المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌إسلام عكرمة بن أبي جهل - دروس الشيخ عائض القرني - جـ ٢٥٠

[عائض القرني]

فهرس الكتاب

- ‌مكة في يوم الميلاد

- ‌اكتشاف الرسول صلى الله عليه وسلم رسالة حاطب إلى قريش

- ‌رسل رسول الله لاستخراج رسالة حاطب

- ‌موقف النبي صلى الله عليه وسلم من حاطب

- ‌نقض قريش للصلح

- ‌التهيؤ لفتح مكة

- ‌تقسيم الجيش

- ‌فتح مكة

- ‌دخول الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه مكة

- ‌أمر الرسول بقتل ابن خطل

- ‌إسلام بعض الوجهاء من كفار مكة

- ‌إسلام عبد الله بن سعد

- ‌إسلام صفوان بن أمية

- ‌إسلام عكرمة بن أبي جهل

- ‌حب الأنصار للرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌بعض المعجزات التي حدثت في فتح مكة

- ‌معجزة الرسول مع فضالة

- ‌معجزة الرسول مع أبي سفيان

- ‌بعض الفوائد من فتح مكة

- ‌كشف خبر حاطب

- ‌قبول عذر المسلم

- ‌غضب الصحابة لله

- ‌فضل أهل بدر

- ‌الفطر في السفر

- ‌إرهاب العدو بالقوة

- ‌قراءة القرآن على الدابة

- ‌طمس الصور

- ‌عدم موالاة المشرك ولو كان قريباً

- ‌كتمان الأمور الهامة

- ‌رعي النبي صلى الله عليه وسلم للغنم

- ‌قبول الهدية ولو كانت يسيرة

- ‌الأمان للمشرك

- ‌صلاة الضحى

- ‌الصلاة داخل الكعبة

- ‌قبول إجارة المرأة

- ‌الكلام في المغتسل للحاجة

- ‌عودة حرمة مكة

- ‌لا يرث المسلم الكافر

- ‌تغيير الشيب بغير السواد

- ‌أداء الأمانة إلى أهلها

- ‌لبس السواد للحاجة

- ‌لبس أدوات السلاح داخل الحرم

- ‌عدم عودته صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة إلى مكة

الفصل: ‌إسلام عكرمة بن أبي جهل

‌إسلام عكرمة بن أبي جهل

عكرمة بن أبي جهل:-

وأما عكرمة فذهب إلى أرض اليمن، فلَحِقَتْه زوجته، فأتت به -ابن الطاغية الكبير، ابن فرعون هذه الأمة:{وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [آل عمران:27].

فأتى عكرمة -فلما رآه الرسول عليه الصلاة والسلام مقبلاً مع زوجته انظر إلى الاحتفاء والعفو والسماحة، لو كان غيره من الأقزام، كان تهدد عكرمة، وقال: انظر كيف فعلنا بكم وهزمناكم وسحقناكم؛ لكن لا، بل قام عليه الصلاة والسلام يجر رداءه حتى لقيه على الفرس، قال:{مرحباً بالراكب المهاجر} -يقصد أنه راكب ومهاجر إلى الله ورسوله، لم يقل: إنك منهزم، وفار، وقال:{مرحباً بالراكب المهاجر، فقال عكرمة: لا أترك موقفاً وقفت فيه ضدك أو مع من حاربك إلا وقفت معك فيه يا رسول الله} .

فَصَدَقَ موعود الله، وبايع الله، فبقيت بيعة الإسلام في عنقه حتى يوم اليرموك، يوم انهزمت ميمنة المسلمين في عهد أبي عبيدة وخالد، فقام عكرمة وذهب إلى خيمته، فاغتسل وتحنط ولبس أكفانه، وسل سيفه، وقال: من يبايعني على الموت؟ فبايعه أربعمائة بطل، فشق بهم الصفوف، وقُتِلوا وأُتِي به إلى خالد، وقد تجندل، وكان قبلها يقرأ القرآن ويقبله ويبكي ويقول:[[كلام ربي كلام ربي]] واستدل بعض أهل العلم على جواز تقبيل المصحف من فعل عكرمة.

ولا بأس بالاستطراد مع عكرمة.

فلما أُتي به إلى خالد، وضعه خالد في حجره، ووضع ابن عكرمة وكان شاباً صغيراً في حجره كذلك؛ لأن خالد هو القائد، وأتى بـ الحارث بن هشام رضي الله عنه وأرضاه.

الحارث بن هشام: عم عكرمة، أخو أبو جهل، انظر كيف هدى الله حارثاً إلى الجنة، وأخذ أبا جهل إلى النار.

والحارث بن هشام من أغنى أغنياء مكة، كان يطوف بجفنته على رأسه مكللة بالثريد كل صباح إلى الأيتام والمساكين.

فلما خرج إلى الجهاد في الشام بكى أهل مكة جميعاً عليه، والحارث بن هشام، هو الذي هجاه حسان يوم بدر، لأنه فر من بدر، حين كان مع المشركين، فيقول حسان:

إن كنتِ كاذبةَ الذي حدثْتِنِي فنجوتِ منجى الحارث بن هشامِ

ترك الأحبة أن يقاتل دونهم ونجى بفضل طمرَّةٍ ولجامِ

فلما أتى يوم اليرموك صدقوا الله جميعاً فقُتِلوا، فكانوا أربعة: فقال خالد لـ عكرمة: ماذا تريدون؟ فما استطاع عكرمة أن يتكلم -لأن الموت قد داخَلَهُ، وموعود الله عز وجل قد وصله، والعهد الذي قطعه مع الله سبحانه وتعالى قد ختمه:{إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالْأِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ} [التوبة:111]-.

فظن خالد أنهم يريدون الماء، فَدُعِا بماء بارد من الخيمة، فقدمه لـ عكرمة فرفض، وأشار إلى عمه الحارث، ليشرب قبله -انظر إلى الإيثار حتى في سكرات الموت:{وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [الحشر:9].

وكأن ظل السيف ظل حديقة خضراء تنبت حولها الأشجارا

أرواحنا يا رب فوق أكفنا نرجو ثوابك مغنماً وجوارا

فوصل الماء إلى الحارث، فقال: إلى عكرمة، فأعطوه عكرمة فرفض إلا أن يشرب المسلم الرابع قبله، فرفض المسلم، فعادوا إلى عكرمة، فوجدوه قد مات، ودفعوه إلى الحارث، فإذا هو قد فارق الحياة، وإلى الثالث فإذا به قد مات، وإلى الرابع فوجدوه ميتاً، فرمى خالد بالكوب، وقال:[[اسقهم في جنتك، زعم الناس أنا لا نموت، بلى والله نموت تحت قصع السيوف وضرب الرماح]].

ص: 14