الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إقسام الله بمكة
وقد افتتح الله هذه السورة المباركة بقوله: {لا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ} [البلد:1] والبلد: هو مكة بإجماع المفسرين، وقد أقسم ربنا جل جلاله بمكة في قوله سبحانه:{وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ * وَطُورِ سِينِينَ * وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ} [التين:1 - 3]، وهنا يقول:{لا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ} [البلد:1]، قال أهل التفسير:(لا) هاهنا مزيدة صلة على عادة العرب في كلامهم، وقد تكرر هذا في القرآن كثيراً، كقول الله عز وجل مخاطباً إبليس:{مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ} [الأعراف:12] والمعنى: ما منعك أن تسجد، وقول موسى لهارون:{قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا * أَلَّا تَتَّبِعَنِ} [طه:92 - 93] أي: أن تتبعني، وقول الله عز وجل:{لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} [الحديد:29] أي: ليعلم أهل الكتاب، وقد تكرر هذا المعنى في القرآن كثيراً حيث يؤتى بلا زائدة، ومنه أيضاً قول القائل: ما كان يرضى رسول الله دينهم والأطيبان أبو بكر ولا عمر أي: أبو بكر وعمر، وقول الله عز وجل:{وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ} [فصلت:34] أي: ولا تستوي الحسنة والسيئة.
وبعض أهل التفسير قال: أصل الكلام: (لأقسم بيوم القيامة) وأشبعت الفتحة حتى صارت ألفاً، كما قال بعض العرب: وتضحك مني شيخة عبشمية كأن لم ترا قبلي أسيراً يمانياً والمعنى: كأن لم ترَ قبلي أسيراً يمانياً، لكن قال: كأن لم ترا.
والآخر يقول: ألم يأتيك والأنباء تنمي بما لاقت لبون بني زيادِ فيجعل ألم يأتك ألم يأتيك وأشبع الكسرة، فالله عز وجل قال:{لا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ} [البلد:1] البلد: مكة، والمعنى أقسم بهذا البلد.