المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌السعادة معنوية أكثر منها حسية - دروس للشيخ سفر الحوالي - جـ ٩٩

[سفر الحوالي]

فهرس الكتاب

- ‌أثر الإيمان في بناء الأمم

- ‌أهمية الإيمان وأثره في واقع الحياة

- ‌واقع إيماننا وارتباطه بالمادة

- ‌التكافل الاجتماعي في الإسلام مرتبط بالإيمان

- ‌الاهتمام بالمادة دون الإيمان سبب في زوال الأمم

- ‌عدم الإيمان سبب زوال الأمم السابقة

- ‌أثر الإيمان في حياة الرسول والصحابة

- ‌الإيمان سبب في الحياة الطيبة

- ‌حال بني إسرائيل في ظل فرعون

- ‌قيمة الإيمان والمادة وأثرها في واقع الحياة

- ‌أحوال الأمة اليوم مع الإيمان والمادة

- ‌السبب في عدم نزول عقاب الله على دول الكفر

- ‌تحمل هذه الأمة لمسئولية نشر الإسلام

- ‌كيف نحقق النصر؟ وما هي أسبابه

- ‌الأسئلة

- ‌الحداثة وخطرها على المؤمن

- ‌السعادة معنوية أكثر منها حسية

- ‌أثر الفرد في بناء الأمة

- ‌حب الدنيا معناه وضعها في القلب لا في اليد

- ‌زيادة الإيمان ونقصانه

- ‌الرد على قول الصوفية (أن حياة القبور تشابه الحياة المعتادة على الأرض)

- ‌هل رأى النبي صلى الله عليه وسلم ربه

- ‌حاجة الصحوة إلى الرعاية

- ‌بعض أهداف الباطنية ضد الإسلام

- ‌خطر الباطنية على الصحوة الإسلامية وتعدد الانتماءات

الفصل: ‌السعادة معنوية أكثر منها حسية

‌السعادة معنوية أكثر منها حسية

‌السؤال

قال الله تعالى: {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى} [طه:123] وقلت معلقاً على هذه الآية: إن الإنسان بقدر معاصيه سوف يشقى في هذه الدنيا، فهل إذا رأينا أي شخص غير سعيد في حياته نقول: إن هذا من معصيته لله سبحانه وتعالى، مع العلم أن الله قد يختبر عباده ليعلم الصابرين، فكيف نفرق بين هاتين المسألتين؟

‌الجواب

الكلام عن حقيقة الشقاء وحقيقة النكد لا ننظر إليها النظرة الظاهرية، ولكن ننظر إليها من خلال النظرة الحقيقية، إن المؤمن بالله حق الإيمان لو ذهب بصره أو ذهبت نفسه أو أمواله أو أولاده فهو مطمئن وسعيد؛ لأنه يرضى بقضاء الله عز وجل، ويعلم أن هذا ابتلاء، وأن الله تعالى سيعوضه خيراً منها، وأنه يجب عليه أن يصبر وأن ما قدر الله فهو كائن مهما كان محتاطاً، فالمؤمن مطمئن، والإنسان المؤمن إيماناً حقيقياً وهو فقير مدقع بحالة يرثى لها ومع ذلك تجد كلمته وحاله يقول: الحمد لله على كل حال، وهذا من فضل الله، ونحمد الله، ونحن خير من غيرنا، كما أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بقوله:{انظروا إلى من أسفل منكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله} فهو سعيد مطمئن؛ وإن كان ظاهره أمام الناس في الشقاء، فهو يعلم أنه إن كان صرف عنه الناس ففيه خير {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ} [البقرة:216] وهذه الآية من قواعد المؤمن، فالصبر والثقة في الله عز وجل واحتساب البلوى عند الله طمأنينة تعوض الإنسان، ولا يجدها الكافر أبداً ولا يشعر بها لأنه فاقد لهذه النعمة.

وكم من الناس اهتدى إلى الإيمان لما أصيب بمصيبة أو بمرض، وكم من الناس أصابته نكبة مالية فكانت سبباً في ثرائه فيما بعد، وكم من إنسان طرد من وظيفته فكان ذلك فتحاً له في عمل آخر يدر له الخير، وكم وكم من الواقع، فكيف بحال من يؤمن بالله وبما أعد الله وادخر له في الدار الآخرة، فهذه هي حقيقة الشقاء، كما أن تلك حقيقة السعادة، وأما الكافر فمهما بلغ من الثراء فهو نكد شقي يائس قانط لا يطمئن أبداً، لأن القلب لا يطمئن أبداً إلا بالإيمان بالله سبحانه وتعالى:{أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد:28] هذا للحصر، وفي غير ذكر الله عز وجل لا يتم إلا الشقاء.

ص: 17