المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ابتلاء هذه الأمة بالفرقة والاختلاف - دروس للشيخ سفر الحوالي - جـ ٦٣

[سفر الحوالي]

الفصل: ‌ابتلاء هذه الأمة بالفرقة والاختلاف

‌ابتلاء هذه الأمة بالفرقة والاختلاف

إن الله سبحانه وتعالى كرم هذه الأمة، فهي أمة مكرمة مفضلة؛ لكنها لابد أن تأخذ عقوبتها إذا عصت الله، وإن كانت عقوبتها أخف من غيرها، تكريماً لها وتشريفاً لمحمد صلى الله عليه وسلم، واستجابة لدعائه، {لمَّا قال سبحانه:{قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ} [الأنعام:65] قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَعُوذُ بِوَجْهِكَ قَالَ: {أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} [الأنعام:65] فقَالَ: أَعُوذُ بِوَجْهِك، فقال الله:{أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ} [الأنعام:65] فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: هاتان أَهْوَنُ -أَوْ قال- صلى الله عليه وسلم: هَذَا أَيْسَر} رواه البخاري والترمذي وأحمد.

وعن عامر بن سعد عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَقْبَلَ ذَاتَ يَوْمٍ مِنْ الْعَالِيَةِ، حَتَّى إِذَا مَرَّ بِمَسْجِدِ بَنِي مُعَاوِيَةَ دَخَلَ فَرَكَعَ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ، وَصَلَّيْنَا مَعَهُ، وَدَعَا رَبَّهُ طَوِيلًا، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَيْنَا فَقَال صلى الله عليه وسلم:{سَأَلْتُ رَبِّي ثَلَاثًا فَأَعْطَانِي اثِنْتَيْنِ وَمَنَعَنِي وَاحِدَةً، سَأَلْتُ رَبِّي أَنْ لَا يُهْلِكَ أُمَّتِي بِالسَّنَةِ فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلْتُهُ أَنْ لَا يُهْلِكَ أُمَّتِي بِالْغَرَقِ فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلْتُهُ أَنْ لَا يَجْعَلَ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ فَمَنَعَنِيهَا} رواه مسلم وأحمد.

أي: أعطاه ألا يهلك أمته بعذاب من فوقهم، ولا من تحت أرجلهم؛ ومنعه مشكلة الفرقة والاختلاف في الرأي، وفي الاجتهادات.

أقول: بالنسبة للعمل: فأنت ترى أن إنكار المنكر يكون بهذه الطريقة، ورئيسك المباشر قد يرى غير ذلك، والرئيس الذي أعلى منه قد يرى خلاف ذلك، فالمفتش له رأي، والرئيس العام -أحياناً- يكون له رأي وهكذا، وأنتم كلكم ليس لكم غرض إلا إنكار المنكر، لكن الفرقة تدب، ثم يجعلها الشيطان مشكلة، ثم يجعلها أحزاباً وخصومات وأحرص ما يحرص عليه الشيطان: أن يوقع الفتنة والعداوة بين الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، وبين العلماء وبين الدعاة، وهذا هو مكسب الشيطان.

إن الشيطان لا يريد أن يوقع العداوة بين من يشربون الخمر -مع أن شرب الخمر من ضروراته حصول العداوة- أو من يلعبون القمار والميسر إلخ.

لكن الشيطان أحرص ما يكون على هذه الحالقة؛ كما جاء عن الزبير بن العوام قال: قال صلى الله عليه وسلم: {دَبَّ إِلَيْكُمْ دَاءُ الْأُمَمِ قَبْلَكُمْ: الْحَسَدُ وَالْبَغْضَاءُ، هِيَ الْحَالِقَةُ لَا أَقُولُ تَحْلِقُ الشَّعَرَ، وَلَكِنْ تَحْلِقُ الدِّينَ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَفَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِمَا يُثَبِّتُ ذَاكُمْ لَكُمْ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ} رواه الترمذي وأحمد، فالفرقة والخصومة والنزاعات بين الإخوة العاملين في مجال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مشكلة كبيرة جداً؛ فلو تخلص الإنسان من مشكلة النفس وهواها وهوى جنسها، ومشكلة الأهل؛ فقل أن يسلم من مشكلة العمل وسيره والخلافات فيه.

ص: 6