المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تعظيم الإمام مالك للشافعي - دروس الشيخ محمد حسن عبد الغفار - جـ ١٩

[محمد حسن عبد الغفار]

فهرس الكتاب

- ‌إنزال الناس منازلهم

- ‌الإسلام يدعو إلى إنزال الناس منازلهم

- ‌أمر النبي صلى الله عليه وسلم للأمة أن ينزلوا الناس منازلهم

- ‌قصة إيثار أبي بكر لعلي بن أبي طالب في مجلسه بقرب رسول الله

- ‌ما حدث بين خالد بن الوليد وعبد الرحمن بن عوف من خصومة وموقف النبي منها

- ‌ما حدث بين أبي بكر وعمر من خصومة وموقف النبي منها

- ‌موقف أبي بكر الصديق مع الأنصاري

- ‌النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الفضل لنسائه وينزل كل واحدة منهن منزلتها

- ‌حكم إنزال الناس منازلهم وأثر تطبيقه في هذه الأمة

- ‌أبو بكر يعرف منزلة أسامة

- ‌عمر بن الخطاب يعرف لأبي عبيدة بن الجراح فضله وقدره

- ‌عمر بن الخطاب يعرف قدر أبي بكر وفضله

- ‌عمر بن الخطاب يفضل بلالاً على أبي سفيان

- ‌علي بن أبي طالب يفضل أبا بكر وعمر على الأمة

- ‌أبو موسى الأشعري ينزل عبد الله بن مسعود منزلته

- ‌هارون الرشيد ينزل مالك بن أنس منزلته

- ‌تعظيم الإمام مالك للشافعي

- ‌البخاري ينزل ابن المديني منزلته

- ‌أحمد بن حنبل ينزل البخاري منزلته

- ‌الإمام مسلم ينزل الإمام البخاري منزلته

- ‌الإمامان مالك والشافعي يقدران منزلة الإمام أبي حنيفة

- ‌الإمام أحمد بن حنبل يقدر منزلة الإمام الشافعي

الفصل: ‌تعظيم الإمام مالك للشافعي

‌تعظيم الإمام مالك للشافعي

كان مالك يعظم أهل العلم كثيراً، وكان الشافعي وهو في حداثة سنه أول ما جلس مع مالك يستمع منه الحديث، وكانت القراءة على الشيخ عند مالك أولى من قراءة الشيخ على الطلبة -وهذه مسألة حديثية في علم المصطلح- وكان يقرأ عليه الحديث والشافعي يأخذ بأصبعه ويضعه على فيه ثم يضعها على يده، وكان مالك له وقار عظيم، حتى قال عنه المترجمون: إن مالك كان إذا دخل على طلبة العلم فكأن على رءوسهم الطير من هيبته رحمه الله، فالله جل وعلا زرع له في قلوب الطلبة الهيبة؛ لأنه وقر وعظم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وشرع الله جل وعلا، فكان يقول: ما مشيت في المدينة إلا حافياً توقيراً واحتراماً لصاحب هذا القبر أي: رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان لا يجلس في مجلس التحديث إلا متعطراً مغتسلاً وقد استاك هيبةً لحديث النبي صلى الله عليه وسلم، ولذلك زرع الله الهيبة في قلوب طلبة العلم لهذا الشيخ الجليل العالم العظيم.

ولما نظر إلى الشافعي وهو يعبث بإصبعه غضب منه احتراماً لحديث النبي صلى الله عليه وسلم، بل إن مالكاً نفسه قال: فاتني فوق العشرين حديثاً؛ لأنني كنت قائماً فلم أكتب حديثاً واحداً احتراماً لحديث النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن مجلس التحديث كان مملوءاً بطلبة الحديث، وكان مالك يستمع من الزهري ولم يجد مكاناً يجلس فيه، فبقي قائماً يستمع الحديث وما كتب حديثاً واحداً، ولما سئل في ذلك قال: استحييت أن أكتب حديث النبي صلى الله عليه وسلم قائماً، فلا بد أن أجلس احتراماً وتوقيراً لحديث النبي.

ولما رأى الشافعي يصنع ذلك بأصبعه غضب غضباً شديداً هيبة لحديث النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: مالي أراك سيء الأدب؟ فقال الشافعي: يا إمام وما رأيت من سوء أدبي؟ قال: أتلوا عليكم حديث رسول الله وأنت تلعب بأصبعك، فقال: والله ما كنت ألعب، إني أحفظ حديثك وما عندي ورقة وقلم ومحبرة، فكنت أكتب الأحاديث التي ذكرتها بريقي وبإصبعي على يدي، ثم ذكر كل الأحاديث التي ذكرها الإمام مالك، فأخذه مالك إلى بيته وقال له: كلمته المشهورة: قد رأيت أن الله جعل لك نوراً فلا تطفئه بالمعاصي.

فالغرض المقصود أنهم كانوا يعرفون لكل صاحب فضل فضله.

ص: 17