المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌قبول الأعمال فما هو العمل الذي يقبله الله؟ وما هو الدين - دروس للشيخ سفر الحوالي - جـ ٨٩

[سفر الحوالي]

فهرس الكتاب

- ‌الدين اتباع وليس ابتداعاً

- ‌أهمية حلقات الذكر

- ‌الدين اتباع وليس ابتداعاً

- ‌الأمر بالاتباع وعدم الابتداع في الوصية الخاتمة

- ‌سورة الفاتحة وما تضمنته من بيان حقيقة الاتباع

- ‌الابتداع هو أصل ضلال البشرية

- ‌أول ضلال وشرك وقعت فيه البشرية

- ‌النية الصالحة وحدها لا تكفي في صلاح العمل

- ‌أصل الضلال هم اليهود والنصارى

- ‌صور من ضلال اليهود

- ‌أهل الكلام شابهوا اليهود في الضلال

- ‌الخوارج والصوفية شابهوا النصارى

- ‌الصوفية جمعوا بين نوعي الضلالة

- ‌قبول الأعمال

- ‌عبادة الأحبار والرهبان من دون الله

- ‌خطورة الابتداع في دين الله

- ‌الشرك وبداية ظهوره في بلاد العرب

- ‌نصيحة للأمة

- ‌الأسئلة

- ‌موقف الإسلام من أهل البدع

- ‌الرد على من زعم أن عمر بن الخطاب ابتدع صلاة التراويح

- ‌ضابط البدعة

- ‌حكم صلاة التسابيح

- ‌حكم قراءة القرآن على الأموات

- ‌حكم التسبيح بالمسبحة

- ‌البدع كلها سيئة

- ‌حكم التداوي بكتابة القرآن على ورق وشرب مائها

- ‌الدعاء يرد القضاء

- ‌حكم من يقول عند قراءة الإمام (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) استعنا بالله

- ‌وجوب العدل بين الزوجات

الفصل: ‌ ‌قبول الأعمال فما هو العمل الذي يقبله الله؟ وما هو الدين

‌قبول الأعمال

فما هو العمل الذي يقبله الله؟ وما هو الدين الذي يرضاه الله سبحانه وتعالى؟ قال تعالى: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً} [الكهف:110]، شرطان للعمل لكي يتقبله الله سبحانه وتعالى، وكما تعلمون حال الأمة، وكل منا أعلم بحال نفسه، مقصرون في طاعة الله سبحانه وتعالى، فكلنا نرجو فضل الله، ونرجو مغفرة الله، ونرجو عفوه، فيا لله العجب! إذا كنا في الطاعات مقصرين فكيف نجتهد في الابتداع؟! كيف نجتهد في البدعة ونحن ما قمنا بإتمام الطاعة؟ ما أدينا الواجبات المفروضة والطاعات التي يقول الله سبحانه وتعالى عنها في الحديث القدسي:{وما تقرب إلي عبدي بشيءٍ أحب إلي مما افترضته عليه} فأحب شيء إلى الله ما افترضه الله، الصلوات الخمس، الصوم، الحج، العمرة، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، هذا أحب شيء يتقرب به إلى الله، الأمة التي لم تقم بالواجب الذي فرضه الله عليها، كيف تجتهد في إقامة البدع، وتستحدث في الدين؟! هل أكملت الواجبات ثم المندوبات حتى تفكر فيما بعد ذلك؟ لن يستطيع أحدٌ ذلك؛ لأن الدين أعظم وأوسع، فما تقرب العبد إلى الله عز وجل بشيء أحب إليه مما افترضه عليه.

فمن أراد أن يدل الناس على طريق الخير، ويدعوهم إلى الله، ويذكرهم بالله، وباتباع النبي صلى الله عليه وسلم، وبمحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فليبدأ بتذكير الناس وبدعوتهم بما افترض الله تبارك وتعالى عليهم، افترض علينا التوحيد، وهو أعظم واجب، فنبدأ بتعليم الناس التوحيد ودعوتهم إليه، ثم الصلوات الخمس، ثم ترك الفواحش والمنكرات والكبائر الواضحة: كالزنا، والسرقة، وشرب الخمر، والخيانة، والغيبة، والنميمة، وشهادة الزور، وقطيعة الأرحام، وهي محرمات ظاهرة، ومع ذلك متفشية في مجتمعاتنا وموجودة.

فالغفلة موجودة عن أداء الواجبات والتزام الطاعات، ثم نريد أن نعمل من البدع: موالد أو رجبيات أو شعبانيات، كل هذا لم يشرعه الله سبحانه وتعالى، من أين أتيتم بهذا؟ هل جاءت في كتاب الله؟ هل جاءت في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ لو أنها شرعت، ولو أنها في كتاب الله وسنة رسوله، لما جاز لنا أن نقدمها على ما أمر الله تعالى أن نقدمه، وهو التوحيد والأركان الخمسة، فكيف -وهي لم تشرع- تقدَّم وتعلَّم، ويترك الأصل العظيم، الأصل الذي ينجو به العبد بين يدي الله سبحانه وتعالى! وهو التوحيد.

توحيد الله سبحانه وتعالى، هو تجريد هذه القلوب لطاعة الله سبحانه وتعالى، فلا يسأل إلا الله، ولا يستغاث إلا بالله، ولا يستعان إلا بالله، ولا يتوسل إلى الله إلا بما شرع الله، والله تعالى يقول:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ} [المائدة:35] فكل مؤمن وكل مسلم مطالب بأن يبتغي إلى الله الوسيلة، وأن يتقرب إلى ربه سبحانه وتعالى، فبماذا يُتقرب إلى الله؟ قال صلى الله عليه وسلم:{وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، وما يزال يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه} .

نبدأ بالواجبات، ثم ننتقل بعد ذلك إلى النوافل؛ بالشرطين السابقين، هذه هي الوسيلة، وما أعظم باب الوسيلة في ديننا! الكلمة الطيبة صدقة، كل تهليلةٍ صدقة، كل تحميدةٍ صدقة، كف الإنسان لسانه عن الشر صدقة ووسائل إلى الله سبحانه وتعالى كثيرة! كل هذه هي الوسيلة، وهي القربة التي يُتقرب بها إلى الله سبحانه وتعالى.

فلابد في العمل الصالح من شرطين: الأول: أن يكون العمل خالصاً لوجه الله سبحانه وتعالى، فإذا لم يكن العمل خالصاً لوجه الله سبحانه وتعالى فإنه لا يقبله، كإنسان يريد الدنيا بعمله، يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي الذي يرويه عن ربه عز وجل:{من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشركه} وقال: {أنا أغنى الأغنياء عن الشرك من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري فهو للذي أشرك} لماذا تشرك بالله سبحانه وتعالى وهو غني عن جميع الأعمال التي تعملها؟! حالك مثل من يهدي إلى تاجر غني -والله هو الغني وله المثل الأعلى- هدية، ويقول: هذا لك، واعط فلاناً منها قليلاً، فيقول لك: اعطها كلها لفلان فأنا لست محتاجاً لها، فكيف والله سبحانه وتعالى الغني العظيم سبحانه وتعالى الذي يقول:{يا عبادي لو أن أولكم وآخركم، وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئاً، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم، وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئاً} {وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ} [محمد:38] سبحانه وتعالى، فيجب أن يكون العمل خالصاً لوجه الله.

والشرط الثاني: أن يكون صواباً وفق سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كيف يكون العمل صواباً، وبماذا؟ بالعلم {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [الأنبياء:7] بعض الناس يصلي عمره خمسين سنة، لكن لو أتينا ونظرنا إلى هذه الصلاة هل هي كما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهل هي كما قال:{صلوا كما رأيتموني أصلي} ؟ فلذلك فإنها لا تقبل.

ص: 14