المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مراقبة الله في السر - دروس الشيخ عائض القرني - جـ ٣٠٨

[عائض القرني]

فهرس الكتاب

- ‌التوسل بالأعمال الصالحة (1)

- ‌فضل مجالس الذكر

- ‌نص حديث الثلاثة النفر

- ‌عرض إجمالي لقضايا الدرس

- ‌من سيرة الراوي عبد الله بن عمر

- ‌ابن عمر ورواية الحديث ورؤياه المنامية

- ‌أثر حديث: (كن في الدنيا كأنك غريب) في حياة ابن عمر

- ‌عبد الله بن عمر وابناه: سالم، وعاصم

- ‌استطراد مع أبي دلامة

- ‌بنو إسرائيل في القرآن والسنة

- ‌أسباب كثرة الحديث عن بني إسرائيل

- ‌موقفنا من الإسرائيليات

- ‌ضرورة الالتجاء إلى الله

- ‌الضوائق تلجئُ المرءَ إلى الله

- ‌الالتجاء ينفع مَن عرف الله في الرخاء

- ‌صدق اللجوء وحرارة الدعاء

- ‌أنواع التوسل وحكمها

- ‌التوسل بالأعمال الصالحة

- ‌التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌التوسل بذات الشيء

- ‌حديث الثلاثة الذين أطبقت عليهم الصخرة

- ‌بر الوالدين في حديث أصحاب الغار

- ‌مراقبة الله في السر

- ‌يوسف عليه السلام ومراقبته لله

- ‌الخوف والمراقبة عند مسلم بن يسار

- ‌تثمير الأجر

- ‌مسائل مستفادة من حديث الثلاثة

- ‌فضل بر الوالدين

- ‌فضل العفة ومخالفة الهوى

- ‌فضل السماحة وأداء الأمانة

- ‌من كرامات الأولياء

- ‌صورة من صور الابتداع في الدين والتعليق عليها

- ‌حكم الابتداع في الدين

- ‌ملاحظات على ما يفعله بعض الشباب

- ‌خطر انتقاص العلماء

- ‌حرمة المؤمن وحرمة الدين

- ‌دعوة إلى العلم وبيان فضله على العبادة

الفصل: ‌مراقبة الله في السر

‌مراقبة الله في السر

تقدم الثاني وقال: اللهم إنه كان لي ابنة عم

ذكر من حسنها وجمالها وأنه راودها عن نفسها فأبت وامتنعت بحفظ الله ورعايته، وهذا من علامات الصلاح، لكن تغيرت حالها وعضَّها الفقر، والفقر قد يودي ببعض العباد إلى الفاحشة والعياذ بالله، ولذلك كان يقول صلى الله عليه وسلم:{اللهم إني أعوذ بك من غنىً يطغي ومن فقرٍ ينسي} والغنى يطغي كثيراً من الناس، قال تعالى:{كَلَّا إِنَّ الْأِنْسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى} [العلق:6 - 7] بعض الناس إذا استغنى طغى وبغى حتى ما كأنه بالإنسان الذي كان يجلس على التراب ولا يجد كسرة الخبز، فقد صار لا ينظر إلى الناس ولا يرد السلام، ولا يصافح، وإذا جلس تكلم بكلام الجبابرة، كأنه من نسل فرعون وقارون وهامان؛ لأن عنده شيئاً من المال، والعقارات، والسيارات؛ فيطغى.

وبعض الناس تصل به درجة الفقر إلى أن ينسى الله عز وجل، وبعض الإلحاد في بعض الناس سَبَبُه الفقر، ولذلك تعوذ النبي بالله من الغنى المطغي ومن الفقر المنسي.

وبعض الناس يفهم أن معنى الاستقامة أن تكون فقيراً ممزق الثياب، ولا تجد كسرة خبز، هذا قد يوصل بعض الناس إلى الإلحاد، ومن ذلك: ابن الراوندي، خبيث معثَّر، من الفلاسفة المحسوبين على الإسلام، كان فقيراً لا يجد كسرة الخبز، يقولون: بحث عن كسرة خبز فأخذ يأكلها على نهر دجلة، فمر أحد الخدم معه من الأموال ما لا يعلمه إلا الله، فرأى الخادم معه الأموال من الإبل والخيول والبقر والعبيد فنظر إلى السماء وقال: هذه قسمة ضيزى، ثم أخذ الكسرة وضرب بها نهر دجلة وقال: أنا ابن الراوندي من أذكياء الدنيا، وهذا الخادم تعطيه ولا تعطيني! يقول الذهبي لما ترجم له: الكلب المعثَّر يعترض على رب العزة سبحانه وتعالى في قضائه بسبب الفقر.

والإلحاد مرض ينخر في جسمه، ولذلك دخل الإلحاد في الأمم الفقيرة، وماركس ولينين وهرتزل أهل الإلحاد ومؤسسو دول العناد والفجور والطاغوت أول ما أتوا إلى الأمم الفقيرة، دخلوا إلى الفقراء بالغنى مع الإلحاد، وكان مركبهم مركب الاقتصاد، وأفريقيا الآن بهذا الأسلوب، النصارى لا يبشرون -ينصرون- إلا بالمال، والأمم الشيوعية الكافرة لا يدخلون إلا بهذا، وقد دخلوا في أمم وشعوب تعرفونها أنتم بسبب الفقر، ولذلك فإن من دعاياتهم: هل تريد إيصال الغاز إلى بيتك؟ هل تريد مد الأنابيب للماء؟ هل تريد الراحة المريحة؟ هل تريد إدخال الثلاجة، والسخانة، والسيارة وكذا؟ لافتاتهم هكذا، ولما دخلوا إلى الشعوب امتصوا خيراتها.

فالشاهد: أن الكفار ركبوا مركب الاقتصاد، فلما انتهى دخلوا بمركب الحداثة، والحداثيون وما أدراك ما الحداثيون! يأتي أحدهم بطلاسم ويقول: نلغي كل قديم، ومعناه إلغاء الكتاب والسنة، وهذا له كلام طويل وقد سمعتم ما فيه الكفاية وقرأتم عنه كذلك.

قال: فلما عضتها السنة

أي: الفقر، أتى بمائة وعشرين ديناراً فوضعها بين يديها، فمكنته من نفسها، فلما تمكن ذكر موعود الله ولقاءه والعرض بين يديه.

ص: 23