الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تفسير قوله تعالى: (إنا أنزلناه في ليلة القدر)
قال الله تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر:1].
(إنا) هذا ضمير التعظيم، فالله عز وجل يعظم ذاته العلية، وتكرر هذا في القرآن كثيراً، كقوله سبحانه:{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر:9]، وقوله تعالى:{إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ} [النساء:105]، وقوله تعالى:{إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} [الكوثر:1]، {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ} [ق:43]، وقوله تعالى:{إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر:49]، ونحو ذلك من الآيات.
وفي بعض الآيات الله عز وجل يتحدث عن نفسه بضمير الإفراد، كما في قوله سبحانه:{وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً} [البقرة:30]، فالله سبحانه يعظم نفسه متى شاء، فهو العظيم وهو الكبير وهو المتعالي سبحانه وتعالى.
قوله تعالى: ((إنا أنزلناه)) الضمير في قوله سبحانه: (أنزلناه) بإجماع المفسرين يرجع إلى القرآن، أي: أنزلنا القرآن، قال العلامة الطاهر بن عاشور رحمه الله: وفي الإتيان بالضمير بدلاً من الاسم الظاهر إيماء إلى أنه مستقر في أذهان المسلمين؛ لشدة اشتغالهم به وشغفهم بقراءته.
يعني لم يقل الله عز وجل: إنا أنزلنا القرآن في ليلة القدر، وإنما قال:((إِنَّا أَنزَلْنَاهُ)) اكتفى بذكر الضمير، فقوله:((إنا أنزلناه)) هذه الجملة إشارة إلى أنه من الله سبحانه، أنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وكان المشركون يقولون:{إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ} [النحل:103] وذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يجلس إلى غلام نصراني اسمه جبر، أو اسمه يسار، وكان قيناً أي: حداداً يصنع السيوف، فقال المشركون: إن قرآن محمد يتعلمه من هذا الغلام النصراني، فقال الله عز وجل:{لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ} [النحل:103] أي: هذا النصراني أعجمي وهذا القرآن عربي مبين، وكما في الآية الأخرى قال الله عز وجل:{وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [الشعراء:192 - 195].