المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الجهل بما يسع فيه الخلاف وما لا يسع - دروس الشيخ ناصر العقل - جـ ٢

[ناصر العقل]

فهرس الكتاب

- ‌مفهوم الافتراق

- ‌تعريف الافتراق ومفهومه لغة واصطلاحاً

- ‌الفرق بين الاختلاف والافتراق

- ‌ذكر الأخطاء الواقعة بسبب عدم التفريق بين الاختلاف والافتراق

- ‌إنكار وجود الافتراق في الأمة

- ‌التسليم السلبي بوجود الافتراق في الأمة يبرر الإقرار بالبدع والوقوع فيها

- ‌الاستعجال في وصف المخالفين بالخروج والمفارقة والبدعة

- ‌الجهل بما يسع فيه الخلاف وما لا يسع

- ‌وقوع الأمة في الافتراق

- ‌تاريخ الافتراق في الإسلام

- ‌أسباب الافتراق

- ‌كيد اليهود والنصارى والمنافقين والزنادقة وغيرهم

- ‌أهل الأهواء والمصالح والأغراض الشخصية

- ‌الجهل

- ‌الخلل في منهج تلقي الدين

- ‌مظاهر الخلل في منهج التلقي

- ‌أخذ العلم من غير أهله

- ‌الاستقلالية عن العلماء والأئمة

- ‌ازدراء العلماء واحتقارهم والتعالي عليهم

- ‌التتلمذ الكامل على الأحداث وصغار طلاب العلم

- ‌اعتبار اتباع الأئمة على هدى وبصيرة من التقليد

- ‌الاقتصار في طلب العلم على الوسائل فقط

- ‌التقصير في فقه الخلاف وفقه الاجتماع

- ‌التشدد والتعمق في الدين

- ‌الابتداع في الدين في العقائد وغيرها

- ‌العصبيات بأنواعها وأصنافها

- ‌تأثر المسلمين بالأفكار والفلسفات الوافدة عليهم

- ‌دعاوى التجديد في الدين على غير هدى

- ‌التساهل في مقاومة ومحاربة مظاهر البدع في المسلمين

- ‌ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والمناصحة

- ‌عوامل توقي الافتراق

- ‌الأسئلة

- ‌حكم من يقوم بنشر المسائل الشاذة من مسائل الخلاف بين علماء الأمة

- ‌ضوابط الحكم على الجماعات الإسلامية الموجودة في الساحة

- ‌المدرسة العقلية الفلسفية المعاصرة وعلاقتها بافتراق الأمة

- ‌حكم انتساب الجماعات والفرق إلى أهل السنة والجماعة

- ‌عدم الفرق بين المنهج والعقيدة

الفصل: ‌الجهل بما يسع فيه الخلاف وما لا يسع

‌الجهل بما يسع فيه الخلاف وما لا يسع

الخطأ الرابع: الجهل بما يسع فيه الخلاف وما لا يسع، يعني: عدم التفريق عند كثير من المنتسبين للإسلام، بل من المنتسبين للدعوة، عدم التفريق بين ما هو من أمور الخلاف، وما هو من الأمور التي ليس فيها خلاف، وأضرب لذلك أمثلة: الأول: هناك من الناس من يعد المسائل الخلافية من القطعيات والأصول، دون أن يرجع إلى أصول أهل العلم وإلى أقوالهم، أو دون أن يهتدي بأهل الفقه في الدين الذين يبصرون في هذه الأمور.

الثاني: عدم التفريق بين الأصول المكفرة وبين البدعيات الكبار، أو البدعيات المخرجة من الدين أو المكفرة وبين الحادثة التي تحدث من الأشخاص، أو من الهيئات أو من الجماعات، وأقصد بذلك أن بعض الناس إذا عرف بأصل من الأصول التي تكفر، كالقول مثلاً بأن القرآن مخلوق، إذا عرضوا هذا الأصل طبَّقه على كل قائل بهذه المقولة دون الأخذ بأحكام التكفير، وهكذا في بقية المسائل، بمعنى عدم التفريق بين الأصل وبين الحكم على المعين، وهذا أمر مخالف لأصول السلف وأصول أهل السنة والجماعة.

أهل السنة والجماعة يفرقون بين الأحكام، الأحكام بالكفر، والأحكام بالفسق، والأحكام بالتبديع وغير ذلك، وبين الحكم على المعين، فقد نحكم على شيء ما بأنه كفر، ونحكم على مقولة ما من المقولات بأنها كفر، وهذا لا يعني أن كل من فعل هذا الكفر يكفر، ولا كل من قال بهذا القول يكفر، أقول: هناك كثيرون لا يفرقون في هذه المسائل فيكفرون باللوازم ودون الأخذ بأحكام التكفير؛ لأن الكفر لا يجوز إطلاقه حتى التثبت وبيان الحجة وإقامتها، وبيان الدليل ومعرفة عدم وجود الجهل، وعدم وجود الإكراه، وعدم وجود التأول.

وهذه مسألة تحتاج إلى مقامات طويلة، وإلى مقابلة للأشخاص، وإلى جلوس معهم، وإلى نقاش ونصيحة، أما أن نرتب أحكام الكفر على كل من ظهرت منه حالة كفر، أو مقولة كفر، أو اعتقاد كفر، فهذا لا يجوز إلا في الأمور الكبرى التي تعلم من الدين بالضرورة، مثل إنسان أنكر شهادة أن لا إله إلا الله، هذا معلوم من الدين بالضرورة كفره، أو أنكر شهادة أن محمداً رسول الله، هذا معلوم من الدين بالضرورة كفره، أو من سب الرسول صلى الله عليه وسلم، هذا معلوم من الدين بالضرورة كفره، لكن هناك ما هو دون ذلك من أصول الدين كمسائل الصفات، مسائل القدر، مسائل الرؤية والشفاعة، مسائل الصحابة وغير ذلك من الأمور التي لا يعلمها العامة.

بل تخفى حتى على بعض من ينتسبون إلى العلم، تخفى عليهم تفصيلاً، وربما يتلفظ بعضهم بلفظ كفر وهو لا يشعر، أو وهو لا يدري، أو لم يتمعن العبارة، فهل هذا يحكم بكفره؟ لا.

إذاً: من أشد الأخطاء التي يقع فيها كثيرون من الذين يتعرضون للحكم على الناس خاصة صغار طلاب العلم، والأحداث منهم الذين لم يتفقهوا في الدين على أهل العلم، إنما أخذوا العلوم، الشرعية عن الكتب والوسائل دون اهتداء، ودون اقتداء، ودون مراعاة للأصول، ولا معرفة بأصول الاستدلال وأصول الأحكام، فهؤلاء يقع بعض منهم في هذه المسائل الخطيرة، وهي عدم التفريق بين الأصول وبين تطبيق الأصول على الجزئيات والحوادث والنوازل.

فأحكام الكفر والتكفير لا تعني تكفير كل شخص يقول بها أو يعملها أو يعتقدها، وأحكام الولاء والبراء لا تعني تطبيق هذا الولاء والبراء على كل من يظهر منهم ذلك حتى التأكد، أقصد بذلك البراء بخاصة، أما الولاء فهو الأصل.

كذلك عدم اعتبار المصالح والمفاسد، أو الجهل بقواعد المصالح والمفاسد في هذا الجانب، وهي أساس كبير من أسس الخطأ في هذا الجانب.

ص: 8