المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المستقبل لهذا الدين - دروس للشيخ سفر الحوالي - جـ ١٧

[سفر الحوالي]

الفصل: ‌المستقبل لهذا الدين

‌المستقبل لهذا الدين

الحمد لله الذي كتب العز والنصر والتوفيق لمن أطاعه واتقاه، وكتب الذل والخزي والعار على من خالف أمره وعصاه، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد القائل:{بعثت بالسيف بين يدي الساعة حتى يعبد الله وحده لا شريك له، وجعل رزقي تحت ظل رمحي، وكتب الذل والصغار على من خالف أمري، ومن تشبه بقوم فهو منهم} وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد: إن الأحداث التي تعيشها الأمة الإسلامية هي ملء السمع والبصر، وإنها لأحداث ينطبق عليها قول رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في الحديث الصحيح حديث زينب بنت جحش رضي الله عنها لما ذكرت أنه قام صلى الله عليه وسلم فزعاً محمر الوجه من نومه ذات يوم وهو يقول:{لا إله إلا الله، ويل للعرب من شر قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه، وحلق بإصبعيه السبابة والوسطى} .

إنها لفتنة عظيمة، وسوف نبين -إن شاء الله- من خلال هذا الموضوع ما يجب على هذه الأمة حيال أسباب النصر المستنبطة من كتاب ربنا ومن سنة نبينا صلى الله عليه وسلم الذي ما من خير إلا وقد دلنا عليه، وما من شر إلا وقد حذرنا منه إلى قيام الساعة، فصلى الله وسلم وبارك عليه، فهو نبي الرحمة ونبي الملحمة، جاء بهذه وهذه، ودلنا على الخير كله، ونهانا عن الشر كله، وما أصابنا من خير فمن الله وباتباع سنته صلى الله عليه وسلم، وما أصابنا من شر فمن أنفسنا وبمخالفتنا لأمره وسنته صلى الله عليه وسلم.

إن النصر للإسلام، وإن المستقبل لهذا الدين بإذن الله سبحانه وتعالى، وإن الله قد وعد عباده المؤمنين بالنصر، كما قال تعالى:{إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ} [غافر:52] وقال: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحج:40] وقال: {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} [الحج:41].

فالنصر -بإذن الله- والمستقبل للإسلام، وما هذه المحنة إلا حلقة من محن كثيرة ومصائب كبيرة يحفل بها تأريخنا الإسلامي، فأي صفحة من تأريخنا ليس فيها وقائع ومعارك وأعداء يتكالبون؟! أي صفحة من تأريخنا ليس فيها دماء وفتن ومصائب؟! وهذا هو قدر هذه الأمة، وهذا هو ما أراده الله تبارك وتعالى لها، وهذه سنة الله عز وجل فيها، فيبلوها ويبتلي بها.

فهذه هي إرادة الله في الدنيا كلها قال تعالى: {وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ} [البقرة:251]{وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً} [الحج:40]

ص: 2