المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌واقع إيماننا وارتباطه بالمادة - دروس للشيخ سفر الحوالي - جـ ٩٩

[سفر الحوالي]

فهرس الكتاب

- ‌أثر الإيمان في بناء الأمم

- ‌أهمية الإيمان وأثره في واقع الحياة

- ‌واقع إيماننا وارتباطه بالمادة

- ‌التكافل الاجتماعي في الإسلام مرتبط بالإيمان

- ‌الاهتمام بالمادة دون الإيمان سبب في زوال الأمم

- ‌عدم الإيمان سبب زوال الأمم السابقة

- ‌أثر الإيمان في حياة الرسول والصحابة

- ‌الإيمان سبب في الحياة الطيبة

- ‌حال بني إسرائيل في ظل فرعون

- ‌قيمة الإيمان والمادة وأثرها في واقع الحياة

- ‌أحوال الأمة اليوم مع الإيمان والمادة

- ‌السبب في عدم نزول عقاب الله على دول الكفر

- ‌تحمل هذه الأمة لمسئولية نشر الإسلام

- ‌كيف نحقق النصر؟ وما هي أسبابه

- ‌الأسئلة

- ‌الحداثة وخطرها على المؤمن

- ‌السعادة معنوية أكثر منها حسية

- ‌أثر الفرد في بناء الأمة

- ‌حب الدنيا معناه وضعها في القلب لا في اليد

- ‌زيادة الإيمان ونقصانه

- ‌الرد على قول الصوفية (أن حياة القبور تشابه الحياة المعتادة على الأرض)

- ‌هل رأى النبي صلى الله عليه وسلم ربه

- ‌حاجة الصحوة إلى الرعاية

- ‌بعض أهداف الباطنية ضد الإسلام

- ‌خطر الباطنية على الصحوة الإسلامية وتعدد الانتماءات

الفصل: ‌واقع إيماننا وارتباطه بالمادة

‌واقع إيماننا وارتباطه بالمادة

إن العالم اليوم يخاف من الانهيار ويخشى منه، وما من دولة أو فرد إلا وهو يخشى ذلك ويحسب له كل حساب، حتى أقوى وأغنى دول العالم فإنها تتحدث كثيراً عن مسألة الوجود، وإثبات الوجود، وتضع الخطط البعيدة المدى لتبقى ولتصارع ولتزاحم في خضم معترك الحياة، التي جعلوها -هم- صراعاً كصراع الوحوش في الغابات، ولكن كل من يؤمن بالله واليوم الآخر يدرك أن هذا العالم -إلا ما ندر- لا ينظر إلى مسألة الانهيار، وأسباب سقوط الأمم إلا من زاوية واحدة فقط وهي الزاوية المادية أو الاقتصادية.

حتى هذه الأمة المباركة؛ بل حتى الذين يقرءون كتاب الله ويسمعونه آناء الليل والنهار، ويسمعون الأذان خمس مرات في اليوم والليلة -وأكثرهم من هذه الأمة- أصبحوا يصدقون هذا، فيبنون خططهم وأفكارهم وآراءهم على أن الحياة مرتبطة بالاقتصاد وبالمادة، وأن الخوف الذي يجب أن يكون لدى الأفراد أو الأمم هو الخوف من الفقر والخوف من الجانب المادي أن ينهار فينهار الفرد أو تنهار الأمة، ويشغل ذلك حيزاً كبيراً من تفكير الناس، المسلم منهم والكافر.

ونحن أمة الإسلام والقرآن يجب علينا أن نعرض كل أمر من الأمور على كتاب ربنا، وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم، لنعرف قيمة هذا الإيمان وحقيقته، وأنه هو الذي به تصلح دنيانا وأخرانا، وأما المقاييس والمعايير التي يقيس بها الكفار والماديون والشيوعيون والملاحدة؛ فليست بحجة ولا بعبرة عند من يؤمن بالله واليوم الآخر، ومن يؤمن بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

فهذا نبي الهدى والرحمة صلى الله عليه وسلم يخبرنا فيقول: {ما الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم، فتتنافسوها كما تنافسوها، فتهلككم كما أهلكتهم} فأي رحيم وأي مشفقٍ وأي ناصحٍ أفضل وأعظم من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! لا أحد والله يساويه فضلاً؛ ومع ذلك ينصح لهذه الأمة، وهو الذي شفقته ورحمته ورأفته بنا كما قال الله عز وجل {بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة:128] وهو الذي في يوم القيامة يوم الكرب الأعظم الذي لا كرب أعظم منه، حين يقول: كل نبي: نفسي نفسي، يقول صلى الله عليه وسلم:{أمتي أمتي} .

ففعله صلى الله عليه وسلم هو من كمال الشفقة، والرحمة، والرأفة؛ ومع ذلك يخبرنا أنه لا يخشى علينا، وهو الذي يخشى علينا من أي ضرر وإن كان قليلاً، ويدلنا على ما ندفع به كل شر وإن كان بعيداً، فقوله:{ما الفقر أخشى عليكم} أي: أنه لا يخشى علينا الفقر مع أنه تعوذ منه صلى الله عليه وسلم استعاذ بالله منه، وهو مما يحاربه هذا الدين، بل إن الأمر في ديننا مختلف ومذهب وعن كل دين محرف.

ص: 3