المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌عظم حكمة الله تعالى في توزيع الأرزاق على الخلق - دروس الشيخ عبد الحي يوسف - جـ ١٨

[عبد الحي يوسف]

فهرس الكتاب

- ‌تفسير من سورة الأعلى إلى سورة البلد

- ‌تفسير سورة الأعلى

- ‌فضل سورة الأعلى

- ‌معنى قوله سبحانه: سبح اسم ربك الأعلى

- ‌لماذا نسبح الله تعالى

- ‌إثبات النسخ في الأحكام

- ‌إحاطة علمه سبحانه بالسر والعلانية

- ‌مكانة الذكرى في قلوب المتقين

- ‌شقاء من آثر الدنيا على الآخرة

- ‌الأمثال والعبر هي فحوى صحف إبراهيم وموسى

- ‌تفسير سورة الغاشية

- ‌غشيان الأهوال للناس يوم القيامة

- ‌حال الكفار في أرض المحشر

- ‌حال الكفار في الدنيا

- ‌شراب الكفار في النار وطعامهم

- ‌حال أهل الجنة في نعيمهم

- ‌من أوصاف الجنة

- ‌آية الله في خلق الإبل والسماء والجبال والأرض

- ‌نسخ قوله تعالى: (لست عليهم بمصيطر) بأمر الله لرسوله بإبلاغ هذا الدين ولو بالقتال

- ‌تفسير سورة الفجر

- ‌المقسم به في سورة الفجر

- ‌الأمم المقسم عليها في سورة الفجر

- ‌عقاب الله للمخالفين من الشعوب والأفراد

- ‌عظم حكمة الله تعالى في توزيع الأرزاق على الخلق

- ‌التغليظ في حرمة أكل الأموال بالباطل عموماً ومال اليتيم خصوصاً

- ‌حديث سورة الفجر عن يوم القيامة

- ‌بشارة المؤمن بالرضوان عند خروج روحه من جسده

- ‌تفسير سورة البلد

- ‌إقسام الله بمكة

- ‌إباحة الله مكة لنبيه عام الفتح

- ‌الإنسان في مكابدة مستمرة

- ‌نعم الله على الإنسان

- ‌سبل اقتحام العقبة

- ‌مآل أصحاب المشأمة في الآخرة

الفصل: ‌عظم حكمة الله تعالى في توزيع الأرزاق على الخلق

‌عظم حكمة الله تعالى في توزيع الأرزاق على الخلق

ثم بين ربنا جل جلاله أن أكثر الخلق خاطئون؛ إذ أن كثيراً من الناس إذا كان غنياً موسراً يظن أن هذا المال جاءه لأنه كريم على الله، وكثير من الناس يظن إذا كان فقيراً معدماً بأن هذه الفاقة قد أصابته لأنه هين على الله، كما حكى القرآن قول ذلك الكافر الذي قال لأخيه:{أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا} [الكهف:34]، ثم قال له:{وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنقَلَبًا} [الكهف:36]، ويقول الله عز وجل في وصف هذا الإنسان:{وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى} [فصلت:50] هذا حال كثير من الناس.

يقول الله سبحانه: {فَأَمَّا الإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ * وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ} [الفجر:15 - 16]، ((فَأَمَّا الإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ)) اختبره، ((فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ)) ((وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاهُ)) اختبره فقدر عليه، أي: ضيق رزقه: ((فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ)).

يقول العلامة الطاهر بن عاشور رحمه الله: وهؤلاء الذين يظنون أنهم قد حرموا الرزق لكونهم هينين على الله ليسوا بأحق عند الله ممن ظنوا أنهم نالوا المال لكرامتهم عند الله، وقد قال الله سبحانه:{أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ * نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لا يَشْعُرُونَ} [المؤمنون:55 - 56]، فالله عز وجل يعطي الدنيا لمن أحب ومن لا يحب، وقد كان الوليد بن المغيرة، وأمية بن خلف، وأبو جهل، وأمثالهم من أغنى أغنياء البشر، ومع ذلك فهم في أسفل سافلين.

يقول العلامة ابن عاشور رحمه الله: وهذا الذي خفيت حكمته على كثير من أهل الشرك والزندقة حتى قال قائلهم: كم من عاقل عاقل أعيت مذاهبه وجاهل جاهل تراه مرزوقاً كم من عاقل عاقل أعيت مذاهبه: يعني: ما استطاع أن يتحصل على المال، وجاهل جاهل تراه مرزوقاً.

هذا الذي ترك الأفهام حائرة وصير العالم النحرير زنديقاً فهو يعترض على الله عز وجل ويقول: كيف يكون العالم فقيراً، والجاهل غنياً ميسوراً؟ لكن الله عز وجل بين أن ذلك لا يرجع لمسألة كرامة أو إهانة، وإنما هو ابتلاء واختبار.

ص: 24