المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌عظم شأن الصدق مع الله - دروس الشيخ عائض القرني - جـ ٢٩٤

[عائض القرني]

فهرس الكتاب

- ‌مقامات العبودية

- ‌مقامات النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌عبودية الخوف من الله سبحانه وتعالى

- ‌رقابة الله عز وجل

- ‌خوف أبي بكر الصديق

- ‌خوف عمر من الله عز وجل

- ‌خوف عثمان رضي الله عنه من الله عز وجل

- ‌خوف علي رضي الله عنه من الله عز وجل

- ‌حقيقة الخوف من الله عز وجل

- ‌خوف عبد الله بن وهب من الله عز وجل

- ‌خوف عبد الغني المقدسي من الله عز وجل

- ‌خوف ابن المبارك من الله عز وجل

- ‌خوف ابن عمر رضي الله عنه من الله عز وجل

- ‌خوف عمر بن عبد العزيز من الله عز وجل

- ‌خوف ابن عباس رضي الله عنه من الله عز وجل

- ‌أشد الناس خوفاً من الله عز وجل

- ‌سكرات الموت

- ‌الندم عند الموت

- ‌عبودية الإخلاص مع الله والصدق معه عز وجل

- ‌لكل امرئ ما نوى

- ‌عظم شأن الصدق مع الله

- ‌بالصادقين فتحت كابل

- ‌صلة بن أشيم والأسد

- ‌ابن المبارك وإخلاصه في الجهاد

- ‌أسباب الخلوص من الرياء

- ‌دعوة للرجوع إلى الله

- ‌الأسئلة

- ‌صحة أثر: [ما أمن النفاق إلا منافق]

- ‌علامات أولياء الله

- ‌حكم تعذيب النفس إذا فعلت معصية

- ‌العبد بين الخوف والرجاء

- ‌قبول التوبة من العبد وإن عاد للذنب

- ‌حكم صلاة ركعتين بعد التوبة

- ‌ما يؤخذ على كتاب إحياء علوم الدين والكتب التي تغني عنه

- ‌سبب ما ورد عن بعض السلف من السقوط والغشيان عند سماع القرآن

- ‌أسباب تفاوت العبادات

- ‌حكم محبة الثناء الحسن من الآخرين

- ‌خطورة من يأمر بالمعروف ولا يأتيه

- ‌حكم من بلغ ولم يصم

- ‌حكم ترك الضحك وهجر الملذات

- ‌ضوابط الهجر وشروطه

- ‌مراتب الخوف والكتب التي تتحدث عن ذلك

- ‌ما يعين على استحضار الخوف

الفصل: ‌عظم شأن الصدق مع الله

‌عظم شأن الصدق مع الله

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

إن منزلة الإخلاص لا بد للعبد أن يحققها؛ ليقبل الله سبحانه وتعالى منه طاعته، وليجيبه، وليجعله من المقبولين عنده تبارك وتعالى، ولذلك من نوى نية ثم لم يستطع أن يعمل بما نوى من العمل الصالح كتب الله سبحانه وتعالى له أجر ما نوى، على حد الحديث الذي قَبِلَهُ ابن تيمية في مختصر الفتاوى:{نية المؤمن خيرٌ من عمله} ولذلك يقول عليه الصلاة والسلام كما في صحيح مسلم عن أبي هريرة: {من سأل الله الشهادة بصدقٍ بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه} وهذا من الصدق؛ لأن من طلب الصدق وحققه حقق الله له ما تمنى.

وتعلمون أن عمر رضي الله عنه وأرضاه لما حج وقف في الأبطح ورفع يديه، وقال:[[اللهم انتشرت رعيتي، ورق عظمي، ودنا أجلي، فاقبضني إليك غير مفرطٍ ولا مفتون، اللهم إني أسألك شهادةً في سبيلك وموتة في بلد رسولك صلى الله عليه وسلم، فقال له الصحابة: يا أمير المؤمنين! إن من يطلب الشهادة يخرج إلى الثغور، فقال: هكذا سألت واسأل الله أن يلبي لي ما سألت]]

فلمّا وصل إلى المدينة طعن في صلاة الفجر، وفي أحسن وقت، وفي أجلَّ مقام، وفي أحسن مكان، طُعن بعدما صلَّى الركعة الأولى ودخل في الثانية بيدٍ غادرة فاجرة، ما تقربت إلا إلى النار بقتله، وتقرب هو رضي الله عنه إلى الله سبحانه وتعالى، فوقع يقول:[[حسبي الله، لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم]] وعلم أنها الشهادة التي سألها رضي الله عنه وأرضاه، لما توفي يقول أنس:[[والله لقد خفنا خوفاً وحزنا بعد وفاة عمر حزناً ما حزناه أبداً إلا على وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ووفاة أبي بكر]] فلما وضع في بيته، وضعوا رأسه على مخدة فقال لابنه:[[انزع المخدة من تحت رأسي وضع رأسي على التراب علَّ الله أن يرحمني]] فدخل أمير المؤمنين علي رضي الله عنه وأرضاه وقال: [[طوبى لك يا أمير المؤمنين! لطالما سمعت رسول الله يقول: جئت أنا وأبو بكر وعمر ودخلت أنا وأبو بكر وعمر وخرجت أنا وأبو بكر وعمر، فأسأل الله أن يحشرك مع صاحبيك، فقال عمر: يا ليتني نجوت كفافاً لا لي ولا عليَّ]].

فالشاهد: أن عمر رضي الله عنه وأرضاه لما صدق في تمني الشهادة، وصدق في طلب مرضاة الله أعطاه الله عز وجل، وبلغه الله تلك المنزلة، وهذا مأثور بالاستقراء والنقل، والمشاهدة والأثر من جميع من أخلص لله سبحانه وتعالى وصدق مع الله.

ص: 21