المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌اهتمام الصحابة بالأمر برفع الإزار وعدم إسباله - دروس الشيخ محمد إسماعيل المقدم - جـ ٢٦

[محمد إسماعيل المقدم]

فهرس الكتاب

- ‌حكم إسبال الثياب

- ‌وصايا ونصائح نبوية مهمة

- ‌تعظيم الصحابة لحق الرسول في الأمر والنهي

- ‌من آداب السلام

- ‌إخلاص الدعاء لله

- ‌النهي عن اللعن والسب وفاحش القول

- ‌النهي عن احتقار المعروف وأعمال الخير

- ‌فضل البشاشة وحسن الخُلق

- ‌النهي عن الإسبال والخيلاء

- ‌فضل مقابلة السيئة بالحسنة

- ‌أهمية طاعة النبي صلى الله عليه وسلم وامتثال أمره

- ‌نماذج من تعظيم الصحابة لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌تحري عمر وابن عمر اقتفاء السنة

- ‌شدة تأدب الصحابة مع النبي صلى الله عليه وسلم وتعظيمهم وحبهم له

- ‌مبادرة الصحابة في امتثال ما أُمروا به واجتناب ما نهوا عنه

- ‌مبادرة الصحابة إلى الاقتداء بأفعال وأقوال النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الوسطية هي في اتباع النبي صلى الله عليه وسلم والفتنة والتطرف في مخالفته

- ‌مسائل متفرقة في إسبال الثياب

- ‌حكم إسبال الثياب للرجال

- ‌حكم إسبال الثياب للنساء

- ‌ما جاء في الكبر والخيلاء من الوعيد الشديد

- ‌تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم لحرمة الإسبال

- ‌الإسبال من كبائر الذنوب

- ‌ما جاء في الإٍسبال في الصلاة

- ‌الهيئة المثالية للمسلم هي اتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم في لباسه

- ‌اهتمام الصحابة بالأمر برفع الإزار وعدم إسباله

- ‌إسبال الإزار عمداً من الخيلاء

الفصل: ‌اهتمام الصحابة بالأمر برفع الإزار وعدم إسباله

‌اهتمام الصحابة بالأمر برفع الإزار وعدم إسباله

عن زيد بن أسلم قال: أرسلني أبي إلى ابن عمر رضي الله عنهما فقلت: أأدخل؟ فعرف صوتي، فقال: أي بني إذا أتيت إلى قوم (فقل: السلام عليكم، فإذا ردوا عليك فقل: أأدخل، ثم رأى ابنه وقد انجر إزاره، فقال: ارفع إزارك فقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من جر ثوبه من الخيلاء لم ينظر الله إليه)، ولم يسأله عن نيته في إسباله، فدلّ هذا على أن جرّ الإزار في ذاته هو من الخيلاء، حتى لو لم يقصد صاحبه ذلك.

وعن محمد بن زياد قال: سمعت أبا هريرة رضي الله عنه، ورأى رجلاً يجر إزاره وكان أبو هريرة في ذلك الوقت أميراً على البحرين، فعندما رأى هذا الرجل يجر إزاره -جعل أبو هريرة يضرب الأرض برجله وهو يقول: جاء الأمير جاء الأمير.

وكان أبو هريرة رضي الله عنه فيه شيء من المزاح الصادق، فكأنه يريد أن يقول: أنا الأمير هنا، فاستمع لما يقول لك الأمير، وليس بقصد التكبر والفخر، بل كان عرف أبي هريرة أن يمزح المزاح اللطيف، فجعل أبو هريرة يضرب الأرض وهو يقول: جاء الأمير جاء الأمير، يعني: نفسه، ثم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله لا ينظر إلى من يجر إزاره بطراً)، أي: تكبراً وطغياناً.

وعن عمرو بن ميمون أنه حكى قصة مقتل عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، وفي آخر القصة قال: دخل شاب على عمر رضي الله عنه، فلما أدبر الشاب إذا إزاره يمس الأرض، قال عمر: ردّوا علي الغلام -مع أن عمر يحتضر ويلفظ أنفاسه الأخيرة- فردوه عليه، قال: يا ابن أخي! ارفع ثوبك فإنه أبقى لثوبك وأتقى لربك.

قوله: (أبقى لثوبك) أي: أنه يتلف عندما يحتك بالأرض كثيراً، وقوله:(أنقى) أي: أنظف؛ فإنه إذا لم يُسبل لا تصيبه الأقذار أو النجاسات، وقوله:(وأتقى لربك) لأن الله يحرم هذا الإسبال.

فتأمل كيف أن عمر رضي الله عنه وهو في أعظم اللحظات لحظة الاحتضار ومفارقة الدنيا إلى الآخرة، ومع ذلك لم يتهاون في هذا الأمر.

وعن ابن مسعود رضي الله عنه أنه رأى أعرابياً يصلي وقد أسبل، فقال: المسبل في الصلاة ليس من الله في حل ولا حرام، ولم يقيّد.

يقول القاضي أبو بكر بن العربي رحمه الله تعالى: لا يجوز للرجل أن يجاوز بثوبه كعبه، ويقول: لا أجُرُّه خيلاء؛ لأن النهي قد تناوله لفظاً، ولا يجوز لمن تناوله لفظاً أن يخالفه إذ صار حكمه أن يقول: لا أمتثله؛ لأن تلك العلة ليست فيّ؛ فإنه دعوى غير مُسلّمة، بل إطالة ذيله دالة على كبره.

والحقيقة أن الإنسان لو قصّر ثيابه فإنه يشعر بالتواضع فعلاً، وإذا أطالها في الغالب فإنها تكون سبباً وعلامة من علامات التكبر، لكن التواضع عند تقصير الثياب أمر يُحسّه الإنسان من نفسه إذا فعل ذلك.

ص: 26