المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌مدخل … أبُو الحسن الأشعري بقلم: الشيخ حماد بن محمد الأنصاري المدرس في - أبو الحسن الأشعري

[حماد الأنصاري]

الفصل: ‌ ‌مدخل … أبُو الحسن الأشعري بقلم: الشيخ حماد بن محمد الأنصاري المدرس في

‌مدخل

أبُو الحسن الأشعري

بقلم: الشيخ حماد بن محمد الأنصاري المدرس في كلية الشريعة بالجامعة

الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون.

والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

وبعد: لما كان أكثر الناس في الأقطار الإسلامية ينتسب عقيدة إلى أبي الحسن الأشعري، ومع ذلك لا يعرف شيئاً عن أبي الحسن الأشعري، ولا عن عقيدته التي استقر عليها أمره أخيراً واستحق بها أن يكون من الأئمة المقتدى بهم، أحببنا أن نفيد أولئك عن حقائق هذا الإمام المجهول عند كثير ممن ينتسب إليه وينتحل عقيدته، حسب ما تتبعنا من المراجع المعتبرة.

وقبل كل شيء نتحف القارئ بنبذة قليلة من ترجمة الأشعري فأقول وبالله أستعين:

ص: 57

‌التعريق بالإمام

التعريف بالإمام:

هو علي بن إسماعيل بن إسحاق بن سالم بن إسماعيل بن عبد الله بن موسى بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري، ولد سنة ستين ومائتين من الهجرة النبوية، ترجمه أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله بن عساكر الدمشقي في كتابه (تبيين

ص: 57

كذب المفتري فيما نسب إلى أبي موسى الأشعري) والخطيب البغدادي في (تاريخ بغداد) وابن خلكان في وفيات الأعيان والذهبي في (تاريخ الإسلام) وابن كثير في (البداية والنهاية) و (طبقات الشافعية) والتاج السبكي في (طبقات الشافعية الكبرى) وابن فرحون المالكي في (الديباج المذهب في أعيان أهل المذهب) ومرتضى الزبيدي في (إتحاف السادة المتقين بشرح أسرار إحياء علوم الدين) وابن العماد الحنبلي في (شذرات الذهب في أعيان من ذهب) وغيرهم.

دخل هذا الإمام بغداد وأخذ الحديث عن الحافظ زكريا بن يحيى الساجي أحد أئمة الحديث والفقه1 وعن أبي خليفة الجمحي وسهل بن سرح ومحمد بن يعقوب المقري وعبد الرحمن بن خلف البصريين، وروى عنهم كثيراً في تفسيره (المختزن) وأخذ علم الكلام عن شيخه زوج أمه أبي علي الجبائي شيخ المعتزلة.

ولما تبحر في كلام الاعتزال وبلغ فيه الغاية كان يورد الأسئلة على أستاذه في الدرس ولا يجد فيها جواباً شافياً فتحير في ذلك.

فحكي عنه أنه قال: وقع في صدري في بعض الليالي شيء مما كنت فيه من العقائد فقمت وصليت ركعتين وسألت الله تعالى أن يهديني الطريق المستقيم ونمت فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام فشكوت إليه بعض ما بي من الأمر، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم " عليك بسنتي " فانتبهت!! وعارضت مسائل الكلام بما وجدت في القرآن والأخبار، فأثبته ونبذت ما سواه ورائي ظهرياً.

قال أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت المعروف بالخطيب البغدادي المتوفى سنة 463هـ في الجزء الحادي عشر من تاريخه المشهور صفحة 346: " أبو الحسن

1 وأحد تلامذة أحمد بن حنبل وعنه أخذ تحرير مقالة أهل الحديث والسلف كما في التذكرة للذهبي ج2 ص709

ص: 58

الأشعري المتكلم صاحب الكتب والتصانيف في الرد على الملحدة وغيرهم من المعتزلة والرافضة، والجهمية، والخوارج وسائر أصناف المبتدعة.

إلى أن قال: وكانت المعتزلة قد رفعوا رؤوسهم حتى أظهر الله تعالى الأشعري فحجزهم في أقماع السمسم".

قال ابن فرحون في الديباج: "أثنى على أبي الحسن الأشعري أبو محمد بن أبي زيد القيرواني وغيره من أئمة المسلمين" اه.

وقال ابن العماد الحنبلي في الشذرات الجزء الثاني صفحة 303:

ومما بيض به أبو الحسن الأشعري وجوه أهل السنة النبوية وسود به رايات أهل الاعتزال والجهمية، فأبان به وجه الحق الأبلج، ولصدور أهل الإيمان والعرفان أثلج، مناظرته مع شيخه الجبائي التي بها قصم ظهر كل مبتدع مراء وهي أعني المناظرة كما قال ابن خلكان: "سأل أبو الحسن الأشعري أستاذه أبا علي الجبائي عن ثلاثة إخوة، كان أحدهم مؤمناً براً تقياً والثاني كان كافراً فاسقاً شقياً، والثالث كان صغيراً، فماتوا فكيف حالهم؟ فقال الجبائي: أما الزاهد ففي الدرجات، وأما الكافر ففي الدركات، وأما الصغير فمن أهل السلامة، فقال الأشعري: إن أراد الصغير أن يذهب إلى درجات الزاهد هل يؤذن له؟

فقال الجبائي: لا !! لأنه يقال له: أخوك إنما وصل إلى هذه الدرجات بطاعته الكثيرة وليس لك تلك الطاعات، فقال الأشعري فإن قال: ذلك التقصير ليس مني، فإنك ما أبقيتني ولا أقدرتني على الطاعة، فقال الجبائي: يقول البارئ جل وعلا: كنت أعلم لو بقيت لعصيت وصرت مستحقاً للعذاب الأليم فراعيت مصلحتك، فقال الأشعري: فلو قال الأخ الأكبر يا إله العالمين كما علمت حاله فقد علمت حالي، فلمَ راعيت مصلحته دوني فانقطع الجبائي"!!

وقال ابن العماد "وفي هذه المناظرة دلالة على أن الله تعالى خص من شاء برحمته واختص آخر بعذابه"اه.

ص: 59