المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌بعث الناس يشبه إنبات النبات - دروس للشيخ سعيد بن مسفر - جـ ٦٢

[سعيد بن مسفر]

فهرس الكتاب

- ‌كيف يكون النشور

- ‌لكل شيء صورة وحقيقة

- ‌أمثلة للصورة والحقيقة

- ‌الإيمان له صورة وحقيقة

- ‌صورة الإسلام لا تغني عن حقيقته

- ‌حقيقة الإيمان في أفغانستان هي السبب في هزيمة الروس

- ‌حقيقة الإيمان

- ‌كيف يعرف الشخص حقيقة الإيمان في قلبه

- ‌الإيمان الصادق والإيمان المزيف

- ‌كيف يكون النشور

- ‌معنى البعث والنشور

- ‌نفخة البعث وقيام الكافرين فزعين

- ‌نزول ماء من السماء تنبت منه أجساد العباد

- ‌أدلة البعث والنشور

- ‌بعث الناس يشبه إنبات النبات

- ‌الإعادة أهون من البدء

- ‌الإنسان ينبت من عجب الذنب الذي لا يبلى

- ‌حفظ الله لأجساد الأنبياء

- ‌ما يختلف فيه حال المرء في الدنيا عن الآخرة

- ‌من أحوال البعث والنشور

- ‌أول مبعوث وأول شافع محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌كل الناس يحشرون ولا يفلت أحد من قبضة الله

- ‌بعث جميع المخلوقات حتى السباع

- ‌الأسئلة

- ‌حكم صلاة النساء في مكان لا يرين فيه الإمام ولا من خلفه

- ‌حكم اليمين بالطلاق

- ‌حكم الرضاع الشرعي وعدده

- ‌تحل ملك اليمين لسيدها بدون عقد ولا صداق

- ‌أسباب الخلاف بين الأئمة الأربعة

- ‌حكم الصور الممتهنة التي عمت بها البلوى

- ‌حكم الحركة الكثيرة في الصلاة وأنها تنافي الخشوع

الفصل: ‌بعث الناس يشبه إنبات النبات

‌بعث الناس يشبه إنبات النبات

يقول عز وجل وهو يخبر عن مثال يضربه للناس في قضية الإحياء بعد الموت بالقياس على إحياء الأرض بعد موتها؛ لأن إنباتَ الأجساد يماثل إنبات الأرض إذا نزل الماء عليها، ولذا فإن الله قد أكثر في القرآن الكريم من ضرب المثل للبعث والنشور بإحياء الأرض بالنبات الذي ينبت عقِب نزول الغيث؛ لأنه مساوٍ له، يقول عز وجل:{وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً سُقْنَاهُ} [الأعراف:57] سبحان الله! كيف يسوق الله الغيث؟! السحاب يأتي من هنا، يطلع من البحار، ثم يتخلل إلى السماء، ثم يرسل الله الرياح فتسوقه، ثم يقسِّمه الله على الأرض بحكمة وعدل، يقول الله عز وجل:{يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ} [الشورى:27] أي: ما تنزل قطرة في الأرض إلا بتقدير من السماء، تجد السحب تمر على أبها وتمر على الخميس، وتذهب في وسط الصحراء فتُنَزِّل، لِمَ لَمْ تُنَزِّل هنا؟! لِمَ لَمْ تُنَزِّل في الخميس؟! لِمَ لَمْ تُنَزِّل في أبها؟! مَن الذي أوصلها إلى بيشة؟! مَن الذي أوصلها إلى وادي الدواسر؟! مَن الذي يسوقها؟! إنه الله تبارك وتعالى.

فالله هو الذي قال: {وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ} [الشورى:28].

فيقول عز وجل: {حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [الأعراف:57] كما أحيينا الأرض بعد موتها نحيي الناس بعد موتهم.

أنت الآن عندما تأتي إلى شجرة بعد المطر، كانت غبراء والأرض كانت غبراء؛ ولكن بعد نزول الغيث وبعد أسبوع أو أسبوعين فتأتي وإذا بالأرض خضراء، وقد نبتت من تحت الشجرة زهور حمراء وزرقاء وخضراء وصفراء، ونباتات ملونة، يقول الله عز وجل:{فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ} [الحج:5] فأين كانت هذه البذور؟! في الأرض موجودة، ولماذا لم تنبت؟! لأنه ليس هناك ماء، فلما جاء الماء طلعت.

إذاً: بذور البشر الآن الذين قد ماتوا من آدم إلى يومنا، أين هي الآن بذورهم؟! موجودة في الأرض، لماذا لا ينبتون؟! لأنه لا يوجد ماء ينبتهم، إذا جاء ماؤهم من السماء نبتوا سواءً بسواء.

ويقول عز وجل: {وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ} [فاطر:9] أي: كذلك البعث.

ويقول عز وجل: {وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكاً فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ * وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ * رِزْقاً لِلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذَلِكَ الْخُرُوجُ} [ق:9 - 11] أي: كذلك البعث يوم القيامة.

ويقول عز وجل: {اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ * وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ * فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى} [الروم:48 - 50] الذي أحيا الأرض بعد موتها إنه لمحيي الموتى {وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الروم:50].

ص: 15