المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حكم تعذيب النفس إذا فعلت معصية - دروس الشيخ عائض القرني - جـ ٢٩٤

[عائض القرني]

فهرس الكتاب

- ‌مقامات العبودية

- ‌مقامات النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌عبودية الخوف من الله سبحانه وتعالى

- ‌رقابة الله عز وجل

- ‌خوف أبي بكر الصديق

- ‌خوف عمر من الله عز وجل

- ‌خوف عثمان رضي الله عنه من الله عز وجل

- ‌خوف علي رضي الله عنه من الله عز وجل

- ‌حقيقة الخوف من الله عز وجل

- ‌خوف عبد الله بن وهب من الله عز وجل

- ‌خوف عبد الغني المقدسي من الله عز وجل

- ‌خوف ابن المبارك من الله عز وجل

- ‌خوف ابن عمر رضي الله عنه من الله عز وجل

- ‌خوف عمر بن عبد العزيز من الله عز وجل

- ‌خوف ابن عباس رضي الله عنه من الله عز وجل

- ‌أشد الناس خوفاً من الله عز وجل

- ‌سكرات الموت

- ‌الندم عند الموت

- ‌عبودية الإخلاص مع الله والصدق معه عز وجل

- ‌لكل امرئ ما نوى

- ‌عظم شأن الصدق مع الله

- ‌بالصادقين فتحت كابل

- ‌صلة بن أشيم والأسد

- ‌ابن المبارك وإخلاصه في الجهاد

- ‌أسباب الخلوص من الرياء

- ‌دعوة للرجوع إلى الله

- ‌الأسئلة

- ‌صحة أثر: [ما أمن النفاق إلا منافق]

- ‌علامات أولياء الله

- ‌حكم تعذيب النفس إذا فعلت معصية

- ‌العبد بين الخوف والرجاء

- ‌قبول التوبة من العبد وإن عاد للذنب

- ‌حكم صلاة ركعتين بعد التوبة

- ‌ما يؤخذ على كتاب إحياء علوم الدين والكتب التي تغني عنه

- ‌سبب ما ورد عن بعض السلف من السقوط والغشيان عند سماع القرآن

- ‌أسباب تفاوت العبادات

- ‌حكم محبة الثناء الحسن من الآخرين

- ‌خطورة من يأمر بالمعروف ولا يأتيه

- ‌حكم من بلغ ولم يصم

- ‌حكم ترك الضحك وهجر الملذات

- ‌ضوابط الهجر وشروطه

- ‌مراتب الخوف والكتب التي تتحدث عن ذلك

- ‌ما يعين على استحضار الخوف

الفصل: ‌حكم تعذيب النفس إذا فعلت معصية

‌حكم تعذيب النفس إذا فعلت معصية

‌السؤال

هناك بعض الزهاد إذا فعل معصية يضرب قدميه أو يحرق أصابعه، أو يعاقب نفسه بعقابٍ شديد، فما حكم هذا العمل؟ أليس من الإلقاء بالتهلكة؟ وجزاكم الله خيراً.

‌الجواب

يتهيب المجيب في مثل هذه المسألة؛ لأنها ذكرت عن عمر رضي الله عنه، ففي البداية والنهاية عن أنس قال:[[سمعت عمر يضرب نفسه بعصا من وراء حائط، وهو يقول: يا عمر! والله إن لم تتقِ الله ليعذبنَّك الله]] وعمر من الخلفاء الراشدين رضي الله عنه وأرضاه.

لكن المعلوم من النصوص كتاباً وسنة، أننا ما أمرنا بمعاقبة أنفسنا إذا فعلنا معصية، وإنما أمرنا أن نتوب إلى الله عز وجل، وأما الذين كانوا يعاقبون أنفسهم -وهي من الآصار والأغلال التي رفعها محمد صلى الله عليه وسلم عنا- فهم بنو إسرائيل.

اليهود كانوا يعذبون أنفسهم، ويقتلون أنفسهم؛ كما قال سبحانه وتعالى:{اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [النساء:66] فهي كفارة ذنوبهم وخطاياهم، أما نحن فأمرنا أن نتوب ونستغفر ونندم، وأن نعمل الحسنات التي تذهب السيئات، وأما أن نضرب أنفسنا فليس بوارد وليس بمسنون ولا مشروع، لا كتاباً ولا سنة.

وإرهاق النفس بهذا من أعمال أهل الرهبنة {وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا} [الحديد:27] ولذلك من خزعبلاتهم: أنه ذكر عن بعض النصارى أنه نظر إلى امرأة فاقتلع عينه التي نظر بها بإصبعه.

وهذا هو الخرافة والجهل في أمر الله عز وجل، وبعضهم فعل معصية فوقف في الشمس سنة، فهذه كلها من الضلالات التي أمرنا باجتنابها؛ لأنهم قومٌ ضالون عبدوا الله بلا علم، والواجب على المسلم أنه إذا أذنب أن يستغفر ويتوب ولا يضرب نفسه، ولا يظمئ، ولا يجوع، بل عليه أن يندم ويعمل صالحاً قال عز وجل:{إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} [هود:114] وقال تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران:135] وقال: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر:53] وفي مسند الإمام أحمد بسندٍ صحيح عن علي رضي الله عنه قال: كان الرجل من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم إذا حدثني بالحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم استحلفته، فإن حلف صدقته، وحدثني أبو بكر -وصدق أبو بكر - ما استحلف أبا بكر - قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: {ما من عبدٍ يذنب فيتوضأ ويصلي ركعتين ويستغفر الله من ذاك الذنب إلا غفر الله له ذاك الذنب} .

ص: 30