المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الخوارج والصوفية شابهوا النصارى - دروس للشيخ سفر الحوالي - جـ ٨٩

[سفر الحوالي]

فهرس الكتاب

- ‌الدين اتباع وليس ابتداعاً

- ‌أهمية حلقات الذكر

- ‌الدين اتباع وليس ابتداعاً

- ‌الأمر بالاتباع وعدم الابتداع في الوصية الخاتمة

- ‌سورة الفاتحة وما تضمنته من بيان حقيقة الاتباع

- ‌الابتداع هو أصل ضلال البشرية

- ‌أول ضلال وشرك وقعت فيه البشرية

- ‌النية الصالحة وحدها لا تكفي في صلاح العمل

- ‌أصل الضلال هم اليهود والنصارى

- ‌صور من ضلال اليهود

- ‌أهل الكلام شابهوا اليهود في الضلال

- ‌الخوارج والصوفية شابهوا النصارى

- ‌الصوفية جمعوا بين نوعي الضلالة

- ‌قبول الأعمال

- ‌عبادة الأحبار والرهبان من دون الله

- ‌خطورة الابتداع في دين الله

- ‌الشرك وبداية ظهوره في بلاد العرب

- ‌نصيحة للأمة

- ‌الأسئلة

- ‌موقف الإسلام من أهل البدع

- ‌الرد على من زعم أن عمر بن الخطاب ابتدع صلاة التراويح

- ‌ضابط البدعة

- ‌حكم صلاة التسابيح

- ‌حكم قراءة القرآن على الأموات

- ‌حكم التسبيح بالمسبحة

- ‌البدع كلها سيئة

- ‌حكم التداوي بكتابة القرآن على ورق وشرب مائها

- ‌الدعاء يرد القضاء

- ‌حكم من يقول عند قراءة الإمام (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) استعنا بالله

- ‌وجوب العدل بين الزوجات

الفصل: ‌الخوارج والصوفية شابهوا النصارى

‌الخوارج والصوفية شابهوا النصارى

لقد وجد في هذه الأمة نموذج الضلال الذين عبدوا الله على جهل، وإن كانوا يريدون الحق، ومنهم الخوارج، ولما دخل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الكرام - أبو سعيد وابن عباس - إلى معسكرهم خشعت قلوبهم من كثرة ما سمعوا من أنين الخوارج بالقرآن، يتهجدون بالقرآن كلهم، وفي جباههم وأيديهم مثل الثفنة التي تكون في ركبة البعير من كثرة العبادة والاجتهاد، ولكن هل نفعهم ذلك شيئاً؟ النبي صلى الله عليه وسلم يقول:{لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عادٍ وثمود} وقد قاتلهم أصحابه صلى الله عليه وسلم حتى قتلوا منهم قرابة أربعة آلاف في معركة واحدة، وأجمع الصحابة رضوان الله تعالى عليهم وهم أعلم الناس بدين الله على قتال الخوارج، يقاتلون أناساً هذه حالهم، كما قال صلى الله عليه وسلم:{تحقرون عبادتكم إلى عبادتهم وقراءتكم إلى قراءتهم} يقاتلوهم وهم بهذه الحال؛ لأن هذه العبادة وهذه القراءة على ضلال وجهل بالدين؛ فهم بهذه الحال مثل رهبان النصارى.

والفرق الأخرى التي وجدت كانت أيضاً بتأثير مباشر من الأمتين أمة الغضب وأمة الضلالة، عافانا الله وإياكم منهما! وهدانا إلى الصراط المستقيم.

عندما قال أهل الكلام: إن المرجع في الدين ليس كتاب الله ولا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما هو العقل، جاء أناس آخرون، وقالوا: ليس المرجع العقل، بل المرجع الكشف الذي يقع في القلوب، علم المكاشفة، والعلم اللدني.

ما هو العلم اللدني؟ وما هي المكاشفة؟ قالوا: نتيجة الذكر، والعبادة، والسهر يوحى إليك في المنام، ويلقى إليك كلام في قلبك فتعلم أن هذا هو الصراط المستقيم، وهذا هو الصحيح، وهذا هو الدين فتتبعه.

الواحد من أئمتهم يقول: أُلقي في قلبي أن نعمل الذكر الفلاني، فُيسأل كم مرة يا شيخ؟ قال: عشرة آلاف مرة، فإذا قيل له: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: بعد الصلاة سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر مائة مرة، قال: لا، بل عشرة آلاف مرة، ثم إن الشيخ يلقى إليه في وقت آخر أذكار ليست باللغة العربية أصلاً، ثم إذا جاء عنده المريض كتب له حجاباً، وقال له: علقه على صدرك، ولو فتحت الحجاب لرأيت مربعات ومثلثات، وكلمات ليست عربية.

ما هذا؟ أي علم هذا؟ قالوا: هذا من العلم اللدني، ومن الكشف، وإن سألتهم عن القرآن والسنة، قالوا: هذا العلم الظاهر، فهم يسمون الكتاب والسنة بالعلم الظاهر، فالعوام الذين يقرءون القرآن يمشون على الظاهر، أما أرباب الحقائق وأرباب المكاشفات (الأولياء) فهؤلاء يتبعون العلم اللدني، والعلم الكشفي.

وإذا قلت لهم: هذا الحديث ضعيف، أو موضوع، مثل أحاديث فضائل رجب، وأحاديث زيارة النبي صلى الله عليه وسلم:{من حج ولم يزرني فقد جفاني} ، {من زارني وجبت له شفاعتي} وأحاديث كثيرة موضوعة، قالوا: هذا الحديث وإن قال علماء الجرح والتعديل أنه موضوع، لكن صححه الأئمة والأقطاب عن طريق الكشف.

إذاً عندنا معيار آخر نصحح به الأحاديث ونضعفها، وهو طريق الكشف، كل واحد يأتينا بكشف غير الآخر؛ لأن هؤلاء شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غروراً، وكل شيطان يكاشف وليه من شياطين الإنس بما لم يكاشف به الشيطان الآخر، فتكثر الضلالات، والبدع، وتكثر الطرق.

كم طريقة اليوم في العالم الإسلامي؟ كثيرة جداً، وكل طريقة تتفرع إلى طرق، الطريقة القادرية هي أكبر الطرق، والقادرية عدة طرق، كل شيخ يشقق الطريقة إلى طرق، والله عز وجل يقول:{وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً} [الأنعام:153] فهو صراط واحد فقط وقال: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة:6] وقال: {فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ} [الأنعام:153] لا تتبعوا هذه الطرق، وهذه الطرق هي السبل، وهي التي لما رسم النبي صلى الله عليه وسلم الخط المستقيم، رسم خطوطاً على يمينه وعلى شماله، فـ الخوارج وأئمة الصوفية وكل من عبد الله سبحانه وتعالى بالجهل وتعبده بالبدعة -وإن جاهد وقاتل وصام وإن صلّى وإن زعم الولاية- هؤلاء أعمالهم باطلة وليسوا على الصراط المستقيم.

ص: 12