المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌هيئة قدوم المجرم على ربه - دروس للشيخ سعيد بن مسفر - جـ ٧٣

[سعيد بن مسفر]

فهرس الكتاب

- ‌وكلهم آتيه يوم القيامة فرداً

- ‌معنى قوله تعالى: (وكلهم آتيه يوم القيامة فرداً)

- ‌هيئة قدوم المجرم على ربه

- ‌هيئة قدوم قاتل النفس على ربه

- ‌هيئة قدوم الزاني على ربه

- ‌هيئة قدوم السارق ومروج المخدرات على ربه

- ‌هيئة قدوم تارك الصلاة على ربه

- ‌هيئة قدوم المستهزئ بأولياء الله على ربه

- ‌صفة جهنم وما أعد الله فيها للمجرمين

- ‌هيئة قدوم المرء المؤمن على الله

- ‌حقائق الإيمان عند أهل السنة

- ‌مقتضيات العمل الصالح

- ‌صفة الجنة وما أعد الله فيها لعباده

- ‌لا يدخل أحد الجنة بعمله

- ‌هيئة قدوم صاحب القلب السليم

- ‌كيفية سلامة القلب وعلاماته

- ‌هيئة قدوم أهل الغلول على الله عز وجل

- ‌ماهية الغلول

- ‌صور من الغلول المغلف

- ‌الأسئلة

- ‌مذهب أهل السنة في أهل الكبائر

- ‌الاستمرار في النصيحة لأهل الصغائر والكبائر

- ‌مجاهدة النفس والشيطان في ترك المعاصي

- ‌أثر المعاصي في الإيمان

- ‌حكم نداء الشخص الملتزم بلقب (مطوع)

- ‌خطر السحر والسحرة وضرورة الرقى الشرعية

الفصل: ‌هيئة قدوم المجرم على ربه

‌هيئة قدوم المجرم على ربه

ذكر ربنا عز وجل هيئات للقدوم عليه سبحانه وتعالى: الهيئة الأولى: أن تأتي إلى الله مؤمناً يقول عز وجل: {وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى} [طه:75] أي: في الجنة.

الهيئة الثانية: أن تأتي إلى الله مجرماً يقول الله عز وجل: {إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَى * وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ} [طه:74 - 75] لا يوجد إلا إتيانين على هيئتين، إما إيمان وعمل صالح، أو إجرام، وكلمة إجرام عامة، يدخل فيها الكافر، والمنافق، والفاسق، كل من ليس عنده إيمان وعمل صالح يصنف مع الفريق هذا الذي يدخل النار.

{إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ} [طه:75] وفي كلمة (ربه) هنا نوع من الإشارة إلى أنه ما دام ربك فلماذا تأتي إليه وأنت مجرم؟! ربك الذي خلقك وأوجدك من العدم، ربك الذي رباك بالنعم وفضله وإنعامه عليك كيف تعصيه؟ كيف تقدم عليه وأنت مجرم؟! ربك صاحب الفضل عليك الذي خلقك من العدم ويخلقك في بطن أمك خلقاً من بعد خلقٍ في ظلمات ثلاث، فأبوك يضعك نطفة وأمك تستقبلك شهوة، ثم يخلط الله بين ماء الرجل وماء المرأة، ثم يتعهد الله هذه النطفة بتلك المراحل من الأطوار الخلقية أربعين يوماً نطفة، ثم أربعين يوماً علقة، ثم أربعين يوماً مضغة، ثم بعد المضغة تصير عظاماً، ثم يكسو الله العظام لحماً، ثم ينشأه الله خلقاً آخر فتبارك الله أحسن الخالقين! فأنت في بطن أمك لا أحد يعلم عنك إلا الله: (هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ} [النجم:32] يجري لك الله عز وجل في بطن أمك الغذاء، والهواء، وجميع الإمكانات التي تريدها، ويزودك بكل الأعضاء التي تحتاجها، يجعل لك أقداماً في البطن وأنت لا تسير في البطن لكن من أجل أنك عندما تخرج إلى دنيا تحتاج فيها إلى الأقدام، ويجعل الله في رأسك عيوناً وأنت لا ترى في البطن؛ لكن لأن الله يعلم أنك سوف تخرج إلى الدنيا وتحتاج إلى البصر، يجعل الله لك أيدي، وبعد ذلك إذا جئت إلى الدنيا، الله يربيك {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} [النحل:53] فما دام هو الخالق والمربي والمنعم فكيف تأتيه وأنت مجرم؟ {إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً} [طه:74] كلمة مجرم مفهومها عند الناس مفهوم محدود، بينما هي في الشرع لها مفهوم أوسع، مفهوم الإجرام عند الناس أنها القتل، والسرقة، والزنا، وترويج المخدرات، وقطع السبل، وهذا لا شك إجرام.

ص: 3