المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تذكر أن الوضوء سيكون علامة مميزة يوم القيامة - دروس للشيخ سعيد بن مسفر - جـ ١٠٦

[سعيد بن مسفر]

فهرس الكتاب

- ‌رسالة إلى مصلٍ

- ‌أهمية الصلاة وموقعها في الدين

- ‌أهمية الخشوع

- ‌علاقة موقف الصلاة بموقف الآخرة أمام الله

- ‌أصناف الناس في الخشوع

- ‌فضل البكاء من خشية الله

- ‌ضرورة استشعار عظمة الله في الصلاة

- ‌الأسباب التي تبذل قبل الصلاة لتحقيق الخشوع فيها

- ‌الترديد خلف المؤذن

- ‌المسارعة إلى الوضوء بعد الأذان

- ‌تذكر أن الوضوء سيكون علامة مميزة يوم القيامة

- ‌الاستعداد للصلاة بالملابس النظيفة وبالرائحة الطيبة

- ‌الحرص على تهيئة المكان الملائم لأداء الصلاة

- ‌الاستعداد لقضاء الضروريات قبل الصلاة

- ‌الأسباب التي تبذل أثناء الصلاة لتحقيق الخشوع فيها

- ‌استقبال القبلة والدنو من السترة

- ‌رفع اليدين إلى حذو المنكبين أو حيال الأذنين

- ‌ذكر دعاء الاستفتاح

- ‌الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم

- ‌التفكر والتدبر في آيات الله المقروءة في الصلاة

- ‌الركوع والسجود باستسلام وخضوع لله

- ‌الأذكار المسنونة عقب الصلاة

- ‌نماذج من خشوع السلف في الصلاة

- ‌رهبة علي بن الحسين من ربه قبل الصلاة

- ‌شدة خوف ابن المنكدر من عاقبة أمره

- ‌شدة تأثر عمر بآيات القرآن

- ‌تقديم عطاء لمناجاة الله على مناجاة الملوك

- ‌صور لعباد يخشون ربهم من فوقهم

الفصل: ‌تذكر أن الوضوء سيكون علامة مميزة يوم القيامة

‌تذكر أن الوضوء سيكون علامة مميزة يوم القيامة

ثالثاً: تذكر أن هذا الوضوء سيكون علامة لك يوم القيامة تعرف بها حينما يحشر الناس من قبورهم، وإذا بأعضائك التي توضأت علامة لك يوم القيامة؛ فاحمد الله بشيء من الغبطة والسرور أن هداك الله ووفقك وجعلك من المتوضئين، فكثير من الناس لا يتوضأ ولا يصلي، وأنت قد اجتباك الله وهداك فهذه من أعظم نعم الله عليك أن هداك ووفقك؛ لأن تكون ممن يتوضأ لتعرف بهذا الوضوء يوم القيامة.

يقول أحد الصحابة: خرج الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المقبرة في يوم من الأيام فسلم على أهلها، وقال:(سلام عليكم أهل دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، وددت أنا قد رأينا إخواننا -يقول للميتين- قال الصحابة: أولسنا إخوانك يا رسول الله؟ قال: أنتم أصحابي، وإخواني قوم لم يأتوا بعد، وأنا فرطكم على الحوض -يقول: أنا أمامكم أنتظركم- قالوا: وكيف تعرف من لم يأت بعد من أمتك يا رسول الله؟! قال: أرأيتم لو أن رجلاً له خيل غُرّ محجلة -غر، يعني: في جبهتها بياضاً، ومحجلة يعني: قوائم أقدامها محجلة- بين ظهري خيل بُهم دُهم ليس فيها محجلة، ولا فيها غرة، ألا يعرف خيله) إذا كانت خيلك غرة ومحجلة بين خيل بهم دهم سوداء ألا تعرف خيلك؟ (قالوا: بلى يا رسول الله، قال: فإنهم يأتون غراً محجلين من أثر الوضوء) يأتي المؤمن أغرّ الجبين، ومحجل في يديه ورجليه من أثر الوضوء (وأنا فرطهم على الحوض، ألا ليذادن رجال عن حوضي -ألا ليذادن، يعني: يمنعون، يأتون وهم غر محجلون لكن يمنعهم مانع- كما يذاد البعير الضال أناديهم: ألا هلم، ألا هلم، فيقال: إنهم قد أحدثوا بعدك، فأقول: سحقاً سحقاً وبعداً بعداً) رواه الإمام مسلم في صحيحه.

وإذا انتهيت من الوضوء فقل -والحديث في صحيح مسلم ورواه الترمذي ولا نحتاج إلى التفصيل إذا قلنا مسلم أو البخاري فهو صحيح؛ إذ لا يوجد كلام أصح بعد كلام الله من البخاري ومسلم - يقول عليه الصلاة والسلام: (ما منكم من أحد يتوضأ فيسبغ الوضوء، ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله؛ إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء) الله أكبر! إلى هنا رواية مسلم وإن زدت فقل: (اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين) الزيادة رواها الترمذي بسند صحيح: (أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين) فإذا فعلت هذا فأنى للشيطان أن يقربك.

كيف يأتيك إبليس وقد رددت مع المؤذن، ودعوت الله بعد الأذان، وسارعت إلى الوضوء، وتذكرت كل هذه المعاني، ثم خرجت إلى المسجد؟ كيف يأتيك إبليس وقد تحصنت بحصون منيعة لا يستطيع أن يصل إليك؟ ولكن لن ييأس وسيحاول الدخول عليك، فتحصن أيضاً بالحصون الآتية إن شاء الله قبل الدخول إلى الصلاة: أولاً: استعد بالسواك -وهذا مهم جداً- والحديث في الصحيحين متفق عليه: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة) استعد بالسواك فإنه من السنن المؤكدة التي تطيب رائحة الفم وتنظف الأسنان؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة) وفي رواية: (عند كل وضوء) والروايتان صحيحتان، ويكسبك هذا قوة ونشاطاً وجمالاً ورائحة ويعلمك التهيؤ للوقوف بين يدي الله تبارك وتعالى.

كما أن السواك له أثر في طرد النوم، خاصة إذا كان سواكاً رطباً، فلا ينبغي أن يكون السواك له في جيبك مدة طويلة؛ لأنه ييبس، ويتلوث، فاستعمله عند الوضوء من أجل إذا انتهيت من الوضوء يكون السواك نظيفاً، ثم بعد أن يمضي يومان أو ثلاثة أو أربعة أيام على هذا السواك وإذا به جاف فترميه وتأخذ غيره؛ لأن الجديد فيه مادة وهي المادة الحارة التي لها أثر في تنظيف الفم وإذابة الأملاح الموجودة على الأسنان ولا مانع من استعمال الفرشاة، ولكن الفرشاة ليست بديلة للسواك فالفرشاة وسيلة تنظيف فقط.

ولهذا يقول الإمام الصنعاني في كتابه سبل السلام في الجزء الأول، يقول:(عجباً لأمة تضيع سنة يقول فيها رسولها أكثر من مائة حديث)، ورد في فضل السواك أكثر من مائة حديث ونضيعها الآن! والشيطان أبدلها الآن بمسواك الدخان، وفعلاً ما رأيت مدخناً معه مسواك -إلا من رحم الله- فتش فلن تلقى مدخناً إلا ومعه مسواك الشيطان؛ لأن الشيطان مخلوق من النار ومسواكه من النار، فأوحى إلى أعوانه وأتباعه أنه لا بد أن تتمسوكوا، بماذا؟ بمسواكه من النار -والعياذ بالله- وبكم؟ باكت واحد بأربعة ريالات كل يوم يدفعها المدخن دون أن يماكس البائع في ثمنها، وأنت مسواكك من هدي الرسول صلى الله عليه وسلم بريال فقط، وكم يكفيك؟ أسبوعاً، من الجمعة إلى الجمعة.

ص: 11