المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌قصة خبيب بن عدي - دروس الشيخ عائض القرني - جـ ٢١١

[عائض القرني]

فهرس الكتاب

- ‌الطريق إلى الجنة

- ‌طرق دخول الجنة

- ‌حب الله ورسوله وكثرة السجود طريق إلى الجنة

- ‌عبادة الله وإقامة أركان الإسلام طريق إلى الجنة

- ‌لا يدخل أحد الجنة إلا من طريقه صلى الله عليه وسلم

- ‌أبواب الجنة الثمانية

- ‌المسارعة إلى أبواب الجنة ومنها الجهاد

- ‌عظماء على فراش الموت

- ‌قصة خبيب بن عدي

- ‌قصة هارون الرشيد

- ‌قصةالمعتصم

- ‌قصة عبد الملك بن مروان

- ‌قصة عبد الله بن المبارك

- ‌الجنة ليست خاصة بالرجال

- ‌صفات الداعي إلى الجنة

- ‌أن يكون دليله الكتاب والسنة

- ‌أن يصاحبه اللين والرفق

- ‌الأسئلة

- ‌كيفية مواجهة الحرب على الإسلام

- ‌فضل الصحبة ومنزلة الصحابة

- ‌حسن معاملة الزوجات

- ‌كلمة موجهة إلى أولياء أمور الأطفال

- ‌نصيحة إلى بائع الأفلام الخليعة

- ‌الإسلام ودور العلماء والدعاة

- ‌حكم الصلاة في البيت بدون عذر

- ‌حكم بيع النقود والصرف بالنقود

- ‌حقيقة الزهد في الدنيا

- ‌حكم لعبة البلوت

- ‌حكم التبرع بالأعضاء بعد الموت

- ‌معاملة الكفار وفق الشرع

- ‌بيان عقيدة بعض الفلاسفة

- ‌حكم السفر والحج بالخادمة

- ‌تعرض الغزو الفكري للمرأة المسلمة

- ‌حكم تأخير الصلاة

- ‌حكم حجاب المرأة عن الأقارب

- ‌دخول المؤمنين الجنة قبل الحشر

- ‌كيفية التآخي في الله

- ‌التعصب يكون للحق لا للأهواء والرجال

- ‌الخروج في سبيل الله للدعوة

- ‌دعوة إلى حفظ القرآن

- ‌التفريط في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌حكم زيارة الجار الذي لا يصلي

- ‌حكم التأمين على الأملاك

- ‌معنى الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌وضع المال في البنك بدون أرباح

- ‌الفرق بين المداراة والمداهنة

- ‌حقيقة الرهبانية

- ‌كثرة الوسوسة في الصلاة والخجل من الناس

- ‌حكم زيارة الوالدين إذا كانا مبتدعين

- ‌حكم تقصير الثوب إلى فوق الساق

- ‌عقيدة جمال الدين الأفغاني

- ‌حكم الأكل من مال الولد العاصي والفاسق

- ‌حكم من أخر العصر عن وقتها

- ‌حكم مساكنة من لا يصلي لأجل دعوته

- ‌نجيب محفوظ في الميزان

- ‌الحداثة وخطرها على الأمة

- ‌القصيدة البازية وقصيدة أمريكا التي رأيت

- ‌الانتفاضة ليست بجهاد خالص

- ‌كلمة في التبرع

الفصل: ‌قصة خبيب بن عدي

‌قصة خبيب بن عدي

خبيب بن عدي يأخذه الكفار أسيراً، ويدخلونه بيتاً غير مسقوف، وتصهره الشمس ولكن إيمانه يبرده، يأتيه البرد ولكن إيمانه يدفئه، يأتيه الجوع ولكن إيمانه يشبعه، يأتيه الظمأ ولكن إيمانه يرويه، تقول إحدى النساء من اللواتي عشن قريباً من خبيب: رحم الله خبيباً، والله لقد كنت أنظر إليه وقد حصر في مكة في بيت، ما في مكة عنبة واحدة وإن قطاف العنب يأكله خبيب، من أين؟ من عنده سبحانه وتعالى، {أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [آل عمران:37] وخرج إلى ساحة الإعدام ساعة الصفر في حياة المسلم، يوم يستعلي على كل شيء، ساعة الصدق مع الله، خرج أهل مكة ليقتلوه، وهو ما قتلهم وما سرقهم {أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ} [غافر:28] لكنه ذنبه أنه رجل يعلن التوحيد، واجتمعوا في جمع حاشد في ضاحية من ضواحي مكة، فقال لهم: أريد أن تمهلوني لأصلي ركعتين، قالوا: صل ركعتين واستعجل، فقام يتوضأ وهو يعرف أن الموت سوف يأتيه بعد ركعتين، فصلى ركعتين ثم سلم ثم قال: [[والله الذي لا إله إلا هو، لولا أن تقولوا: جزع من الموت لطولت صلاتي، ثم قال: اللهم أخبر رسولك ما نلقى الغداة -يعني: أخبره بما يفعلوا بنا هذا اليوم، وفي سيرة موسى بن عقبة:{كان عليه الصلاة والسلام وهو في المدينة وخبيب! في مكة يقول: السلام عليك يا خبيب! السلام عليك يا خبيب! السلام عليك يا خبيب!} -قال: اللهم أبلغ رسولك ما نلقى الغداة، وأخذ يقول للكفار: اللهم أحصهم عدداً، واقتلهم بدداً، ولا تغادر منهم أحداً، فلما رفعوه إلى مشنقة الموت -هل بكى؟ لا.

لأن الأبطال لا يبكون في ساعة الصفر، هل جزع؟ لا.

لأن الأبطال لا يجزعون ساعة الموت، وهل ندم وتحسر؟ لا.

لأنه يريد هذه الساعة، ويعمل لها، إنه يريد الجنة- قال له أبو سفيان في آخر لحظة: هل تريد أن محمداً مكانك وأنك في أهلك ومالك سليماً معافى؟ قال: والله الذي لا إله إلا هو، ما أريد أني في أهلي سليماً معافى وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم يصاب بشوكة، ثم أخذ ينشد -هل رأيت شاعراً ينشد عند لحظة الموت؟ إن سمعت شاعراً فهذا هو الشاعر العظيم، شاعر الإيمان والحب والطموح، لا شاعر الفن الرخيص العفن المتخلف، الذي يشعر ليهدم الأمم ويزيل الشعوب ويخرب القلوب- أخذ على المنصة يلقي قصيدته الرائعة المدوية على رءوس الأشهاد لتحفظ في ميزان حسناته يوم القيامة، يقول:

ولست أبالي حين أقتل مسلماً على أي جنب كان في الله مصرعي

وذلك في ذات الإله وإن يشأ يبارك على أشلاء شلوٍ ممزع

ثم قتل]]

ولكنه ما قتل! إنه حي عنده سبحانه وتعالى مع الشهداء إن شاء الله، {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ} [فصلت:30 - 31] لا يكتشف طريق الجنة عند كثير من الناس إلا في سكرات الموت، وكثير من الناس لا يستفيق من سكاره وخماره إلا في ساعة الموت، تلك الساعة التي يضعف فيها القوي، ويفتقر الغني ويعجز الجبار، ساعة الموت يوم لا تنفع المنعة ولا الدفاع، ساعة الموت الواخزة المؤلمة المحيرة المدهشة.

ص: 9