المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الاستغفار والتوبة فعلاجه صلى الله عليه وسلم، قوله: {وأتبع السيئة الحسنة - دروس الشيخ عائض القرني - جـ ٢٤١

[عائض القرني]

فهرس الكتاب

- ‌سفينة النجاة

- ‌مع قائد السفينة

- ‌حال الناس قبل مجيء النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌مدح قائد سفينة النجاة

- ‌التقوى سفينة النجاة

- ‌من وصايا النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌وصية القرآن بالتقوى

- ‌تعريف التقوى

- ‌وصية النبي صلى الله عليه وسلم بالتقوى

- ‌مكفرات الذنوب

- ‌الاستغفار والتوبة

- ‌فضل الاستغفار

- ‌لا يعير المسلم بذنب تاب منه

- ‌الفرق بين الاستغفار والتوبة

- ‌فوائد الاستغفار

- ‌مسائل في التوبة

- ‌شروط التوبة

- ‌فضل التائبين

- ‌فرح الله تعالى بالتائب

- ‌التوبة من الصغائر والكبائر وفضول المباحات

- ‌مخاطر في طريق التائبين

- ‌إن الحسنات يذهبن السيئات

- ‌تعلق قلوب أولياء الله بالمسجد

- ‌بشرى للمشائين إلى المساجد

- ‌أعمال تكفر الذنوب

- ‌حقوق العباد

- ‌الخلق الحسن في القرآن وغيره

- ‌أبيات في حسن الخلق

- ‌أحاديث في حسن الخلق

- ‌ما يستنبط من قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا تغضب

- ‌أفضل الفضائل

- ‌الأسئلة

- ‌كتاب في خطب الجمعة

- ‌الصدقة للمسلمين في يوغسلافيا

- ‌معنى: (إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ)

- ‌توبة من مرض مرضاً لا يرجى برؤه

- ‌وقت ركعتي التوبة

- ‌من مات وهو كاتم لحب

- ‌التائب من الغيبة

الفصل: ‌ ‌الاستغفار والتوبة فعلاجه صلى الله عليه وسلم، قوله: {وأتبع السيئة الحسنة

‌الاستغفار والتوبة

فعلاجه صلى الله عليه وسلم، قوله:{وأتبع السيئة الحسنة تمحها} دل على ذلك القرآن الكريم؛ قال المولى سبحانه: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} [آل عمران:133] انظر إلى الخطاب، لم يقل: تعالوا أو هلموا بل قال: سارعوا!

يروى عنه عليه الصلاة والسلام أنه سئل: كيف تكون الجنة عرضها السماوات والأرض؟ أين السماوات والأرض والجنة عرضها السماوات والأرض؟ فقال: أين الليل إذا أتى النهار؟ وهذا قياس صحيح أصلي مطرد، أين الليل إذا أتى النهار؟ قال:{وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران:133 - 134] فمن يكظم ويعفو ويحسن يدخل الجنة، لكن انظر ما قال بعد ذلك:{وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} [آل عمران:135 - 136] سبحان الله! يدخلون جنة عرضها السماوات والأرض وهم يرتكبون الفواحش، هذا يجعل الإنسان بلحمه ودمه يفرح ويضحك؛ لأنه يفعل الفاحشة ولكنه يدخل الجنة!!

وفي الصحيحين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {أذنب عبد ذنباً فقال: يا رب! أذنبت ذنباً فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت فغفر الله له، ثم أذنب ذنباً فقال: يا رب اغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت فغفر له، فأذنب ذنباً فقال: يا رب! اغفر لي ذنوبي فإنه لا يغفر الذنب إلا أنت، قال الله: علم عبدي أنه لا يغفر الذنوب إلا أنا، فليفعل عبدي ما شاء} .

هذا في الصحيحين بهذا اللفظ، والمعنى عند أهل العلم حتى لا يفهم فهماً خاطئاً معناه كما قال النووي: إن عبدي ما دام أنه كلما أذنب تاب واستغفر فإنه سوف ينجو، أو أنها حادثة عين لسر رآه الله عز وجل في ذلك العبد، وليس المعنى: أن العبد مهما كان يذنب الذنوب فإن الله سوف يغفر له هذا لا يكون، ومن فعل ذلك أو ظن ذلك أو اعتقد ذلك فقد تمنى على الله الأماني، والله يقول:{لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً} [النساء:123].

سهر ابن عباس ليلة كاملة يقرأ من صلاة العشاء إلى صلاة الفجر في الحرم ويردد قوله تعالى: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً} [النساء:123].

قال عطاء: والله لقد رأيت إلى جفنيه كشراك النعلين الباليين من البكاء، لأنه يفهم القرآن.

ورأيت في سيرة أبي بكر {أن الرسول صلى الله عليه وسلم قرأ عليه الآية والصحابة جلوس، فتلا قوله سبحانه وتعالى: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً} [النساء:123] فتماط أبو بكر حتى سمع لظهره أطيط، قال: ما لك يا أبا بكر غفر الله لك؟ قال: يا رسول الله! كيف العمل بعد هذه الآية؟ أي كيف النجاة؟ قال: غفر الله لك يا أبا بكر! ألست تمرض؟ قال: بلى يا رسول الله! قال: فوالذي نفسي بيده لا يصيب المؤمن من هم ولا وصب ولا غم ولا حزن ولا مرض حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله له بها من سيئاته}.

ص: 11