المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الحاجة إلى التكامل - دروس الشيخ محمد الدويش - جـ ٣

[محمد الدويش]

فهرس الكتاب

- ‌كلانا على الخير

- ‌جميع أعمال الخير وخدمة الدين مطلوبة

- ‌الأدلة والمبررات لقبول اختلاف الاجتهادات فيما يقدمه المرء للإسلام من الخدمات

- ‌قول الله (وما كان المؤمنون لينفروا كافة)

- ‌اختلاف أبواب الجنة باختلاف الأعمال

- ‌اختلاف الطاقات والمواهب البشرية

- ‌وجود الاختلاف في الخير بين الصحابة

- ‌خالد بن الوليد يمنعه الجهاد عن كثير من القراءة

- ‌أبو ذر قوال للحق ضعيف في الإمارة

- ‌اختلاف ابن عباس وأبي هريرة في مراتب العلم

- ‌اختلاف الوصايا النبوية بحسب الأشخاص

- ‌عمق الخلل والانحراف في واقع الأمة

- ‌العصر الذي نعيشه يتطلب ذلك

- ‌الحاجة إلى التكامل

- ‌السلف لم يكونوا بمعزل عن هذا

- ‌ينبغي أن يوجه الشباب إلى ما يحسنونه حسب استعداداتهم

- ‌من سلك طريقاً يخدم به الإسلام فلا يجوز أن يحتقر الطرق الأخرى

- ‌كل ميسر لما خلق له

- ‌لن تحيط بكل ما أمرت به

- ‌قد يطرأ على المفضول ما يجعله أولى من الفاضل

- ‌ليست الشهرة هي قيمة الإنسان

- ‌محذورات يجب التنبه لها

- ‌لا يترك الواجب بحجة التخصص

- ‌لا يسوغ الخلل التربوي بحجة التخصص

- ‌الحذر من الإغراق في التخصص المبكر

- ‌عدم التهوين من شأن الجوانب الأخرى

- ‌لا ينبغي أن ننشغل بالدون

- ‌لابد من التكامل على مستوى الأمة

- ‌الأسئلة

- ‌التأسيس في العلم قبل التخصص

- ‌لا يطلب من الناس أن يتجهوا إلى مكان واحد

- ‌تحريك الطاقة الكامنة في النفس بالعمل

- ‌الجمع بين جميع أبواب الدعوة مستحيل

- ‌اتخاذ قرار التخصص بحسب الأغراض الدنيوية

- ‌الموازنة بين خدمة الدين في ميدان والتعرض للانحراف

- ‌جميع أبواب الدين مفتوحة للعمل فيها

- ‌كيفية تحديد منهج النبوغ

- ‌اختلاف الناس في التوجه للعبادة

الفصل: ‌الحاجة إلى التكامل

‌الحاجة إلى التكامل

ثامناً: سنأخذ مثالاً يعطينا صورة واضحة عن الحاجة إلى التكامل: لو كان عندنا جيش فإننا سنحتاج إلى مجموعة في القيادة والمقدمة، وفي مواجهة العدو وجهاً لوجه، ونحتاج إلى مجموعة في الخلف يحرسون هؤلاء، ومجموعة يترصدون، وسنحتاج إلى مجموعة فنيين يقومون بصيانة الآلات وإعدادها، مجموعة يقومون بنقل الذخائر، مجموعة للتمويل بنقل المواد الغذائية، مجموعة طباخين يقومون بخدمة الجيش، وأناس يغسلون الثياب، ومجموعة يحرسون بلاد المسلمين ويحرسون ثغور المسلمين حتى لا يؤتوا من خلفهم، ومجموعة يخلفون الغازين، فأنت ترى الآن أبواباً مختلفة ومتفاوتة فهذا شخص يقف في مقابل العدو والشخص الآخر ليخلف الغازي في أهله ويبقى في بيته، فإذا قال الجالس في منزله ليخلف الغازي: لقد ذهب الناس في الجهاد وبقيت أنا مع النساء والعجزة فلا بد أن أذهب، وقال الذي يعد الطعام كذلك يقول، وقال الذي يقوم بإعداد الذخيرة كذلك، وهكذا؛ فإنه لا يمكن أن يقوم هذا الجيش، لأن الجيش لا يقوم إلا عندما تتكامل هذه الجهود، ومن هذه الجهود من يقعد لا جبناً ولا خوفاً إنما يقعد ليخلف هؤلاء في أهليهم، وحتى لا تؤتى البلاد عن غرة، فترى أنت الآن أن هذا الواجب وهذه المعركة لا يمكن أن تقوم إلا بتكامل جهود متفاوتة ما بين قائد فذ عبقري داهية ورجل شجاع، وبين إنسان مهمته إعداد الطعام فقط، وإنسان مهمته قيادة شاحنات، وإنسان مهمته أن يبقى حتى يحرس فهكذا تتكامل هذه الجهود، ويمكن أن نشبه نحن أبواب الدعوة أو واقع الدعوة في بلد محاصرة يعني افترض الآن أن هذه القرية محاصرة، فهنا حصن في هذه الزاوية، وحصن في هذه الزاوية، وحصن في الزاوية الأخرى، وحصن في الزاوية الأخرى قد يكون العدو من هذه الجهة فهؤلاء الآن في مقابل العدو؛ لكن نحتاج إلى من يقف هنا، ومن يقف هناك، ومن يقف في الميدان الآخر، ونحتاج إلى من يقف في داخل المدينة ويتجول فيها حتى لا يستغل الوضع مثل اللصوص والسُرّاق وقطّاع الطريق، فأنت ترى الآن الجهود مختلفة ومتفاوتة وكلها مطلوبة، ولا يصح أن يأتي الشخص الذي وقف في وجه العدو ويقول: أنتم جبناء أنا أجلس مقابل العدو وأنت جالس تحرس في الخلف! لا، ويقول: أنا أفضل لأني أواجه العدو! لا، الجميع يؤدون مهمة واحدة، ويؤدون دوراً واحداً ولا يمكن أن تقوم هذه القضية إلا بهذا التكامل.

فكذلك حراسة الأمة وحماية الأمة والدعوة لدين الله سبحانه وتعالى وإنقاذ الأمة لا بد أن نأخذ نحن جميعاً بهذه الجوانب كلها، هذه الطاولة الآن التي أمامنا لو أردنا أن نرفعها مثلاً واجتمع الجميع كلهم يريدون أن يرفعوها من هذه الجهة، فلا يمكن أن ترتفع، أو ترتفع بوضع غير مستقيم، طيب لو أتى من هنا مثلاً أربعة، ومن هنا واحد فقط ومن هنا واحد أيضاً فسيكون هناك خلل، لكن عندما تتوزع الجهود بشكل متوازن يمكن أن نرفعها، فكذلك هذه الأمة المصابة بهذا الخلل لا بد أن تتضافر الجهود جميعاً وأن تتوزع حتى تقوم هذه الأمة، أما إذا اعتنينا بجانب واحد وركزنا على جانب واحد فلا بد أن يكون هناك خلل ولا يمكن أن تنهض الأمة النهوض المراد.

ص: 14