المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌التوبة من الغيبة - دروس الشيخ محمد إسماعيل المقدم - جـ ٦

[محمد إسماعيل المقدم]

فهرس الكتاب

- ‌آفات اللسان

- ‌المؤمن هو الذي ينتفع بالذكرى

- ‌الإسلام دين يتعامل مع الواقع البشري الحي

- ‌أهمية تزكية النفوس

- ‌استغلال شهر رمضان في التخلص من العادات السيئة

- ‌فضل القول الحسن وحسن الخلق

- ‌تأثير سوء الخلق في الصد عن سبيل الله

- ‌أعظم حقوق المسلم صيانة عرضه

- ‌حد الغيبة وحرمتها

- ‌أحكام الغيبة وأثرها على الفرد والمجتمع

- ‌التوبة من الغيبة

- ‌حكم استماع الغيبة

- ‌تنجيس الغيبة والأمر بالتطهر منها

- ‌الإجماع على تحريم الغيبة

- ‌عذاب القبر بسبب الغيبة

- ‌غيبة المسلم كأكل لحمه ميتاً

- ‌صور الغيبة

- ‌التحذير من اتخاذ مصلحة الدعوة ذريعة إلى الغيبة

- ‌حال السلف في الحذر من الغيبة

- ‌دلالة الغيبة على حقارة المغتاب

- ‌اشتغال السلف بعيوب أنفسهم عن الآخرين

- ‌ورع البخاري رحمه الله عن الغيبة

- ‌خطر اللسان وما يترتب على حفظه وإطلاقه

- ‌أهمية تعويد الإنسان لسانه على النطق بالخير

- ‌فضل حفظ اللسان

- ‌الأحكام الشرعية المتعلقة باللسان

- ‌أكثر ما يدخل النار اللسان

- ‌لسانك سبع بين فكيك

- ‌فضل الصمت

- ‌محاسبة السلف لأنفسهم

- ‌دلالة حفظ اللسان على خيرية صاحبه

- ‌من أساليب السلف في حفظ اللسان

- ‌أساليب عجيبة في حفظ اللسان

الفصل: ‌التوبة من الغيبة

‌التوبة من الغيبة

روى الضياء في الأحاديث المختارة بإسناد صحيح عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (كانت العرب يخدم بعضهم بعضاً في الأسفار، وكان مع أبي بكر وعمر رضي الله عنهما رجل يخدمهما، فاستيقظا ولم يهيئ لهما طعاماً، فقال أحدهما لصاحبه: إن هذا لا يوائم نوم بيتكم)، يعني: وجدوا أن هذا الخادم تأخر في النوم أو أطال النوم حتى استيقظا ولم يكن قد أعد الإفطار أو الطعام، فقالا: إننا الآن في حالة سفر، والإنسان في السفر لا يتمادى في تعاطي راحة البدن؛ لأن حالة السفر تحتاج نوعاً من الأهبة والاستعداد، والإنسان لا يتصرف كأنه في بيته، فمعناه: أن النوم يكون خفيفاً، فقالا:(إن هذا لا يوائم -يعني: يوافق- نوم بيتكم) أي: أنه نائم نوماً واحداً سواء كان قاعداً في البيت أو مسافراً، (فأيقظاه فقالا: ائت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقل له: إن أبا بكر وعمر يقرئانك السلام، وهما يستأدمانك)، يعني: يطلبان منك الإدام، والإدام هو كل ما أكل به الخبز، فلما ذهب الرجل وأخبر الرسول عليه الصلاة والسلام قال:(قد ائتدما، ففزعا، فجاءا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالا: يا رسول الله! بعثنا إليك نستأدمك، فقلت: قد ائتدما، فبأي شيء ائتدمنا؟ فقال: بلحم أخيكما، والذي نفسي بيده إني لأرى لحمه في أنيابكما -وفي رواية: ثناياكما- قالا: فاستغفر لنا قال: هو فليستغفر لكما) أي: صاحب الحق.

فالإنسان إن كان لابد مصراً أن يعصي الله سبحانه وتعالى فليختر معصية يسهل عليه أن يتوب منها، لكن عند أن تختار معصية تتعلق بحق الغير فمعنى ذلك أنه لن تبرأ ذمتك إلا أن يسامحك هذا الشخص، وإذا لم يسامحك فسترد القيامة وفي عنقك حق العباد؛ لأن المعصية إذا كانت بينك وبين الله فإذا تبت إلى الله فالله يقبل التوبة عن عباده، أما إذا كانت المعصية في حق من حقوق العباد فلابد أن تستحل من صاحبها، وإما أن يستوفي حقه منك، والعملة هناك في الآخرة ليست الدينار ولا الدرهم، إنما هي الحسنات والسيئات، فيأخذ من حسناتك حتى يقضي عليها، فإذا لم يبق معك حسنات يؤخذ من سيئاته فتطرح عليك، فلماذا الإنسان يتعب في العبادة ويتعب في الحفظ والصيام والأعمال الصالحة ثم يجدها في ميزان الآخرين؟! فلذلك سماه النبي صلى الله عليه وسلم: المفلس.

الشاهد أيضاً من هذا الحديث قول النبي عليه الصلاة والسلام: (قد ائتدما) والخطاب موجه إلى الاثنين، مع أن واحداً منهما هو الذي تكلم، فنسب الوزر إليهما جميعاً.

إذاً: القاعدة: أن مستمع الغيبة والمغتاب شريكان في الإثم والوزر.

يقول الشاعر: وسمعك صن عن سماع القبيح كصون اللسان عن النطق به فإنك عند سماع القبيح شريك لقائله فانتبه

ص: 11