المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌نتيجة التبرج ومسرحية الهلاك - دروس للشيخ سعيد بن مسفر - جـ ٣٥

[سعيد بن مسفر]

فهرس الكتاب

- ‌توجيهات للمرأة المسلمة

- ‌رد دعوى تحرير المرأة

- ‌أهمية المرأة في المجتمع

- ‌المرأة وخطاب الشريعة

- ‌المرأة في الإسلام

- ‌المرأة ومنزلتها عند غير المسلمين

- ‌المرأة عند أهل الإسلام

- ‌حق المرأة في الاستشارة

- ‌إكرام الله للمرأة في الخطاب الشرعي

- ‌إسقاط التكاليف عن المرأة مراعاة لطبيعتها الخَلْقِيَّة

- ‌تقسيم الواجبات والأعمال بين الرجل والمرأة

- ‌حال المرأة بعد انتكاس الفطرة

- ‌تعرية دعوى مساواة المرأة بالرجل

- ‌إكرام الإسلام للمرأة

- ‌هدف الأعداء من الدعوة إلى المساواة بين الرجل والمرأة

- ‌أحكام التبرج والاختلاط

- ‌النهي عن التبرج والاختلاط في كتاب الله

- ‌حكم وضع الحجاب عن القواعد من النساء

- ‌نتيجة التبرج ومسرحية الهلاك

- ‌توجيهات لسعادة الأخت المسلمة

- ‌التبكير بالزواج

- ‌الحرص على اختيار الزوج الكفء

- ‌طاعة الزوج بالمعروف في غير معصية

- ‌المحافظة على الصلاة في أوقاتها

- ‌المحافظة على الأذكار

- ‌الحذر من الغيبة

- ‌عدم الإسراف في الكماليات

- ‌الحرص على عدم تضييع الوقت

- ‌الاتزان والاعتدال في الزيارات للغير

- ‌التحذير من التعلق بالفسقة من أهل الرياضة والفن

- ‌تعلم ضروريات الدين

- ‌البر بأم الزوج

- ‌الإحسان إلى الزوج قبل غيره

- ‌تّذّكُّر لقاء الله والدار الآخرة

الفصل: ‌نتيجة التبرج ومسرحية الهلاك

‌نتيجة التبرج ومسرحية الهلاك

ولعل سائلاً يسأل: ما نتيجة التبرج؟ نتيجته الفساد والإغراق، أن تغرق المجتمعات في الجريمة والعياذ بالله، وللتدليل على ما نقول نورد -أيها الإخوة- مثالين من عالم الواقع في أسباب ما وصلت إليه المرأة -أعني: في بعض المجتمعات- وصلت رسالة تقول صاحبتها: أنا أبلغ من العمر تسعة عشر عاماً -طبعاً في غير هذه البلاد، والحمد لله هذا الكلام ليس في بلادنا- وأدرس في السنة الأولى من الجامعة، وهناك شاب اعتدت أن أراه في ذهابي وعند عودتي من الجامعة، ولأنني حاسرة الرأس عارية الصدر والسيقان والأذرع كان هذا المنظر يشده إلي أكثر، وكان يبادلني التحية والمجاملة، وصادف أن التقينا في مكان عام وطلب مني أن أمشي معه، وطلبني زوجةً له فرضيت، وتقدم لخطبتي، وإثر ذلك حدث بيني وبينه لقاء فقدت فيه بكارتي -يعني: أوقعها في الزنا- بعد أن وعدني بلسانه المعسول أن يتزوج بي، وبعد ذلك اختفى من حياتي وركلني بقدمه، وأرسل إلى أهلي طالباً منهم فسخ الخطبة، وإلى اليوم والحزن لا يفارق قلبي، وأصبحتُ أعيش في سجنٍ مليءٍ بالحسرة واللوعة والأسى والندامة، ولا يمكن أن أنسى ما أصابني من هذا الذئب البشري الضاري الذي أعطيته أغلى ما أملك بل كل شيء وجعلني لا أساوي شيئاً.

ونحن نقول لها: إن هذا ثمرة عدم الشعور بالمراقبة لله عز وجل، فهذه الفتاة لم تصل إلى هذه الحالة المؤسفة إلا بعد أن أباحت لنفسها أن تتبرج وأن تختلط ثم تلتقي بهذا الذئب، ثم تسلمه نفسها من غير خوفٍ ولا مراقبة لله عز وجل.

أما المثال الثاني: شاب جامعي كان يحيا حياةً مليئة بالحب مع حبيبته -كما يقول- ولكن مشكلته بدأت منذ شهور حين تقدم لهذه الحبيبة شاب آخر على جانبٍ من الجمال والثقافة والعلم، فقبلته ووافق أهلها عليه ويقول: ماذا أفعل؟ لقد صدمت، إنني لن أتركها تتزوج بشخص غيري، ولو كلفني ذلك حياتي؛ لأن حياتي لا تساوي شيئاً بعدها.

وهذا بلا شك ثمرة التبرج والاختلاط والعياذ بالله! وإننا نعجب -أيها الإخوة- ممن تقرع سمعه مثل هذه المآسي ثم يستمر في تجاهل أمر الله، وفي حسن الظن بالشيطان فالشيطان له رغبة جامحة في الإغواء والإضلال، ولا يأمر بمعصية واحدة إلا بعد التخطيط لها ورسم خطواتها لأن الله يقول:{وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ} [البقرة:168] فهو يلقي في نفس الفتاة أموراً منها: أن فلاناً الذي يكلمك عبر الهاتف حسن النية، وأن الحديث معه لا مانع منه ما دام الهدف هو الزواج، ثم يخطط للقاء تأكيداً للثقة، وشعارهم:(ماذا فيها إذا التقينا؟ الثقة موجودة)، أنا واثقة من نفسي، وهو يقول: أنا واثق من نفسي، نحن نخاف الله عز وجل، وإذا التقينا ماذا يصير؟ تحترق الدنيا تأكيداً للثقة، وأيضاً منعاً للكلفة وجلباً للألفة، ثم ينتقل الشيطان إلى خطوة هي التبسم معللاً ذلك بعامل الذوق والمجاملة، ليس من المعقول أن تلقى حبيبتك وأنت عبوس.

ثم يستمر الشيطان في خطواته حتى تتلامس الأيدي وتحترق القلوب، فيصرخ الشيطان: المكان غير مناسب، والوقت ضيق، ولا بد من إعداد مكان وتهيئة وقت، وأن أفضل شيء لطرح القضايا هو الانفراد، وتوافق الفتاة، ويقفز الشيطان في المرحلة الأخيرة من أدواره ومسرحيته حين تتم الخلوة فتحصل الفاحشة؛ لأن تكوين الرجل والمرأة لا يسمح بالعواطف فقط ولا بد من وهنا تحصل الكارثة ويوجد العار وتتبدد الكرامة وتبدو الفضيحة ويخرج الرجل من المسرحية منكراً للمرأة سالباً لها شرفها، منكراً أن يكون له أي دورٍ في دمارها، بل يلومها كما يلومها الناس، ويعيرها كما يعيرها الآخرون، ثم يتركها وينفض يده منها لتعاني من آثار الفضيحة والحمل والولادة والإرضاع لطفلٍ حرام، أو الإقدام على قتل هذا الطفل، وهذا جرمٌ أكبر وأكبر!! وتلتصق آثار الفضيحة بالأسرة والأب والأم والإخوة، بل القبيلة بأكملها، ولا تجد بعض الفتيات سبيلاً للخلاص من فضيحتها إلا بالموت لتؤدي آخر دور في مسرحية الهلاك، وتغدو قاتلة لنفسها بالانتحار، وبالتالي إلى النار وبئس القرار، والعياذ بالله! كل هذا سببه الاختلاط والتبرج، وخروج المرأة عن طريق الله، وعدم وقوفها عند حدود الله عز وجل!

ص: 19