المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تلاوة القرآن الكريم أعظم وسائل الثبات على دين الله - دروس للشيخ سعيد بن مسفر - جـ ٧٢

[سعيد بن مسفر]

فهرس الكتاب

- ‌وسائل الثبات على دين الله [1،2]

- ‌أسباب التذبذب في دين الله وعدم الثبات

- ‌تعلق ظاهرة التذبذب بحسن الخاتمة

- ‌تعلق ظاهرة التذبذب بالقلوب التي هي ميدان السباق

- ‌كثرة الثقافات والأفكار الغربية الهدامة

- ‌أقسام الظلم

- ‌ظلم العبد لنفسه

- ‌ظلم العبد لغيره

- ‌ظلم العبد لربه

- ‌من وسائل الثبات على دين الله: تلاوة القرآن الكريم والعمل به

- ‌القرآن الكريم لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه

- ‌تلاوة القرآن الكريم أعظم وسائل الثبات على دين الله

- ‌القرآن الكريم شفاء ودواء للقلوب

- ‌مآخذ تحقيق وسيلة الثبات بالقرآن الكريم

- ‌المأخذ الأول: التلقي الصحيح على أيدي أهل العلم

- ‌المأخذ الثاني: أخذ القرآن بنية العمل

- ‌من وسائل الثبات فعل أوامر الله واجتناب نواهيه

- ‌من وسائل الثبات: دراسة في قصص الأنبياء

- ‌أخذ العظة والعبرة من قصة يوسف عليه السلام

- ‌أخذ العظة والعبرة من قصة نوح عليه السلام

- ‌من وسائل الثبات: الحرص على التربية الإسلامية العملية الجادة

- ‌من وسائل الثبات: الحرص على سلوك منهج أهل السنة والجماعة

- ‌من وسائل الثبات: كثرة ذكر الله عز وجل

- ‌من وسائل الثبات: كثرة الدعاء والابتهال إلى الله

- ‌من وسائل الثبات: الثقة الكاملة المطلقة بأنك على الطريق الصحيح

- ‌من وسائل الثبات الالتفاف والمجالسة والاحتكاك بالمثبتين على دين الله

- ‌من وسائل الثبات الثقة بأن النصر والعاقبة لدين الله وعباده المتقين

- ‌من وسائل الثبات: معرفة الباطل

- ‌من وسائل الثبات الصبر

- ‌الأسئلة

- ‌أهمية التربية الجادة

- ‌حكم الاستمناء باليد وطرق التخلص منه

- ‌نصيحة لمن وجد في نفسه زيغ وصدود وعدم قبول للنصيحة

- ‌نصيحة لمن لا يقرأ القرآن

- ‌علاج الرياء والغرور

- ‌حكم الجلوس عند أناس يستمعون الأغاني

الفصل: ‌تلاوة القرآن الكريم أعظم وسائل الثبات على دين الله

‌تلاوة القرآن الكريم أعظم وسائل الثبات على دين الله

ثانياً: أن الله نص في القرآن على أن أعظم وسيلة للتثبيت هي تلاوة القرآن، فقال تبارك وتعالى في سورة الفرقان:{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً} [الفرقان:32] قال الله: {كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ} [الفرقان:32] نثبت بهذا القرآن قلبك، نثبت إيمانك ودينك في قلبك:{كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً} [الفرقان:32] ثم قال: {وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ} [الفرقان:33] يعني: بالقرآن {وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً} [الفرقان:33].

ما من شبهة ولا باطل ولا زيغ ولا انحراف إلا وقد جاء التفسير والدحض والتكذيب والرد له في كتاب الله تبارك وتعالى، حججهم كلها باهتة وداحضة ومردودة بأنوار القرآن؛ لأنه نور، وهؤلاء الذين يوردون هذه الشبهات أو هذه الضلالات كمن يريد أن يطفئ نور الشمس بفمه، ولهذا يقول الله عز وجل:{يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ} [الصف:8] بماذا؟! {بِأَفْوَاهِهِمْ} [الصف:8] والتعبير (بأفواههم) فيه مزيد من التهكم، والسخرية، والاستصغار، والاستهزاء بهم، فإن الذي يطفئ نور الشمس بفمه هل يستطيع؟ لا يستطيع، لو أراد أن يطفئ نور الشمس بكل ما في الأرض من وسائل وليس بفمه فقط لا يستطيع، فكيف وهو يريد أن يطفئ بوسيلة إطفاء بسيطة لا تستطيع أن تطفئ شمعة على بُعْد مترين؟! الآن لو أن شمعة بسيطة على بعد مترين تريد أن تنفخها من هنا، هل ستطفئها وهي هناك؟! لا تنطفئ؛ لأنها بعيدة، وإذا قربت منها على بعد متر، وقمت لتنفخ فلن تستطيع، إلا إذا قربت منها على بُعد [10] سنتيمترات ونفختها ربما تنطفئ، وهي شمعة، فكيف بنور الله تبارك وتعالى الذي أنار به العالمين وهو القرآن الكريم!! يقول الله عز وجل:{قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ} [المائدة:15].

ويقول: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الْأِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ} [الشورى:52 - 53].

فالقرآن نور، وأيضاً مثبت؛ لأنه لا يأتيه الباطل.

وبالاستقراء -أيها الإخوة- وبالمشاهَدة في حياة الناس ما علمنا والله أن رجلاً اعتصم بكتاب الله، وداوم على تلاوته ولاذَ بِجَناب الله عن طريق التقرب إلى الله بالقرآن، أنه ضل أو انحرف.

وبالاستقراء أيضاً علمنا ولَمَسنا وشاهدنا كثيراً ممن كان قد اهتدى، ما إن أعرض عن القرآن وهجره ونسيه حتى أضله الله، ولو أنه بقي معتصماً بكتاب الله مستمسكاً به لحفظه الله وثبَّته؛ لأن الله يقول:{فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ} [الزخرف:43] و (استمسك) فعل سداسي ما قال: (امسك) من الرباعي، لا والله، ما أرسل الله رسولاً إلا وأمَرَه بدعوة الناس إلى توحيد الله تبارك وتعالى، فالقرآن هو خير وسيلة للثبات على دين الله، ومن رحمة الله تبارك وتعالى أن دلنا على هذه الوسيلة العظيمة وهي من أيسر الوسائل، فالقرآن الكريم يقول الله تعالى فيه:{لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} [الحشر:21] لو خوطبت الجبالُ الرواسي الشُّمُّ بالقرآن، لخشعت وتصدعت، لكن الله خاطبنا بالقرآن ويسَّره لنا، حتى أننا أصبحنا نقرؤه وهو كلام المولى تبارك وتعالى، يقول الله فيه:{وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} [القمر:17]؟! هل من معتبر؟! هل من مقدر لهذه النعمة؟! أي شيء أعظم -يا أخي المسلم- من أن يجعل الله عز وجل كلامه يجري على لسانك، فتتكلم بكلام الله أي تكريم أعظم من هذا التكريم؟! لا إله إلا الله! والله ما بعده تكريم، أن يُنزل الله عليك كلاماً من كلامه، تتحدث به أنت بلسانك، فهذه إمكانية سهلة ويسيرة، ونتائجها عظيمة من أن الله يثبتك.

لكن يوم أن تعرض عن الله وعن كلامه، ولا تريد أن تقرأ كلام الله، فهذا دليل على عدم محبتك لله عز وجل؛ لأن من أحب شيئاً أكثر من ذكره، فهذه خير وسيلة.

ص: 12