المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌من مفاسد الزنا وشنائعه - دروس الشيخ محمد إسماعيل المقدم - جـ ٣٩

[محمد إسماعيل المقدم]

فهرس الكتاب

- ‌فتنة النساء

- ‌عظم الفتنة بالنساء

- ‌تحذير الشرع من خطر الفتنة بالنساء

- ‌فتنة نساء بني إسرائيل

- ‌حكم صلاة النساء في المساجد إذا خشيت الفتنة

- ‌تفسير قوله تعالى: (إن من أزواجكم وأولادكم عدواً لكم)

- ‌الفرق بين النظام الإسلامي وغيره في جانب حفظ الأعراض

- ‌احتياطات الإسلام لصيانة الأعراض

- ‌التدابير الوقائية من الفتنة بالنساء

- ‌التقوى والورع

- ‌تحريم الزنا

- ‌عقوبات الزنا في الإسلام

- ‌من مفاسد الزنا وشنائعه

- ‌منع الزواج ممن عرف بالفاحشة ومنع الاختلاط والبذاءة

- ‌خطر إشاعة الفاحشة والإيلاء من النساء

- ‌فرض الحجاب على النساء

- ‌تشريع الاستئذان عند دخول البيوت وغض البصر

- ‌تحريم مس الأجنبيات

- ‌تحريم الخلوة بالأجنبيات

- ‌تحريم سفر المرأة بغير محرم

- ‌تحريم خروج المرأة متعطرة

- ‌تحريم الخضوع بالقول

- ‌تحريم الاختلاط

- ‌صور من الاختلاط يتهاون بها الناس

- ‌حال الغربيين بسبب الاختلاط

- ‌التدابير الإيجابية لصيانة الأعراض

- ‌الترغيب في النكاح

- ‌تيسير النكاح

الفصل: ‌من مفاسد الزنا وشنائعه

‌من مفاسد الزنا وشنائعه

من مفاسد هذه الفاحشة وعواقبها الوخيمة: أن يَعْمى القلب، ويُطمَس نوره، والزنا يحقر النفس ويقمعها، ويسقط كرامة الإنسان عند الله وعند خلقه، ويؤثر في نقصان العقل، ويمحق بركة العمر، ويضعف في القلب تعظيم الله، ويوجب الفقر، ويكسو صاحبه سواد الوجه وثوب المقت بين الناس.

ومن مفاسده أيضاً: أنه يشتت القلب ويمرضه، ويجلب الهم، والحزن، والخوف، ويباعد صاحبه من الملك، ويقربه من الشيطان، وليس بعد مفسدة القتل مفسدة أعظم من الزنا، فلهذا شرع فيه القتل على أشنع الوجوه وأفحشها وأصعبها، ولو بلغ العبد أن امرأة من نسائه قُتِلت لكان أسهل عليه من أن يبلغه أنها زنت.

وروي أن الجزاء من جنس العمل، فإن الله سبحانه وتعالى قد ينتقم من هذا الزاني بأن يسلط على عرضه من لا يتقي الله فيه، فينال من عرضه كما نال هو من أعراض الناس، يقول بعض الشعراء: يا هاتكاً حُرَم الرجال وتابعاً طرق الفساد فأنت غير مكرَّمِ من يزن في قوم بألفي درهم في أهله يزنى بربع الدرهم إن الزنا دَين إذا استقرضته كان الوفا من أهل بيتك فاعلم وصف بعض العلماء آثار هذه الفاحشة المدمرة فقال: عاره يهدم البيوت الرفيعة، ويطأطئ الرءوس العالية، ويسود الوجوه البيض، ويصبغ بأسود من القار أنصع العمائم بياضاً، ويخرق الألسنة البليغة، ويبدل أشجع الناس من شجاعتهم جبناً لا يدانيه جبن، ويهوي بأطول الناس أعناقاً وأسماهم مقاماً وأعرقهم عزاً إلى هاوية من الذل والازدراء والحقارة، ليس لها من قرار.

وهو أقدر أنواع العار على نزع ثوب الجاه مهما استتر، ونباهة الذكر مهما بعدت، وإنبات ثوب من الخمول ينبو بالعيون عن أن تلفت إلى من كان في بيوتهم لفتة احترام.

وهو -أي الزنا- لطخة سوداء إذا لحق التاريخ أسرة غمرت كل صحائفه البيض، وتركت العيون لا ترى منها إلا سواداً حالكاً.

وهو الذنب الظلوم الذي إن كان في قوم لا يقتصر على شين من قارفته من نسائهم، بل يمتد شينه إلى من سواها منهم، فيشينهن جميعاً شيناً يترك لهم من الأثر في أعين الناظرين ما يقضي على مستقبلهن النسوي، وهو العار الذي يطول عمره طولاً، فقاتله الله من ذنب، وقاتل فاعليه! يقول الحافظ ابن القيم رحمه الله تعالى: ومفسدة الزنا مناقضة لصلاح العالم، فإن المرأة إذا زنت أدخلت العار على أهلها وزوجها وأقاربها، ونكست رءوسهم بين الناس، وإن حملت من الزنا فإن قتلت ولدها جمعت بين الزنا والقتل، وإن أبقته حملته على الزوج فأدخلت على أهلها وأهله أجنبياً ليس منهم، فورثهم وليس منهم، ورآهم وخلا بهم وانتسب إليهم وليس منهم.

وأما زنا الرجل فإنه يوجب اختلاط الأنساب أيضاً، وإفساد المرأة المصونة وتعريضها للتلف والفساد، ففي هذه الكبيرة خراب الدين والدنيا.

ص: 13