المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌شهر رمضان، ومواسم الخير فيه - دروس الشيخ محمد إسماعيل المقدم - جـ ٤٧

[محمد إسماعيل المقدم]

فهرس الكتاب

- ‌المنهج العلمي [1]

- ‌شهر رمضان، ومواسم الخير فيه

- ‌الارتباط الوثيق بين شهر رمضان وقراءة القرآن

- ‌فضائل القرآن الكريم

- ‌فضل سورتي البقرة وآل عمران

- ‌علاقة المسلم بالقرآن في شهر رمضان

- ‌حال السلف مع القرآن في رمضان

- ‌فضيلة قيام شهر رمضان كله

- ‌نصائح وتوجيهات لطلبة العلم

- ‌أهمية تغيير الأفكار وتصحيح المفاهيم الخاطئة

- ‌ضرورة الاجتهاد في نشر المنهج الحق

- ‌آداب طلب العلم

- ‌تصحيح النية

- ‌مراعاة فقه الأولويات

- ‌الشمولية والتوازن

- ‌التدرج في طلب العلم

- ‌تلقي العلم عن الشيوخ

- ‌احترام العلماء

- ‌الحذر من الاشتغال باختلافات العلماء

- ‌الحذر من القراءة العشوائية

- ‌طلب العلم درجات ورتب لا ينبغي تعديها

- ‌طالب العلم وموقفه من العلوم ومعارض الكتب

- ‌قضيتان حول كتب العلم

- ‌طالب العلم والقرآن الكريم

- ‌وظائف طالب العلم مع القرآن الكريم

- ‌معرفة طالب العلم شرف حفظ القرآن الكريم

- ‌أهمية جعل جدول زمني لحفظ القرآن الكريم

- ‌أهمية أخذ القرآن عن طريق المشافهة عن الشيوخ

- ‌أهمية معرفة الآيات المتشابهة في القرآن الكريم

- ‌الكتب والعلوم المتعلقة بالقرآن الكريم

- ‌كتب تجويد القرآن الكريم

- ‌أهم الكتب في علوم القرآن

- ‌أهم الكتب في علم التفسير

- ‌أهم الكتب في أسباب النزول

- ‌كتاب (بدع التفاسير) للغماري

- ‌أهم الكتب المؤلفة في معرفة الإسرائيليات والموضوعات في التفاسير

- ‌الناسخ والمنسوخ في القرآن، وأهم الكتب المؤلفة في ذلك

- ‌الكتب المختارة في بعض علوم القرآن

- ‌الكتب المختارة في التفسير

الفصل: ‌شهر رمضان، ومواسم الخير فيه

‌شهر رمضان، ومواسم الخير فيه

الحمد لله الذي جعل العلم النافع حصناً لأوليائه وجنة، وفتح لهم به أبواب الجنة، وعرفهم أن وسيلة الشيطان إلى قلوبهم الأهواء المستكنة، وأن بقمعها تصبح النفس مطمئنة، ظاهرة الشوكة في قصم خصمها قوية المنة، وصلى الله على عبده ورسوله محمد قائد الغر المحجلين وممهد السنة، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد: فإن حكمة الله تبارك وتعالى اقتضت أن يجعل هذه الدنيا مزرعة للآخرة، وميداناً للتنافس، وكان من فضله تبارك وتعالى على عباده وكرمه أنه يجزي على القليل كثيراً، ويضاعف الحسنات، ومن فضله ومنته على عباده أن يجعل لهم مواسم تعظم فيها هذه المضاعفة، فالسعيد من اغتنم مواسم الشهور والأيام والساعات، وتقرب فيها إلى مولاه بما أمكنه من وظائف الطاعات، عسى أن تصيبه نفحة من تلك النفحات، فيسعد بها سعادة يأمن بعدها من النار وما فيها من اللفحات.

قال الحسن رحمه الله تعالى في قوله عز وجل: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا} [الفرقان:62]: من عجز بالليل كان له من أول النهار مستعتب، ومن عجز بالنهار كان له من الليل مستعتب.

ومن أعظم هذه المواسم المباركة وأجلها شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن المجيد، ولذا فإنه حريٌ بالمؤمن الاستعداد لهذا الشهر الكريم حال قدومه، والتفقه في شروط ومستحبات وآداب العبادات المرتبطة بهذا الموسم الحافل؛ لئلا يفوته الخير العظيم، ولا ينشغل بمفضول عن فاضل ولا بفاضل عما هو أفضل منه.

ولو أن كل واحد منا استحضر في قلبه أحب الناس إليه وقد غاب عنه أحد عشر شهراً، ويفترض أنه قد بشر بقدومه وعودته خلال يومين أو ثلاثة أو خلال أيام قلائل وأنه سيعود أحب الناس إليه بعد أن غاب عنه أحد عشر شهراً فكيف ستكون فرحته بقدومه واستبشاره بقربه وبشاشته للقائه؟ إن أول الآداب الشرعية لشهر رمضان أن نتأهب لقدومه قبل الاستهلال، وأن تكون النفس بقدومه مستبشرة، ولإزالة الشك في رؤية الهلال منتظرة، وأن تستشرف لنظره استشرافها لقدوم حبيب غائب من سفره؛ لأن التأهب لشهر رمضان والاستعداد لقدومه من تعظيم شعائر الله تبارك وتعالى الذي يقول في محكم كتابه:{وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج:32]، فيفرح المؤمنون بقدوم شهر رمضان، ويستبشرون به، ويحمدون الله على أن بلغهم إياه، ويعقدون العزم على عمارته بالطاعات وزيادة الحسنات وهجر السيئات، وأولئك يبشرون بقول الله تبارك وتعالى:{قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [يونس:58]، وذلك لأن محبة الأعمال الصالحة والاستبشار بها فرع عن محبة الله عز وجل الذي فرضها علينا، والله تبارك وتعالى يقول:{وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} [التوبة:124] هكذا يستبشر الصالحون بقدوم رمضان لما يرون فيه من الفرصة كي يتقربوا إلى الله عز وجل.

وفي حديث الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام الذي رواه عنه أبو هريرة رضي الله تعالى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما أتى على المسلمين شهر خير لهم من رمضان، ولا أتى على المنافقين شهر شر لهم من رمضان إن الله ليكتب أجره ونوافله ويكتب إصره وشقاءه من قبل أن يدخله، وذلك لما يعد فيه المؤمنون من القوة للعبادة، وما يعد المنافقون من غفلات الناس وعوراتهم، فهو غنم للمؤمن يغتنمه الفاجر).

ص: 2