المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌معنى: (أن الله طيب): - دروس الشيخ عبد الكريم الخضير - جـ ٦

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌معنى: (أن الله طيب):

وقد عني بها أهل العلم فلا يحصى كم من شرح هذه الأربعين بدءاً من مؤلفها إلى يومنا هذا وهي تشرح، منها هذه الأحاديث التي أودعها النووي في كتابه حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:((إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً، وقد أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال -جل وعلا-: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا} [(51) سورة المؤمنون] وقال -جل وعلا-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} [(172) سورة البقرة] ثم ذكر الرجل يطيل السفر، أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء، يا رب، يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب له؟! )) هذا الحديث مخرج في صحيح مسلم، وجامع أبي عيسى الترمذي، ومسند أحمد وغيرها من دواوين الإسلام، فهو معروف لا إشكال في صحته، ولم يخرجه البخاري -رحمه الله تعالى-؛ لأنه ليس على شرطه؛ فراويه فضيل بن مرزوق ليس من شرط البخاري، وهو غير ابن مرزوق الذي نص عليه الحافظ العراقي في ألفيته، ذاك عمرو بن مرزوق، لأنه يقول:

وفي البخاري احتجاجاً عكرمة

مع ابن مرزوق وغير ترجمة

فالفضيل بن مرزوق هذا ليس من شرط البخاري، ولذا لم يخرجه في صحيحه، وهو صحيح، لا كلام لأحد فيه.

‌معنى: (أن الله طيب):

ص: 2

((إن الله طيب)) إذا وجدنا مثل هذه الصيغة في كتب السنة، مثلاً في صحيح مسلم ((إن الله طيب)) هل لنا أن نقول: إن الله تعالى طيب؟ أو إن الله عز وجل طيب؟ أو إن الله -جل وعلا- طيب؟ أم نقول: هذه زيادة لا توجد في الأصل؟ كما أننا إذا سمعنا ذكره عليه الصلاة والسلام نصلي عليه، أو نلتزم بما في الأصل؟ وقل مثل هذا في الصحابي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذا في الأصل، فهل لنا أن نقول: رضي الله عنه؟ نعم، هذه الأمور ليس مبناها على الرواية، وهي بين دعاء وثناء لا يتقيد فيها بالرواية، فتصلي على النبي عليه الصلاة والسلام ولو لم توجد الصلاة في الأصل، وتصف الله بما يليق به ولو لم يوجد في الأصل؛ لأن هذه إما دعاء وإما ثناء، لا مدخل للرواية فيه، وهذا فيما إذا كان الكلام في غير ما تعبد بلفظه، أما ما تعبد بلفظه فليس لك أن تزيد، ما تعبد بلفظه ليس لك أن تزيد فيه، ولو كان ذلك على سبيل الدعاء أو الثناء.

((إن الله تعالى طيب)) (طيب) يطلق ويراد به ما تستلذه النفوس، {فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء} [(3) سورة النساء]، ويطلق ويراد به الحلال {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ} [(157) سورة الأعراف]، يطلق ويراد به الطاهر {فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا} [(43) سورة النساء]((إن الله طيب)) على أي الإطلاقات يحمل؟ على الأخير، طاهر، المقدس، المنزه، القدوس.

ص: 3