المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌النبي صلى الله عليه وسلم يعرض الأمر على الصحابة - دروس الشيخ عائض القرني - جـ ٣٩٠

[عائض القرني]

فهرس الكتاب

- ‌واهتز العرش

- ‌إسلام سعد بن معاذ

- ‌سعد يريد قتل مصعب بن عمير

- ‌سعد ينطق بالشهادتين

- ‌سعد ينطلق داعية في أهله وعشيرته

- ‌موقف سعد بن معاذ في غزوة بدر

- ‌النبي صلى الله عليه وسلم يعده الله بإحدى الطائفتين

- ‌النبي صلى الله عليه وسلم يعرض الأمر على الصحابة

- ‌دور سعد بن معاذ في معركة الخندق

- ‌الهجوم على يهود بني قريظة

- ‌اليهود يطلبون حكم سعد بن معاذ

- ‌سعد بن معاذ يصدر حكمه في اليهود

- ‌النبي صلى الله عليه وسلم ينفذ حكم سعد

- ‌قصة وفاة سعد بن معاذ

- ‌بكاء النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة لموت سعد

- ‌العرش يهتز لموت سعد

- ‌ماذا أعد الله لسعد في الجنة

- ‌تشيع الملائكة لسعد بن معاذ

- ‌دروس وعظات من سيرة سعد

- ‌العمر المبارك ليس بكثرته

- ‌الصدق مع الله

- ‌التضحية بالنفس والنفيس

- ‌الأثر الذي تركه الرسول عليه الصلاة والسلام في أصحابه

- ‌فضل الله وجوده وكرمه على عباده الصالحين

- ‌تأثير الكلمة الطيبة ومكانتها في الإصلاح والصلاح

- ‌ليس للمسلم أن يوالي أعداء الله

- ‌إنزال الناس منازلهم

- ‌المقصد من الحياة

- ‌كرامات الأولياء

- ‌حكم البكاء على الميت

- ‌العيش عيش الآخرة

- ‌إجلال النبي صلى الله عليه وسلم وتعظيمه

- ‌اليهود هم أهل المكر والغدر والخديعة

الفصل: ‌النبي صلى الله عليه وسلم يعرض الأمر على الصحابة

‌النبي صلى الله عليه وسلم يعرض الأمر على الصحابة

حضر صلى الله عليه وسلم بدراً واستعرض الجيش، وقد أخبره الله ووعده إحدى الطائفتين، وإذا بالطائفة الثانية ذات الشوكة ألف من كفار مكة مدججين بالسلاح، وإذا هم بالوادي، مفاجأة كبرى، وكان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثمائة وبضعة عشر، لكن كلهم من أمثال سعد بن معاذ، الواحد منهم بألف، فقام صلى الله عليه وسلم يستشير الناس، يريد صلى الله عليه وسلم الأنصار، لأن المهاجرين مع الرسول صلى الله عليه وسلم وفي صفه، فقد هاجروا معه، وتركوا الأوطان والإخوان والخلان والجيران معه، فهم مضمونون وورقة رابحة، شيك مسدد مدفوع القيمة من قبل.

لكنه صلى الله عليه وسلم لا بد أن يعرض الرأي للجميع، قال: ما رأيكم أيها الناس - وهو القائد الأعظم الحكيم المعصوم يستشير الناس- ما رأيكم؟

فوقف المقداد بن عمرو رضي الله عنه وقال: يا رسول الله! صل حبل من شئت، واقطع حبل من شئت، وأعط من شئت، وامنع من شئت، وحارب من شئت، وسالم من شئت، والله! لا نقول لك كما قال بنو إسرائيل لموسى:{فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} [المائدة:24] لكن نقول لك: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون؛ فتهلل وجه النبي صلى الله عليه وسلم ودعا له.

فالتفت إلى الأنصار، ولا يتكلم في الأنصار إلا سعد الشاب، صاحب الثلاثين سنة، قال: يا رسول الله كأنك تريدنا؟ قال: نعم.

فوقف كالعلم، وكان وسيماً جميلاً، وفصيحاً مليحاً صبيحاً، إذا تكلم بهر العقول، قال: يا رسول الله لقد صدقناك وآمنا بك، وعلمنا أن ما جئت به حق، يا رسول الله! اذهب إلى ما أمرك الله به، والذي نفسي بيده لو استعرضت بنا البحر وخضته لخضناه معك ما تخلف منا رجل واحد، يا رسول الله! إنا لصبر في الحرب، صدق في اللقاء، وعسى الله أن يريك منا ما تقر به عينك.

فدعا له صلى الله عليه وسلم.

فقام وأشار بالعريش، لتبقى القيادة الربانية العليا محمد صلى الله عليه وسلم في العريش؛ ليتلقى أوامر الله عن طريق جبريل، ووقف سعد ينافح عن الإسلام في الصف الأول، وانتصر الدين، وانتصر الحق على الباطل، وارتفعت لا إله إلا الله، وقاتلت الملائكة مع المسلمين، واشتبكت السماء مع الأرض، واشتبك الحق مع الباطل، وانتهت المعركة بألف إلى صفر، صفر للطاغوت ولهبل والصنم والوثن والكفر والمكر، وانتصر محمد صلى الله عليه وسلم وجبريل والحق والإيمان والإسلام، وعاد صلى الله عليه وسلم إلى المدينة.

فلما وصل صلى الله عليه وسلم أتت الليالي ولا يزداد هذا الإمام - سعد بن معاذ - إلا رسوخاً في الإيمان، وقوة تصديق؛ لأن المسلم يزداد يوماً بعد يوم في الخير.

يقول أحد تلاميذ الإمام أحمد: صحبت أبا عبد الله أحمد بن حنبل فكان يزداد مع الأيام خيراً.

والواجب أن يكون غدك خيراً من أمسك، قال ابن تيمية: والعبرة بكمال النهايات لا بنقص البدايات.

أنت اليوم إذا كنت عاقلاً بصيراً لست اليوم مثلما تكون بعد سنة؛ لأنك تسمع العلم وتقرأ الكتب، فالواجب أن تكون أحسن.

ص: 8