المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌قيمة الرجال بجوهرهم لا بمظهرهم - دروس الشيخ محمد إسماعيل المقدم - جـ ٩٧

[محمد إسماعيل المقدم]

فهرس الكتاب

- ‌بدعة تقسيم الدين إلى قشر ولباب [2]

- ‌فضيلة التواضع في الكتاب والسنة وأقوال السلف

- ‌بعض الآثار الواردة في التواضع

- ‌نماذج من تواضع السلف وفضل التواضع

- ‌وقفات حول بدعة تقسيم الدين إلى قشور ولباب

- ‌الوسطية في السنن والمباحات

- ‌أوجه التناقض عند أهل القشور واللباب

- ‌التحذير من تهوين المعاصي والاستهزاء بالسنن والواجبات

- ‌الرد على من يصنعون الشبهات في احتقار الطاعات

- ‌لكل قوم قشرتهم

- ‌موضوع القشور ليس له حد في مفهوم من ابتدعه

- ‌أقسام من ينادي بتقسيم الدين إلى قشر ولب

- ‌هدف أعداء الدين من تقسيم الدين إلى قشر ولباب

- ‌قيمة الرجال بجوهرهم لا بمظهرهم

- ‌حقيقة الرجال

- ‌ترفع الشافعي عن القيم التافهة والشكليات الكاذبة

- ‌نحن قوم أعزنا الله بالإسلام

- ‌إن زاهراً باديتنا ونحن حاضروه

- ‌ذم الاهتمام الكبير بالمظهر

- ‌ربعي بن عامر يعلم رستم أن مظاهر الدنيا ليس لها قيمة

- ‌مقاييس وموازين الإسلام للرجال

- ‌اهتمام الناس بقشور المباهاة والمفاخرة ونقدهم لمسائل الدين

- ‌أقسام الناس في العلو والفساد في الأرض

الفصل: ‌قيمة الرجال بجوهرهم لا بمظهرهم

‌قيمة الرجال بجوهرهم لا بمظهرهم

لقد علمنا النبي صلى الله عليه وسلم أن قيمة الرجال بجوهرهم لا بمظهرهم، ونحن لا نقول هذا الكلام من أجل أن نقول للناس: انفشوا شعركم، والبسوا الثياب القذرة، أو تعمدوا لبس الثياب البالية، أو من كان عنده ثوب جديد فليمزقه وليصنع فيه الرقع، لا نقول هذا، لكن السياق الذي نتكلم فيه أن هؤلاء يشتغلون تماماً بمظاهر قشرية جوفاء ويغلون في ذلك، وينكرون على من يتمسك بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، بل يزدرون إخوانهم إذا كانوا أولاً فقراء، أو يتزهدون في لباسهم، أو يلبسون ثياب المتواضعين المخبتين إلى ربهم تبارك وتعالى.

فقيم الإسلام وهدي النبي عليه الصلاة والسلام ألا نعطي المظاهر هذا الحد من الاهتمام، وهذه القشور هي التي ينبغي التحذير منها لا الأمور التي يقصدون التنفير منها.

ومما علمناه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قيمة الرجال بجوهرهم لا بمظهرهم بأعمالهم لا بأجسامهم.

فهذا أبو هريرة رضي الله عنه يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (رب أشعث أغبر مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره) رواه مسلم.

يعني: ما أكثر ما تجد رجلاً أشعث أغبر لا يلبس الثياب النفيسة ولا هو كذا وكذا وكذا، بل شعره متفرق وعليه الغبرة من التراب، والناس يزهدون في لقائه وفي دعوته إلى بيوتهم، بل يدفع عن الأبواب، لكنه في ميزان الله سبحانه وتعالى وعند الله من أعظم أولياء الله، بحيث لو أقسم على الله لأبر الله قسمه؛ وذلك لعظم مكانه عند الله، ولأنه تزين بزينة الدين لا بزينة الدنيا، تزين بالخشوع والإخبات والتقوى والبر لا بالمظهرية الجوفاء.

فهذه هي موازين الإسلام ومن حاد عنها فهو المنحرف والمتطرف، فعن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه:(أن النبي صلى الله عليه وسلم مر عليه رجل فقال: ما تقولون في هذا؟ -وكان رجلاً جلداً قوياً مفتول العضلات، حسن الثياب والمظهر- قالوا: حري -أي: جدير- إن خطب أن ينكح، وإن شفع أن يشفع، وإن قال أن يستمع، ثم سكت فمر رجل من فقراء المسلمين، فقال صلى الله عليه وسلم ما تقولون في هذا؟ قالوا: حري إن خطب ألا ينكح، وإن شفع ألا يشفع، وإن قال ألا يستمع، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا خير من ملء الأرض مثل هذا) رواه البخاري.

يعني: هذا خير من ملء الأرض مثل هذا الغني الأول.

ص: 14