الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لطافة أجسام الملائكة من هذه الحيثية، باعتبار أنه يستطيع أن يصل ويقطع هذه المسافة في لحظة، لطافة هذه الأجسام النورانية باعتبار أنها قادرة على التشكل بأشكال مختلفة، فجبريل يأتي النبي عليه الصلاة والسلام أحياناً على صورة رجل كما في الحديث الذي ذكرناه آنفاً، ((أحياناً يتمثل لي الملك رجلاً)) وكثيراً ما يأتي على صورة دحية الكلبي، يتشكل على صورة رجل، وأحياناً .. ، وقد رآه مرتين على هيئته وخلقته ستمائة جناح، ستمائة جناح قد سد الأفق، بل قالوا: إن واحداً من هذه الأجنحة سد الأفق، هذه لا شك أنها أمور مهولة تدل على عظمة الخالق وقدرته، ثم بعد ذلك البحث الذي يذكر في كتب الشروح أن القدر الزائد ما بين الخلقة الأصلية ستمائة جناح سد الأفق، وما بين مجيئه على هيئة رجل أو في صورة رجل أين يذهب هذا الزائد؟ هذا البحث لا شك أنه عقيم، إيش معنى عقيم؟ لا يترتب عليه نفع لا في الدنيا ولا في الآخرة، والاسترسال فيه ضرب من العبث، وإلا أطال الشراح في هذا الزائد إلى أي شيء يصير؟
مسكن الملائكة:
مسكن الملائكة السماوات، وينزلون في مناسبات، وينزلون أيضاً لأمور وكلت إليهم، ينزلون ليلة القدر {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا} [(4) سورة القدر] وينزلون للقتال مع المسلمين، كما حصل في بدر، والله -جل وعلا- يكلفهم بما يشاء، وجبريل ينزل على الرسل بالوحي وإلا فالأصل أن المسكن السماوات.
الملائكة: هم عباد الله المكرمون، والسفرة بينه تعالى وبين رسله -عليهم الصلاة والسلام-، وهم كرام خلقاً وخُلقاً، وهم بررة، طهرهم الله وقدسهم ذاتاً وصفةً وأفعالاً، هم مطيعون لله -جل وعلا-، خلقهم الله -جل وعلا- من النور، خلقهم من نور، كما في الحديث الصحيح:((خلق الملائكة من نور، وخلق الجن من النار، وخلق البشر مما علمتم))، أو ما عرفتم، يعني من طين.
ليسوا بناتاً لله عز وجل كما يقوله المشركون، ولا أولاداً، ولا شركاء، ولا أنداد، تعالى الله عما يقول الظالمون والجاحدون والملحدون علواً كبيراً.
قال الله -جل وعلا-: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ * لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ} [(26 - 27) سورة الأنبياء] وقال -جل وعلا-: {وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ} [(19) سورة الزخرف] ستكتب شهادتهم ويسألون عن هذه الشهادة، وفي حكمهم من يتكلم بالأمور الغيبية من غير علم، هذه شهادة، وقول بغير علم، سيسأل عن هذه الكتابة، وقال -جل وعلا-:{لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ* يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ} [(19 - 20) سورة الأنبياء].
خلقهم متفاوت فمنهم من تقدم ذكره جبريل عليه السلام له ستمائة جناح، كما صحت بذلك السنة عن النبي عليه الصلاة والسلام، وقد رآه على هذه الصورة مرتين، مرة في الأبطح بمكة، ومرة ليلة المعراج، ومنهم من له جناحان، ومنهم من له ثلاثة، ومنهم من له أربعة، كما جاء في صدر سورة فاطر:{الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاء} [(1) سورة فاطر] الملائكة لا يعلم عددهم إلا الله -جل وعلا-: {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ} [(31) سورة المدثر] لكن منهم من جاءت تسميته، ومنهم من جاء ذكر عمله الموكل إليه، ومنهم من بقي على الغيب، إنما أخبرنا عنه إجمالاً، فنؤمن به إجمالاً، وما أخبرنا عنه تفصيلاً يجب علينا أن نؤمن به تفصيلاً، كما جاء في نظائره من الرسل والكتب، ذكر لنا بعض الرسل وحجب عنا بعضهم، نؤمن تفصيلاً بما ذكر لنا تفصيلاً، وإجمالاً بما ذكر لنا إجمالاً.
منهم الموكل بالوحي من الله -جل وعلا- إلى رسله -عليهم الصلاة والسلام-، وهو الروح الأمين، جبريل عليه السلام، كما في قوله -جل وعلا-:{نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ* عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ* بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ} [(193 - 195) سورة الشعراء]{قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ} [(102) سورة النحل]، ومنهم الموكل بالقطر وتصاريفه، يعني بالمطر وتصاريفه إلى حيث أمره الله عز وجل، وهو ميكائيل عليه السلام، وله مكانة علية، ومنزلة رفيعة، وله أعوان يفعلون ما يأمرهم به بأمر ربه، ويصرفون الرياح والسحاب كما يشاء الله عز وجل، وقد جاء في بعض الآثار:"ما من قطرة تنزل من السماء إلا ومعها ملك يقررها في موضعها من الأرض" وجاء في الحديث: ((اسق حديقة فلان)) وسمع هذا الكلام ((اسق حديقة فلان)) والبشر لا حول لهم ولا طول ولا قوة ولا قدرة على إنزال المطر، إنما القادر عليه الرب -جل وعلا-، عنده الخزائن، وكونهم يتطاولون عبثاً على الاستمطار، وما يزعمونه من أنهم يستطيعون أن يصنعوا شيئاً من ذلك، هذا كله من محادة الله ومعارضته {أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاء الَّذِي تَشْرَبُونَ* أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ} [(68 - 69) سورة الواقعة] لا ينزل المطر إلا الله -جل وعلا-.
جاء في بعض الآثار: "ما من قطرة تنزل من السماء إلا ومعها ملك يقررها في موضعها من الأرض" وجاء أيضاً أن ميكائيل يكيل المطر كما جاء {وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَاّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ} [(21) سورة الحجر] إلا بقدر معلوم، والمطر آية من آيات الله وجوداً وعدماً، وجوداً وعدماً، فوجوده بقدر الحاجة هو الغيث الذي تحيا بسببه البلاد والعباد، ووجود قدر زائد هو الفيضانات المدمرة، على ما يحتاجه البشر، وقلته عن قدرة حاجتهم الموت المحقق {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} [(30) سورة الأنبياء] بعض الناس لا يعرف قدر هذه النعمة، وإذا أعلن عن صلاة الاستسقاء استخف بها، وهون من شأنها، ويرى أن الناس ليسوا بحاجة إلى مطر، الآن البحار المالحة ببعض التعديلات يسوغ شربها واستعمالها -والحمد لله- لسنا بحاجة، كيف لست بحاجة؟ المطر شأنه عظيم، به حياة كل شيء، فلا شك أن قلة الأمطار تتسبب في نضوب المياه وغورها، وقد جاء في آخر سورة تبارك:{قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَن يَأْتِيكُم بِمَاء مَّعِينٍ} [(30) سورة الملك] هل يستطيع أحد يقول: نستمطر؟ يمكن؟ لا يمكن، والذي قال في القديم:{فَمَن يَأْتِيكُم بِمَاء مَّعِينٍ} قال: تأتي به الفؤوس والمعاول من باب المعارضة والمحادة هذا غارت عيناه يبستا، نسأل الله السلامة والعافية.
منهم من الملائكة الموكل بالصور، وهو إسرافيل عليه السلام، ينفخ فيه ثلاث نفخات أو نفختين على خلاف بين أهل العلم؛ لأن هناك نفخة يقال لها: نفخة الفزع {وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ} [(87) سورة النمل] ونفخة الصعق: {فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ .... ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُم قِيَامٌ يَنظُرُونَ} [(68) سورة الزمر] فهل هي ثلاث نفخات أو نفختان؟ خلاف بين أهل العلم، وما ذكرناه من الآيات يدل على أن هناك نفخة للفزع ونفخة للصعق ونفخة للقيامة، من يقول: هما نفختان فقط، نفختان فقط يقول: إن نفخة الفزع هي في بداية .. ، الفزع في بداية النفخة والصعق في نهايتها؛ لأنها تطول مدة النفخ، فيفزعون في أول الأمر ثم يصعقون، فهي نفخة واحدة، ومنهم من يقول: هما نفختان، وأما النفخة الثالثة أو الثانية لا خلاف فيها {فَإِذَا هُم قِيَامٌ يَنظُرُونَ} [(68) سورة الزمر] لا شك أن هذه النفخة توجد فزع عظيم، ولا شك أنها تنبئ عن نتائج خطيرة، فطوبى لمن عمل خيراً، وضده لمن عمل بضده {فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ} [(8) سورة المدثر] النفخ، {فَذَلِكَ
…
} [(9) سورة المدثر]{عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ} [(10) سورة المدثر] نعوذ بالله، نمر بهذه الآية ولا تحرك بنا ساكناً، ويذكر عن زرارة بن أوفى التابعي الجليل أنه سمع القارئ يقرأ هذه الآية فمات رحمه الله في صلاة الصبح، يذكر في ترجمته، وإن كان بعضهم يشكك في مثل هذه التصرفات؛ لأنه لا يجد تجاه هذه النصوص أدنى إحساس، وجد التشكيك في مثل هذا من القدم، ابن سيرين يقول: هذا الغشي وهذا الصعق الذي حصل من بعض الناس أو نسب إلى بعض الناس هذا ليس بصحيح، ذكر الحافظ الذهبي في السير قال ابن سيرين: يجعل هذا الشخص على جدار ويقرأ القرآن إن سقط فهو صادق، أما كونه يصعق أو يفزع وهو في الأرض هذا ما فيه إشكال قد يكون يمثل، لكن إن سقط من الحائط فهو صادق، كل هذا كأنه لا يرى مثل هذه التصرفات، ويستدل على ذلك بأن هذا لم يحصل من النبي عليه الصلاة والسلام، وهو أعلم الناس وأخشى الناس وأتقاهم لله، لو كان تأثير
القرآن إلى هذا الحد لكان تأثر النبي عليه الصلاة والسلام به أعظم من غيره، وكذلك ما عرف عن الصحابة أنه وصل بهم الأمر إلى هذا الحد، أنهم يصيبهم الغشي، يصيبهم الصعق يموتون، هذا وجد في عصر التابعين، وجد في عصر التابعين، وشيخ الإسلام رحمه الله لا يرى مانع من وقوع مثل هذه الأمور، وأن الإنسان قد يصل به إلى استشعار عظمة الله وعظمة كلامه إلى هذا الحد، ويقول: إن قلب النبي عليه الصلاة والسلام من القوة بحيث يحتمل الكلام الثقيل الذي ألقي إليه، فلا يحصل له اختلال، مع أنه عليه الصلاة والسلام حال التنزيل إذا أوحي إليه يحصل له شيء من ذلك، يحصل له شيء من ذلك، لكن إذا قرأه أو قرئ عليه يتأثر ويبكي كما في حديث ابن مسعود لما قرأ على النبي عليه الصلاة والسلام والتفت فإذا عيناه تذرفان، يبكي، وإذا قرأ صار لصدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء، لكن ما يصل إلى حد الغشي أو حد الصعق والموت، ولا وجد في عصر الصحابة -رضوان الله عليهم- لأن قلوبهم تتحمل مثل هذا، فيها قوة، ثم بعد ذلك جاء من بعدهم واستشعروا عظمة النازل، وأنه كلام الله، لكن القلوب ضعفت عن التحمل، ليست بالقوة بمثابة قوة قلب النبي عليه الصلاة والسلام وصحابته الكرام، فما حصل التوازن، ضعفت القلوب مع استشعار قوة النازل فحصل، ثم خلف خلوف لا يستشعرون قوة ولا يستشعرون عظمة، والقرآن يقرأ عليهم كأنما يقرأ عليهم كلام البشر، يعني لا فرق بين أن يقرأ الإنسان في جريدة أو في المصحف، يعني وصل بنا الحد إلى هذا، وزرارة بن أوفى لما قرئ عليه القرآن {فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ} [(8) سورة المدثر] الآية لا شك أنها عظيمة.
يقول بعض الإخوان -إحنا نذكر هذه القصة- يقول: هل هو يسمع الآية أول مرة؟ لماذا لم يحصل له قبل هذه المرة؟ يعني ما قرأ القرآن قبل هذه المرة أو ما سمع قبل هذه المرة؟ نقول: الكلام صحيح على قول من يقول: إن الإيمان لا يزيد ولا ينقص، لكن الإيمان يزيد في بعض الحالات وينقص أحياناً، وهذا أمر ظاهر ومقرر عند أهل السنة والجماعة، فوافق في هذه اللحظة زيادة في إيمانه فاستشعر عظمة النازل، وحصل له ما حصل، وتأثر الإنسان يختلف من وقت إلى آخر، وهذا يجده كل إنسان من نفسه.
قال: وقال العلماء: ومنهم الموكل بالصور وهو إسرافيل عليه السلام ينفخ فيه ثلاث نفخات الأولى نفخة الفزع، والثانية نفخة الصعق، والثالثة نفخة القيام لرب العالمين، يعني على خلاف بينهم في هذه النفخات هل هي ثلاث أم اثنتان؟ وهؤلاء الثلاثة هم الذين يذكرهم النبي عليه الصلاة والسلام في افتتاحه صلاة الليل، ((اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك)) هؤلاء الثلاثة رب جبريل وميكائيل وإسرافيل.
منهم -من الملائكة- الموكل بقبض الأرواح، الموكل بقبض الأرواح، وهو ملك الموت وأعوانه، وقد جاء في بعض الآثار تسمية ملك الموت عزرائيل، وأشار الحافظ ابن كثير رحمه الله في البداية والنهاية أن هذه التسمية لم ترد في القرآن، ولا في الأحاديث الصحيحة، لكن جاءت في بعض الآثار أن اسمه عزرائيل، يقول الله -جل وعلا-:{قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ} [(11) سورة السجدة]، وقال -جل وعلا-:{حَتَّىَ إِذَا جَاء أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ} [(61) سورة الأنعام]{وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُواْ الْمَلآئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ} [(50) سورة الأنفال]، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال ملك الموت الإيمان به لا شك أنه متعين كالإيمان بالثلاثة الذين جاءت تسميتهم جبريل وميكائيل وإسرافيل، وكذلك من ذكر بوصفه، أو ذكر بعمله الذي وكل إليه.
من الملائكة من وكل إليه حفظ العبد في حله وارتحاله، وفي نومه، وفي يقظته، وفي كل حالاته، وهم المعقبات {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ} [(11) سورة الرعد]{وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً} [(61) سورة الأنعام] فإذا جاء قدر الله خلوا عنه، كما قال ابن عباس.
ومنهم الموكل بحفظ أعمال العباد من خير وشر، وهم الكرام الكاتبون، كما قال -جل وعلا-:{أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ} [(80) سورة الزخرف] وقال -جل وعلا-: {إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ* مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [(17 – 18) سورة ق] فالذي عن يمينه يكتب الحسنات، والذي عن شماله يكتب السيئات، وذكر بعض العلماء أخذاً من الآية أن اسمهما: رقيب وعتيد {مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} اسمهما: رقيب وعتيد، استدلالاً بالآية المذكورة، والصواب أنهما وصفان لا اسمان، ومعناهما: أنهما حاضران شاهدان لا يغيبان عن العبد.
ومنهم الموكل بفتنة القبر الذي صحت به السنة النبوية عن النبي عليه الصلاة والسلام، وجاءت تسميتهما بمنكر ونكير، واستفاض ذكرهما في سؤال القبر، لكن التسمية لا يثبتها كثير من أهل العلم.
ومنهم -من الملائكة- خزنة الجنة، وفي مقدمتهم رضوان عليه السلام، يقول الحافظ ابن كثير في البداية: ومنهم خازن الجنة يقال له: رضوان، جاء مصرحاً به في بعض الأحاديث، ومنهم خزنة جهنم -عياذاً بالله -جل وعلا- منها- وهم الزبانية، قال العلماء: ورؤوسهم تسعة عشر، ومقدمهم مالك، كما في قوله -جل وعلا-:{وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُم مَّاكِثُونَ} [(77) سورة الزخرف].