول الله!) فالنبي بقدره وجلالة هيبته يتنزل إلى مستوى هذا الطفل فيتفاعل معه في مصيبته الصغيرة وهي: موت عصفوره.

قبّل الطفل ولو لم يك لك إنما الطفل على الأرض ملك

عطفة منك على لعبته تخرج المكنون من كربته

ومن تواضعه ولطفه بالصغار ما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (مر علينا النبي صلى الله عليه وسلم ونحن نلعب فقال: السلام عليكم يا صبيان، السلام عليكم يا صبيان) هذا نبينا إمام الهدى على جلالة قدره يقف ليسلم على هؤلاء الصبيان! وكذلك يقول أنس رضي الله عنه: (كان صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقاً، أرسلني يوماً لحاجة -وكان أنس خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أنس: فخرجت حتى مررت على صبيان وهم يلعبون في السوق فوقفت ألعب معهم) النبي أرسل أنساً في حاجة فأنس في الطريق وهو ذاهب لحاجة النبي صلى الله عليه وسلمن إذ وجد أطفالاً يلعبون فنسي حاجة الرسول صلى الله عليه وسلم وجلس يلعب مع الأطفال، فمر النبي صلى الله عليه وسلم ووقف خلف أنس ومن ورائه قال أنس:(فنظرت إليه وإذ به صلى الله عليه وسلم يضحك، والنبي يقول: يا أنيس! ذهبت حيث أمرتك؟ فقال أنس: أنا ذاهب الآن يا رسول الله، أنا ذاهب الآن يا رسول الله!).

فالنبي يرسل أنساً، وأنس يجد أطفالاً يلعبون، فيقف يلعب معهم، ثم يأتي النبي صلى الله عليه وسلم خلفه، ثم يلتفت أنس في لحظة وينظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم يتوقع أنه سيعاتبه على تأخره عن الحاجة، والنبي ينظر إلى أنس ويضحك ويقول: ما فعلت بالحاجة التي أمرتك؟ فيقول أنس: (أنا ذاهب الآن يا رسول الله) فانظروا إلى لطفه صلى الله عليه وسلم.

ومن تواضعه وعذوبة لطفه ورحمته بالصغار ما رواه أبو قتادة قال: (بينما نحن جلوس في المسجد إذ خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يحمل أمامة بنت العاص بن الربيع وأمها زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فصلى النبي صلى الله عليه وسلم وهي على عاتقه؛ يضعها إذا ركع ويعيدها على عاتقه إذا قام، حتى قضى صلاته يفعل ذلك في صلاته كلها) من أجل ماذا؟ رحمةً بهذه الطفلة، رحمةً بهذه الصغيرة، رحمةً بـ أمامة بنت زينب زوجة العاص بن الربيع، يعني جدها رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ص: 18