المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بسم الله الرحمن الرحيم   ‌ ‌المقدمة الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على - أبناؤنا والصلاة

[عبد الملك بن قاسم]

الفصل: بسم الله الرحمن الرحيم   ‌ ‌المقدمة الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على

بسم الله الرحمن الرحيم

‌المقدمة

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبيِّنا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين .. وبعد:

فإنَّ الأولاد هم زهرة الحياة الدنيا، وفي صلاحهم قرَّة عين للوالدين، وإنَّ من المؤسف خلوُّ مساجدنا من أبناء المسلمين، فقلَّ أن تجد بين المصلين من هم في ريعان الشباب! .. وهذا والله يُنذر بشرٍّ مستطير، وفسادٍ في التربية، وضعف لأمَّة الإسلام إذا شبَّ هؤلاء المتخلِّفون عن الطوق! .. فإذا لم يُصلُّوا اليوم فمتى إذًا يقيموا الصلاة مع جماعة المسلمين؟ !

ولما كان الإثم الأكبر والمسئولية العظمى على الوالدين فإني أُذكِّر نفسي وأرباب الأسر ممن حُمِّلوا الأمانة بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: «كلكم راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله ومسئول عن رعيته

» [متفق عليه].

والله عز وجل يقول في محكم التنزيل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم: 6].

ويقول تعالى: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى} [طه: 132].

وفي حديثٍ صريحٍ واضحٍ من نبي هذه الأمَّة للآباء والأمهات:

ص: 5

«مرُوا أبناءكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين» [رواه أحمد].

وفي هذا التوجيه النبويِّ الكريم من حُسن التدرُّج واللطف بالصغير الشيء الكثير؛ فهو يُدعى إلى الصلاة وهو ابن سبع سنين، ولا يُضرب عليها إلَاّ عند العاشرة من عمره، ويكون خلال فترة الثلاث سنوات هذه قد نُودي إلى الصلاة وحُبِّبت إليه أكثر من خمسة آلاف مرة! .. فمن واظب عليها خلال ثلاث سنوات بشكلٍ متواصلٍ متتالٍ هل يحتاج بعد خمسة آلاف صلاة أن يُضرب؟

قلَّ أن تجد من الآباء من يُطبِّق هذا الحديث واحتاج إلى الضرب بعد العاشرة؛ فإنَّ مجموع الصلوات كبير، واعتياد الصغير للصلاة وللمسجد جرى في دمه وأصبح جزءًا من جدوله ومن أعظم أعماله!

وكثيرون اليوم يضربون الأبناء لكن على أمورٍ تافهة وصغيرة لا ترقى إلى درجة وأهمية الصلاة .. ومن تأمَّل في حال صلاة الفجر ومن يحضرها من الأولاد حزن على أمَّة الإسلام! .. خاصةً وقد ندر أن تجد في المساجد هؤلاء الفتية الذين كان لأمثالهم شأن في صدر الأمة!

فأين الآباء وأين الأمهات من إيقاظ أبنائهم وحرصهم على ذلك؟ !

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: بتُّ عند خالتي ميمونة، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما أمسى فقال:«أصلَّى الغلام؟ »

ص: 6

قالوا: نعم [رواه أبو داود].

وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "يُعلَّم الصبي الصلاة إذا عرف يمينه عن شماله".

وكان السلف الصالح يُلاحظون أبناءهم في الصلاة ويسألونهم عنها .. عن مجاهد قال: سمعت رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا أعلمه إلا ممن شهد بدرًا -قال لابنه: أدركت الصلاة معنا؟ أدركت التكبيرة الأولى؟

قال: لا، قال: لما فاتك منها خيرٌ من مائة ناقة كلّها سود العين.

وذكر الذهبي في السير: عن يعقوب عن أبيه، أنَّ عبد العزيز بن مروان بعث ابنه عمر إلى المدينة يتأدَّب بها، وكتب إلى صالح بن كيسان يتعاهده، وكان يلزمه الصلوات، فأبطأ يومًا عن الصلاة، فقال: ما حبسك؟

قال: كانت مُرجِّلتي تُسكن شعري.

فقال: بلغ من تسكين شعرك أن تُؤثِره على الصلاة، وكتب بذلك إلى والده، فبعث عبد العزيز رسولاً إليه، فما كلَّمه حتى حلق شعره.

ومن أعظم ما يسديه الأب الموفَّق لابنه اصطحابه للصلاة معه وجعله بجواره ليتعلَّم منه وليحافظ عليه من كثرة اللغط والعبث.

أيها الأب وأيتها الأم ..

لا يخرج من تحت أيديكم غدًا من لا يُصلِّي فتأثمان بإخراجه إلى

ص: 7