المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌نزول التوبة من السماء - دروس الشيخ عائض القرني - جـ ٢٢٤

[عائض القرني]

فهرس الكتاب

- ‌حتى لا نتخلف عن الركب

- ‌غزوة تبوك

- ‌تجهيز جيش تبوك

- ‌تخاذل المنافقين

- ‌حر الجزيرة أثناء غزوة تبوك

- ‌دور المنافقين في غزوة تبوك

- ‌كعب بن مالك وتخلفه عن الركب

- ‌استقبال كعب بن مالك للنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌إعلان المقاطعة على كعب بن مالك

- ‌صور من معاناة كعب بن مالك

- ‌رسالة ملك غسان إلى كعب بن مالك

- ‌تعزيز المقاطعة باعتزال النساء

- ‌الفرج بعد الكرب ينزل على كعب بن مالك

- ‌بعد خمسين ليلة

- ‌نزول التوبة من السماء

- ‌لقاء الأحبة بعد فرقة

- ‌باب التوبة مفتوح

- ‌من ثمار التوبة

- ‌ما يستفاد من قصة كعب بن مالك

- ‌التخلف عن مجال الخير خسارة

- ‌البذل في سبيل الله والصبر من أجل الله

- ‌فضل أبي ذر

- ‌لا يسكت على المستهزئين بالدين

- ‌إنتظار الفرج وهجر العصاة

- ‌امتثال أمر الله والفرح بتوبته

- ‌من قضايا الساعة

- ‌الإخاء والاعتصام

- ‌الدعوة إلى الله عز وجل والصبر عليها

- ‌التثبت من الأخبار

- ‌الأسئلة

- ‌تمكين المشركين

- ‌حتى لا يفوتنا الركب

- ‌جماعة الدعوة والتبليغ

- ‌الغناء والطرب

- ‌المولد النبوي

- ‌بعض من يعتدي على الجيل الأول

- ‌المخرج السينمائي أنيس عبد المعطي

- ‌قصيدة عاصفة الصحراء

الفصل: ‌نزول التوبة من السماء

‌نزول التوبة من السماء

نزلت توبة الثلاثة من السماء قبل صلاة الفجر، ولماذا نزلت قبل صلاة الفجر ولم تنزل قبل صلاة العشاء، أو بعد المغرب، أو قبل العصر أو بعده، أو في الظهر؟

قال بعض الفضلاء: نزلت قبل صلاة الفجر؛ لأن هذا الوقت وقت نزول الرحمات، ولأن الله سبحانه وتعالى في كل ليلة -كما هو معتقد أهل السنة والجماعة - يتنزل إلى سماء الدنيا، فيقول:

هل من سائل فأعطيه؟

هل من مستغفر فأغفر له؟

هل من داعٍ فأجيبه؟

وأنا أقول: إن على الإنسان أن يعرض نفسه أمام هذا الفيض الإلهي، وأمام الرحمة المباركة التي لا تنقطع، وأن يعرض نفسه على ربه، وإن وقع في زنا أو مخدرات أو ترك الصلاة، أو ارتكاب فواحش ومنكرات، أو تخلف عن الصلوات، أو قطيعة لميثاق الله، أو غير ذلك، ليقول: أخطأت وعدت.

فالله عزوجل في الثلث الأخير من الليل -يوم لا يقوم إلا الخواص من أوليائه- يبارك في تلك الدقائق وفي تلك الساعات.

نزلت توبتهم على الرسول عليه الصلاة والسلام، فتسابق الناس من يخبرهم أولاً؛ فأتاه فارس على فرس، ورجل يسعى وآخر يمشي.

صلى كعب بن مالك الفجر ثم جلس على سقف بيته -وبيته وبين الرسول صلى الله عليه وسلم جبل سلع - يسبح الله عز وجل في حالة من الضنك والأسى واللوعة والهم والغم كما وصفه الله، وإذا برجل على جبل سلع، يقول: يا كعب بن مالك! أبشر بتوبة الله عليك، فيسجد على التراب سجدة الشكر لله:

وحسان الكون لما أن بدت أقبلت نحوي وقالت لي إلي

فتعاميت كأن لم أرها حينما أبصرت مقصودي لديّ

وإذا الحسن همى فاسجد له فسجود الشكر فرض يا أخي

سجد لله عزوجل، ثم رفع رأسه ودعا الله وانهلت ودموع الفرح تنهل من عينيه:

طفح السرور عليَّ حتى إنني من عظم ما قد سرني أبكاني

وهي دموع باردة ليست دموعاً حارة كدموع الأسى واللوعة والحزن، لكن دموع باردة هي دموع الفرح، ودموع التائبين، ودموع تحصل على أعظم جائزة يطمح إليها البشر وهي جائزة رضوان الله، لا جائزة نوبل ولا غيره، جائزة رضوان الواحد الأحد أن يرضى عنك.

يقول أحد الناس: ليتني كنت مع الصحابة تحت الشجرة؛ لأعيش مشاعرهم يوم بايعوا الرسول صلى الله عليه وسلم على الموت، ثم أنزل الله جبريل من السماء، يقول:{لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} [الفتح:18] حتى تدري أنت باسمك واسم أبيك أنك من الذين بايعوا تحت الشجرة وأن الله رضي عنك، لا إله إلا الله.

قال: وأتى الفارس على الفرس لكن صاحب الصوت الذي في الجبل سبقه، قال: فأردت أن أكرمه -هذا المبشر الذي يبشرك بشيء لا بد أن تكرمه، وأعظم ما يبشرك أن الله تاب عليك- فخلعت ثوبي له وبقيت في إزار وأعطيته، لم يكونوا يملكون من الدنيا شيئاً، حكموا ثلاثة أرباع الكرة الأرضية بالرماح الممشوقة، والسيوف المثلمة، ودخلوا يصلون ويكبرون في قرطبة، وخطبوا في الحمراء، وسجدوا لله في أسبانيا وسيبيريا والأندلس والسند والهند وطاشقند وغيرها.

هذه الجمهوريات الروسية التي تنفصل عن الاتحاد السوفيتي فتحها أجدادنا بالرمح والسيف والبغال، جمهوريات كازخستان جمهورية البخاري، وجمهورية أزبيكان جمهورية الترمذي وسيبويه والكسائي وعلماء الإسلام، نعم!

قال: وذهبت إلى ابن جاري فاستعرت ثوباً لأقابل الرسول عليه الصلاة والسلام، لم يجد ثوباً آخر ليحمله أو ليرتديه، فأخذ ثوباً آخر من ابن جاره.

ص: 15