المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الدعوة إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة - دروس للشيخ صالح المغامسي - جـ ٣٩

[صالح المغامسي]

فهرس الكتاب

- ‌طبت حياً وميتاً

- ‌عظيم منزلة رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ربه

- ‌قبسات مضيئة في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌القلوب محل حب الله وتعظيمه وإجلاله

- ‌عظيم شفقة رسول الله ورحمته بأمته في الدنيا

- ‌عظيم شفقة رسول الله ورحمته بأمته في الآخرة

- ‌الدعوة إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة

- ‌العبرة بمقام العبد عند ربه

- ‌طيب خلق رسول الله وخُلُقه

- ‌طيب مماته صلى الله عليه وسلم

- ‌دعوته إلى التراحم

- ‌حرصه صلى الله عليه وسلم على بيان عظمة الموقف بين يدي الله

- ‌الأسئلة

- ‌كيفية معرفة تعلق القلب بغير الله

- ‌مصير أبوي رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌بيان درجة الكافر والمسلم المتهاون في إيذاء رسول الله

- ‌عاقبة المستهزئ برسول الله في الدنيا

- ‌الطريق إلى خشية الله

- ‌حكم التقصير في طاعة رسول الله مع ثبوت محبته في القلب

- ‌أفضل الكتب في أسماء الله وصفاته وزيادة محبته

- ‌لا نهاية لصفات الله

- ‌نصيحة للمتعرض للفتن

- ‌دور المرأة في نصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الأسباب المعينة على قيام الليل

- ‌حكم التضحية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌نظرة في شارات نصرة رسول الله رداً على الدنمركيين

- ‌حمق الدنمركيين في استهزائهم برسول الله صلى الله عليه وسلم

الفصل: ‌الدعوة إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة

‌الدعوة إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة

ومن الجوانب العطرة والنضرة في سيرته صلى الله عليه وسلم: ما أكرمه الله جل وعلا به من الدعوة إلى الله جل وعلا بالأسلوب الأمثل وكمال الحسن والرفق في الخطاب حتى يبين دين الله جل وعلا على الوجه الأمثل والطريق الأقوم، فلا تبقى لأحد حجة على الله بعد بعثته صلوات الله وسلامه عليه.

وضع على ظهره سلا الجزور وهو يوم ذاك -وما زال صلى الله عليه وسلم أعظم الخلق كرامة عند الله.

والدرس العلمي المأخوذ من هذه الحادثة أن تعلم أن مقام العبد لا يعرف بحاله عند الناس، فالناس لا يرون منك إلا الظاهر، لكن الأمر العظيم هو مقامك عند ربك جل وعلا.

فالنبي صلى الله عليه وسلم ساجد عند الكعبة وسلا الجزور على كتفيه، وزعماء قريش ينظرون إليه ويتضاحكون، وهو صلى الله عليه وسلم عند ربه في أعلى المقامات وأرفع الدرجات.

والدنيا لم يجعلها الله جل وعلا دار مكافأة، ومن أعظم ما يدلك على حقارة الدنيا أن الله جل وعلا أذن قدراً أن يعصى فيها، ولو كانت للدنيا كرامة عند الله لما أذن الله قدراً لأحد أن يعصيه فيها.

وهذا أمر ينبغي لكل من يحيا في هذه الحياة الدنيا أن يستصحبه في كل شأن؛ لأن الإنسان إذا كان ينتظر من الناس مدحاً أو ثناءً أو رفيع قدر فسيتعب تعباً كبيراً، وأول طرائق العظمة أن تبدأ بنفسك، ولن تكون عظيماً حتى تكون عظيم العبودية لله جل وعلا.

واعلم -يا أخي- أن لله جل وعلا صفات، كلما ازدت عنها بعداً كنت من الله أقرب، ولله جل وعلا صفات كلما التصقت بها كنت من الله أقرب، وهذه الصفات لا تعرف بضابط أو قاعدة، وإنما تعرف بحيثيات الشرع.

فلا يوجد حال ذلة يكون فيه ابن آدم أعظم من أن يضع جبهته على الأرض، فهذا موضع ذلة بلا شك، ولما كان هذا أعظم حال ذلة يفعله بنو آدم وجب ألا يصرف إلا للرب تبارك وتعالى.

قال الله لنبيه: {كَلَّا لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} [العلق:19] فلما سجد صلى الله عليه وسلم حيث أمره الله كان أقرب إلى ربه جل وعلا، فكلما ازدت عبودية للرب تبارك وتعالى وانكساراً بين يديه كنت إلى الله جل وعلا أقرب، فإن العظمة من شأنه وحده جل وعلا لا ينازعه فيها أحد.

والأمر الآخر: الكبر، فإن العظمة والكبرياء رداءان للحق تبارك وتعالى، فكلما تلبس الإنسان - عياذاً بالله - برداء الكبر كان من الله جل وعلا أبعد؛ لأنه ينازع الرب تبارك وتعالى في ما هو من صفاته وخصائصه التي لا ينبغي أن ينازعه فيها أحد جل جلاله.

ومن صفات الله جل وعلا الرحمة، فمن كان رحيماً بالخلق طمعاً في أن يرحمه الله كان قريباً من رحمة الله جل وعلا، قال الله جل وعلا:{إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [الأعراف:56].

وقال صلوات الله وسلامه عليه لأحد الصحابة: (والشاة إن رحمتها يرحمك الله)، وقال:(من لا يرحم لا يرحم).

وكلما كان الإنسان عفواً غفوراً عمن حوله ممن يخطئون عليه كان أدنى إلى عفو الله جل وعلا ورحمته وغفرانه، وهذا الذي ينبغي أن تحكم فيه آيات الكتاب المبين وأخبار سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم.

ص: 7