المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حديث (إذا أيقظ أهله من الليل فصليا ركعتين) - دروس الشيخ محمد إسماعيل المقدم - جـ ١٣

[محمد إسماعيل المقدم]

فهرس الكتاب

- ‌فضائل الأذكار

- ‌الأحاديث الواردة في فضل الذكر

- ‌حديث: (ما جلس قوم يذكرون الله إلا ناداهم منادٍ من السماء)

- ‌حديث (سبق المفردون)

- ‌حديث (إذا أيقظ أهله من الليل فصليا ركعتين)

- ‌حديث (ثلاثة لا يرد دعاؤهم)

- ‌حديث: (ألا أخبركم بخير أعمالكم)

- ‌حديث (مثل البيت الذي يذكر الله فيه)

- ‌حديث: (إن الله أمر يحيى بن زكريا)

- ‌حديث: (أنا مع عبدي ما ذكرني وتحركت بي شفتاه)

- ‌حديث: (طوبى لمن طال عمره وحسن عمله)

- ‌حديث: (لا يزال لسانك رطباً بذكر الله)

- ‌حديث: (من قعد مقعداً لم يذكر الله فيه كانت عليه من الله ترة)

- ‌حديث الثلاثة الذين أسلموا فكان آخرهم موتاً أكثرهم أجراً

- ‌فضائل حِلق الذكر

- ‌حث الشارع على حضور مجالس الذكر وهجر مجالس اللغو

- ‌قوله تعالى: (والذين لا يشهدون الزور)

- ‌قوله تعالى: (ولا تكونوا كالذين نسوا الله)

- ‌قوله تعالى: (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً)

- ‌آداب ذكر الله تعالى

- ‌طهارة مكان الذكر

- ‌كمال طهارة الذاكر

- ‌استقبال القبلة

- ‌من آداب الذكر التدبر والتعقل

- ‌تنبيهات ونصائح تتعلق بذكر الله تعالى

- ‌الإخلاص لله تعالى

- ‌الجهر والإسرار بالذكر حسب الأحوال

- ‌الحرص على قراءة الأذكار مجودة

- ‌مراعاة العدد في الذكر المقيد بالعدد

- ‌جواز قضاء الأذكار إذا فاتت

الفصل: ‌حديث (إذا أيقظ أهله من الليل فصليا ركعتين)

‌حديث (إذا أيقظ أهله من الليل فصليا ركعتين)

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا أيقظ الرجل أهله من الليل فصليا أو صلى ركعتين جميعاً كتبا في الذاكرين الله كثيراً والذاكرات).

واختلف العلماء فيمن يستحق هذا الوصف، فقال الإمام أبو الحسن الواحدي: حكي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قوله: المراد: يذكرون الله في أدبار الصلوات وغدواً وعشياً، وفي المضاجع، وكلما استيقظ من نومه وكلما غدا أو راح من منزله ذكر الله عز وجل، فمن حافظ على هذه الأذكار المرتبطة بهذه الوظائف كان في تفسير ابن عباس من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات.

فهم يذكرون الله في أدبار الصلوات، وغدواً وعشياً -أي: أذكار الصباح والمساء- وفي المضاجع عند النوم وأثناء النوم، وإذا تقلب أو رأى رؤيا فاستيقظ، وكلما استيقظ من نومه وغدا أو راح من منزله ذكر الله تعالى، فهذا الذي يحافظ على هذه الأذكار يعد من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات.

وقال مجاهد: لا يكون من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات حتى يذكر الله قائماً وقاعداً ومضطجعاً، يعني: في كل أحيانه وأحواله.

وقال عطاء: من صلى الصلوات الخمس بحقوقها فهو داخل في قوله تعالى: {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ} [الأحزاب:35] أي: من صلى الصلوات الخمس في جماعة بخشوع، مراعياً حقوقها وحدودها يدخل -أيضاً- في الذاكرين الله كثيراً والذاكرات.

ومعنى ذلك أن الإنسان يجتهد في حفظ الأذكار الثابتة الصحيحة المأثورة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في كافة الوظائف الشرعية الثابتة، وأن يلم بذلك، وهذا الباب اهتم العلماء به رحمهم الله تعالى أعظم اهتمام، حتى أفردوه بالتصنيف، فهو باب من أبواب العلم، فكما أن هناك باباً للفقه، وهناك علم الحديث، وهناك التفسير، وهناك أصول الفقه، وهناك علوم اللغة بأقسامها، وكما أن الفقه فيه أبواب الطهارة ونحوها، فكذلك هذا علم وباب مستقل من أبواب العلم، ويسمى عمل اليوم والليلة، وهو عبارة عن محاولة إحصاء ما جاء عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في هذه الأذكار الموظفة أو الأذكار المطلقة؛ فإن الأذكار نوعان: أذكار مطلقة كقراءة القرآن، فإنه تستحب القراءة في كل وقت، وليست مقيدة بزمن معين.

كذلك من الأذكار المطلقة الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وكالاستغفار والحوقلة، والتسبيح والتهليل، والتكبير والتحميد وغير ذلك من الأذكار.

النوع الثاني: أذكار موظفة بوقت معين، وبوظيفة معينة، كالأذكار التي تقال في الركوع والسجود، وعند الاستيقاظ من النوم، فهي مرتبطة بوظيفة، ففي وقت هذه الوظيفة يكون التقرب إلى الله سبحانه وتعالى بهذا الذكر الموظف أفضل من غيره من الأذكار المطلقة، أما خارج وقت الوظيفة فأفضل الأذكار المطلقة على الإطلاق هو تلاوة القرآن الكريم، يقول الإمام الشوكاني في كتابه تحفة الذاكرين: لا شك أن صدق هذا الوصف -أعني كونه من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات- على من واظب على ذكر الله تعالى وإن كان قليلاً أكمل من صدقه على من ذكر الله كثيراً من غير مواظبة.

وقد ثبت في الصحيح من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يذكر الله على كل أحيانه) وورد عنه صلى الله عليه وسلم أن أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل، كما جاء في بعض الروايات.

فالشاهد أن الإمام الشوكاني رحمه الله يبين أن هذا الوصف -وصف الذاكرين الله كثيراً والذاكرات- يصدق على من يداوم على ذكر الله، حتى لو كانت المداومة على قدر قليل، فيقول ذكرين أو ثلاثة مثلاً عند النوم، وذكراً واحداً قبل أن ينصرف من التشهد، أو ذكراً واحد عند الاستيقاظ، أو ثلاثة أذكار في الصباح والمساء، وهكذا شيء قليل تداوم عليه أفضل من أن تذكر الله كثيراً مرة واحدة ثم تنقطع مدة طويلة وتعود، فالمداومة مع قلة الأذكار أفضل من كثرتها مع الانقطاع عنها.

يقول الشيخ صديق حسن خان رحمه الله تعالى: وقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم أذكاراً وأدعية عند الأحوال المختلفة، وفي الأوقات المتنوعة، كالنوم واليقظة، والأكل والشرب واللباس ونحوها، ووردت لكل حال من هذه الأحوال وفي كل وقت من هذه الأوقات أذكار متعددة، وكذلك وردت أدعية فوق الواحد والاثنين، فمن أخذ بذكر أو دعاء من الأذكار والأدعية المأثورة وأتى به في ذلك الحال والوقت فقد طبق عليه وصف الإكثار من الذكر إن داوم عليه في اليوم والليلة، ولم يخل به في ساعاته من النوم واليقظة، وأما من واظب على جميعها وأتى بها ليلاً ونهاراً وجعلها وظيفة دائمة فلا تسأل عنه، فإنه قد فاز بالقدح المعلى، وسلك الطريقة المثلى، ولم يأت أحد بأفضل مما أتى به إلا من صنع مثل صنيعه أو أكثر أو زاد عليه.

فعليك أن تكون من أحد هذه الأصناف لتصدق عليك هذه الأوصاف، وإلا فلا تكن.

أي: يدعو عليه بأن يموت، فهو يقول: إما أن تكون ممن يذكرون الله قليلاً لكن يداومون، أو كثيراً مع المداومة، أو لا تكن.

يعني: تكون كأنك ميت إذا خلوت عن أحد هذه الأوصاف.

ص: 5